الجزائر- أجمع محللون وأكاديميون متتبعون للعلاقات الجزائرية الفرنسية بأن ملف جماجم المقاومين الجزائريين المتواجدين في متاحف فرنسا هو جزأ لا يتجزأ من الوحشية البربرية لمستعمر الأمس الذي
كان لا يقتل فقط بل يقتل وينكل بالجثث ويقطع رؤوس المجاهدين وشهداء الثورة التحريرية المظفرة ليضعهم في متاحفه ثم يحاول الابتزاز بهم كورقة سياسة ضاغطة، أحيانا من طرف الحزب الاشتراكي وأحيانا من طرف اليسار، وأحيانا من طرف اليمين، وأحيانا أخرى من طرف اليمين المتطرف خصوصا عندما يحتدم الصراع على الاستحقاقات الانتخابية في هذا البلد.
وتساءل البعض في تصريحات لـ(الموعد اليومي) هل وزارة المجاهدين تكون قد راسلت السلطات الفرنسية في هذا الموضوع بالذات أم لا ..؟ خصوصا وأن لاشيء أثير بشأن هذا الأخير و هل المسألة لها علاقة بالتريث لدراسة الملف أم أن الأمر مجرد تقاعس أم موقف سياسي في حين يرى البعض الآخر أن الملف ممكن حله من الناحية القانونية طبقا للقوانين الدولية وقانون اليونسكو وكذا القانون الفرنسي في حد ذاته الذي يتيح ويسمح للعائلات بحق المطالبة ببقايا الإنسان شريطة أن يتم دفنه .
عبادو : لو كان لدى الفرنسيين جانب من ” الإنسانية ” لتجاوبوا مع ملف ” جماجم المقاومين”
قال سعيد عبادو الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين بأن الفرنسيين لو كان لديهم جانب من الإنسانية لتجاوبوا بإيجابية مع قضية (جماجم المقاومين الجزائريين) المتواجدين في فرنسا، مضيفا بأن الملف يبقى في يد الحكومة الجزائرية ولابد أن تكون هناك معالجة سريعة له.
وقال عبادو في تصريح لـ (الموعد اليومي) بأن أسرة المجاهدين لم تستغرب موقف فرنسا في ملف (جماجم المقاومين) الجزائريين على غرار الملفات الأخرى بالرغم من انتهاء مرحلة الاحتلال الفرنسي للجزائر ولهذا وجب على الجزائريين أن يعوا ويدركوا أن فرنسا كانت تقتل في الجزائر وتأخذ جماجم الشهداء معها كتلك التي أخذت في مناطق التجارب النووية ليتم إجراء عليها تجارب متنوعة دون أدنى إنسانية.
القورصو: جماجم المقاومين الجزائريين (بطاقة) تريد فرنسا توظيفها سياسيا
قال المؤرخ والدكتورمحمد القورصو بأن علامات استفهام ما تزال قائمة في قضية (جماجم المقاومين) الجزائريين المتواجدين في متاحف فرنسا متسائلا في هذا السياق هل وزارة المجاهدين راسلت السلطات الفرنسية في هذا الموضوع بالذات أم لا ..؟ خصوصا وأن لا شيء أثير بشأن هذا الأخير، وثانيا هل المسألة لها علاقة بالتريث لدراسة الملف أم هو تقاعس أم موقف سياسي..؟.
وأكد محمد القورصو في تصريح لـ (الموعد اليومي) بأن مسألة جماجم المقاومين الجزائريين لدى فرنسا وأرشيف الثورة والتجارب النووية الفرنسية بالجزائر هي كلها مواضيع مرتبطة يبعضها البعض لأنها جرائم ضد الإنسانية بامتياز، ولا يمكن أن نفصل جريمة عن أخرى. وبالتالي المسألة ككل جوهرية تتعلق بسياسة فرنسا الاستعمارية التي تعني كل الجزائريين خاصة وأن المغزى بالدرجة من كل هذا وذاك أن السلطة تدافع عن الشعب الجزائري وعن حضارته وذاكرة شهداء المقاومة.
وأوضح القورصو أن الجزائريين ما يزالون يموتون من الجرائم الفرنسية مستدلا بالتجارب النووية التي قامت بها فرنسا بالجزائر وخطر القنابل التي ما تزال تقتل إلى اليوم، مشيرا بأن المؤسف أن الطرف الفرنسي هو الذي يثير هذه المواضيع وبالمقابل كنا نحن دائما نتجاهلها
ونبه محمد القورصو أن الملفات العالقة بين الجزائر وفرنسا كانت دائما ملفات مجملة للطبقة السياسية في هذا البلد سواء لليسار أو اليمين أو اليمين المتطرف حيث كانوا يتجندون دائما إذا تعلق الأمر بالاستحقاقات الانتخابية عندهم ولهذا فهم يعتبرونها بمثابة بطاقة سياسية لهم.
وتابع القورصو بأن الرئيس الراحل ميترون فاز في عهدته الرئاسية لأنه استطاع تجنيد الرأي العام الفرنسي في قضية ما يسمى حقوق الأقدام السود وواجبات الحركى وبالتالي كل الملفات التي تحركها فرنسا ملفات سياسية (قديمة جديدة) تخرج في كل فترة ليوظفها الحزب الاشتراكي وسيوظفها غيره.
قنطاري محمد : الجزائر مطالبة باستعادة جماجم المقاومين وجماجم قادة الثورة
تأسف قنطاري محمد الباحث في تأريخ الجزائر والمحلل السياسي، إزاء الموقف الرسمي الجزائري في قضية ما بات يعرف (جماجم المقاومين الجزائريين) الموجودين في المتاحف الفرنسية التي تطالب الجزائر باسترجاعها في وقت ردت الخارجية الفرنسية هذه الايام على لسان مسؤول بأن هذه الأخيرة لم تقدم طلبا رسميا في ذلك.
وقال قنطاري محمد في تصريح لـ (الموعد اليومي) بأنه كان يتعين على الباحثين والمؤرخين والدارسين لتاريخ الجزائر أن يقفوا وقفة رجل واحد ليردوا على استفزازات الجانب الفرنسي في قضية جماجم المقاومين ويدحضوا كل دعاياتهم المغرضة التي تهدف لمساومة الجزائر وتركيعها ويطالبوها بهذه الجماجم وجماجم قادة الثورة (غير المعروفين) كذلك الذين قتلوا ونكل بجثثهم ودفنوا في أماكن سرية دون أن يعلم بهم أحد إلى يومنا هذا.
وشدد قنطاري محمد بأن فرنسا الاستعمارية ارتكبت جرائم بشعة في حق الجزائريين باعتبارها دولة استيطانية واستغلالية وبالتالي يجب على الجزائر أن لا تسكت عن حقها الضائع وترد بكل حزم في الوقت المناسب على كل سياسة عدائية تجاهها ببساطة لأن الأمر يتعلق بتاريخ الشهداء والمقاومين.
بن شريط: الجزائر لن تسمح بابتزازها في ملف جماجم المقاومين
أكد بن شريط عبد الرحمان أستاذ الفلسفة السياسية بأن (جماجم المقاومين) الجزائريين يشكل ملفا محرجا للجانب الفرنسي أكثر منه للجانب الجزائري باعتبار أنه قد أسقط (ورقة التوت) التي عرت حقيقة الدولة الاستعمارية التي قتلت خلال بداية حملتها على الجزائر ربع سكانها (حوالي 6ملايين جزائري).
وأكد بن شريط عبد الرحمان بأن الجزائر لا تخفي قداسة أولئك الذين قضوا نحبهم أثناء الثورة التحريرية، وفي الوقت نفسه لا تسمح أن يتم ابتزازها بعد الاستقلال في أحد الملفات العالقة التي تبقى بينها وبين فرنسا التي لا تريد أن تغلق هذا الملف بسرعة.
وأوضح بن شريط بأن ملف جماجم المقاومين لا يقلل من قيمة الشهداء الأبرار بل يلقي بظلاله على وحشية مستعمر الأمس الذي يريد اليوم أن يحرج الجزائر التي دفعت النفس والنفيس من أجل الاستقلال .
بن براهم : من الناحية القانونية يمكن استرجاع جماجم المقاومين
قالت فاطمة الزهراء بن براهم المحامية والناشطة الحقوقية بأن القانون الدولي وقانون اليونسكو وكذا القانون الفرنسي تسمح من الناحية القانونية باسترجاع جماجم المقاومين الجزائريين بطلب من عائلاتهم، الملف الذي أسيل عليه الكثير من الحبر في الآونة الأخيرة .
وأوضحت فاطمة الزهراء بن براهم بأنها بصفتها ممثلة بعض عائلات المقاومين الجزائريين كانت قد أجرت عدة اتصالات في فرنسا مع إدارة المتحف بهدف تذليل كل العقبات خاصة من الناحية القانونية بهدف استرجاع جماجم بعض هؤلاء المقاومين الجزائريين حيث تم التعامل معها بشكل إيجابي جدا .
وأوضحت فاطمة الزهراء بن براهم بأن القانون الفرنسي واضح في هذا الشأن حيث ينص على أن أفراد العائلة من حقهم استرجاع بقايا الإنسان شريطة أن يتم دفنه مباشرة ولا يتم وضعه في متاحف أو شيء من هذا القبيل وبالتالي -تضيف بن براهم- هناك مساع حثيثة مع جانب إدارة المتحف المذكور من الناحية القانونية لاسترجاع هذه الجماجم بعيدا عما يقال هنا وهناك في السياسة.