من أوائل المناضلين في حزب الشعب الجزائري

حســين عسلـــة.. كرّس حياته في سبيل أن يحيا الوطن

حســين عسلـــة.. كرّس حياته في سبيل أن يحيا الوطن

يعد الشهيد حسين عسلة من مواليد 20 مارس 1917 بقرية إغيل إيمولا بتيزي وزو، قضى جزءا من طفولته في مسقط رأسه وتربى على يد والده عمار ولحاج، الذي يعترف بشجاعته وحكمته كل سكان القرية، حسب شهادة رمضان عسلة.

أدخله والده إلى المدرسة القرآنية والفرنسية في آن واحد، وهكذا تعلم المبادئ الأولى في اللغتين العربية والفرنسية، وفي 12 من عمره التحق بأخيه الأكبر أعراب الساكن في الجزائر، وكان رجل أعمال ومستشارا قانونيا.

واصل حسين عسلة دراسته الابتدائية بمدرسة فاتح إبراهيم أعالي القصبة، كما كان يتابع دروسا في اللغة العربية بإحدى المدارس الحرة.

كان يدرك أهمية التعليم كسلاح في الكفاح ضد العدو الفرنسي، فكان يحث الشباب على التعليم في أي لغة كانت، ولم ينقطع عن التعليم والتثقيف طيلة حياته، وكان يتحكم في اللغتين العربية والفرنسية، يقول ابن عمه رمضان عسلة.

كان من السباقين للانضمام إلى حركة الاستقلاليين وهو صاحب 19 سنة، حيث أسّس في 1936 مجموعة مكونة من الشباب الوطنيين في إقامته، بعدها ربط الاتصال مع محمد طالب، الذي جمع عددا من الشباب في 22 ديسمبر 1942 بمدرسة الرشاد 10 نهج ميدي بالقصبة، وعددهم سبعة شبان وهم محمد طالب، محمود عبدون، حسين عسلة، سيد علي عبد الحميد، أحمد بن شيخ حسين، علي حليت وعبد المالك تمام.

تقرّر خلال هذه الجلسة إنشاء منظمة شبان القصبة، التي نفّذت عمليات فدائية وتوسّعت فيما بعد إلى حي بلكور، حيث أنشئ قسم آخر للمنظمة، وكان هؤلاء قد انضموا إلى حزب الشعب الجزائري ودعّموه بمناضلين متحمّسين وذوي كفاءات.

كان الشهيد حسين عسلة من أوائل المناضلين في حزب الشعب الجزائري ثم حركة انتصار الحريات الديمقراطية، وأجمعت كل الشهادات على وطنيته وإخلاصه في النضال ونبل أخلاقه.

كرّس الشهيد حياته لتوعية الجزائريين استعدادا لتحرير البلد من براثن الاستعمار لولا أن المرض سبقه وتوفي عن عمر لا يتجاوز 31 سنة، وخصّص له سكان الجزائر جنازة تاريخية شارك فيها آلاف الأشخاص، الذين جاؤوا من كل ناحية ليؤدوا له الوداع الأخير.

“وجه بارز في الحركة الوطنية” هكذا وصفه ابن عمه المجاهد رمضان عسلة، من السباقين للحركة الوطنية المطالبين باستقلال الجزائر مطلع الثلاثينيات، رغم ضعف صحته، قال: “إن حماسه والتزامه ووطنيته جلبت الانتباه ضمن حزب الشعب الجزائري وحركة انتصار الحريات الديمقراطية، حيث مارس وظائف ومسؤوليات هامة إلى غاية وفاته المبكرة في سن الـ 31”.

وأضاف: “إنّ كفاح حسين عسلة ضد الاستعمار والنهج الذي سلكه لم يذهب سدى، فقد كان له الأثر البالغ على شباب الجزائر العاصمة وعلى شبان قرية مسقط رأسه، الذين انضم الكثير منهم إلى صفوف حزب الشعب وحركة انتصار الحريات، وبعد ذلك في صفوف جيش التحرير الوطني”.

من بين العمليات التي شارك فيها حسين عسلة، تنظيم مظاهرة مع محمد طالب في 30 سبتمبر 1943، حضرها ما بين 400 إلى 500 متظاهر منادين بشعارات “تحيا الجزائر حرّة إلا الفاشية”، في 1944 عيّن عضوا في المكتب السياسي مع بعض أعضاء المنظمة لما تميز به من حيوية وانضباط وسهولة في ربط العلاقات مع الآخرين.

أدّى دورا فعّالا ضمن حزب الشعب منذ توليه المسؤولية رغم متاعبه الصحية، حيث كلّف بمهام حسّاسة من طرف قيادة الحزب داخل الجزائر وخارجها فيما بعد، تنقل عبر التراب الوطني من أجل تنصيب الخلايا السرية للحزب، خاصة في منطقة القبائل، أين كان يلتقي المسؤولين المحليين أمثال علي حليت، منسق تيزي وزو، محمد أوشيش، مسؤول منطقة ذراع الميزان.

في هذا الإطار، كلّف ابن عمه رمضان عسلة، كاتب هذه السرية بتكوين خلية لحزب الشعب في بوغني، حيث كان موظفا في مصلحة البريد، وفي 1943 كلفه الحزب مع محمد لمين دباغين بمهمة التفاوض مع فرحات عباس، ورفقائه لوضع أرضية سميت بأحباب البيان والحرية، حسب شهادة محفوظ قداش، عقدت الجلسة في منزل الأستاذ المحامي بومنجل في 02 نهج فيالار الجزائر.

في 1944 تنقّل حسين عبر كامل الجزائر لنشر المبادئ التي يتبناها الحزب ويدافع عنها، ساهم في إنشاء جريدة الحزب عنوانها “L’Action Algérienne”، وكان من بين كتابها حسين لحول، مصطفى لشرف، بن علي بوكرت، قدور سطور، محمد غرسي، وحسين عسلة، كانت توزع سريا صدرت ما يقارب سنة أثّرت تأثيرا كبيرا في أوساط الشباب.

كان حسين عسلة يبعث بنسخ من الجريدة إلى ابن عمه رمضان في بوغني، حيث تقرأ من طرف الآلاف من المناضلين والمحبين في قرى القبائل، توقفت عن الصدور في 1945.

رغم الاضطرابات الصحية التي كان يعاني منها حسين لحول، وهي مرض القلب، إلا أنه كان لا يتردّد ولا يتأخر عن كل العمليات في مواجهة المخاطر من بينها تنظيم مظاهرات 1 ماي 1945، مع مجموعة من رفقائه.

ألقي عليه القبض في المظاهرات رفقة أحمد مزغنة وسجن، وعندما اكتشف أنه يعاني من مرض خطير نقل إلى مستشفى مصطفى باشا، لكنه تمكّن مع رفيقه من الهرب من المستشفى بداية 1945 للالتحاق بقادة الحزب، ووجدا في انتظارهما سعيد عمران على متن سيارة.

توجّه أولا نحو منزل ابن عمه محمد بن أحمد عسلة الكائن بـ 3 نهج الدكتور رو، لأنه كان ينزف دما من فمه وأنفه نتيجة التعب الذي أصابه أثناء هروبه. عندما تحسّنت حالته بعد أيام، أخذه صديقه سعيد عمراني إلى مكان آخر، حيث دخل في السرية التامة لينشط مع بعض القياديين، الذين تمكّنوا من الإفلات من الشرطة الفرنسية، وفي 1946 أصدرت الحكومة الفرنسية عفوا شاملا لصالح الأشخاص الذين شاركوا في أحداث ماي 1945.

في أكتوبر 1946، وبتكليف من قيادة الحزب سافر عسلة إلى فرنسا لإعادة تنظيم الفدرالية هناك، خلال سنوات 1946-1947 قرّر الحزب خوض معركة الانتخابات البلدية والبرلمانية تحت مظلة حركة انتصار الحريات الديمقراطية.

ترشّح للمجلس البلدي للجزائر العاصمة وفاز بالأغلبية في المدن الكبرى الجزائر، قسنطينة، عنابة، بجاية، تلمسان وتيزي وزو، رغم ضغوطات الإدارة الاستعمارية، شغل منصب نائب رئيس بلدية الجزائر وبعد مؤتمر حزب الشعب/ حركة انتصار الحريات الديمقراطية المنعقد في فيفري 1947 ببلكور، تقرّر إنشاء منظمة خاصة شبه عسكرية لتحضير وتدريب المناضلين القادرين استعدادا للكفاح المسلح.

شارك حسين عسلة في هذا المؤتمر، وكانت آخر أعماله النضالية من أجل تحرير الجزائر، ونهاية 1947 تأزّمت حالته الصحية بسبب مرض القلب الذي كان يعاني منه مدة سنتين، أدخل مستشفى مصطفى باشا، لكن لم يتمكّن الأطباء من إنقاذه وتوفي في 10 جانفي 1948 وعمره 31 سنة.

ASSELAH Hocine - Mouloudia Club Algérois