الحصن الثاني: الصلاة المطمئنة الخاشعة
قال الله عز وجل ” إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ” المعارج:19-22، والرسول صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى؛ أخرجه أبوداود؛ قال الإمام ابن الأثير الجزري رحمه الله: أي إذا نزل به مُهم أو أصابه غمٌّ”. وكان عليه الصلاة والسلام يقول: ” قُم يا بلال، فأرحنا بالصلاة” ؛ أخرجه أبوداود، قال العلامة ابن القيم رحمه الله: من علامات صحة القلب أنه إذا دخل في الصلاة ذهب عنه همُّه وغمُّه بالدنيا، واشتد عليه خروجُه منها، ووجد فيها راحته ونعيمه، وقُرَّة عينه وسرور قلبه.
ويقول الدكتور ناصر بن عبد الله بن ناصر التركي: إن أثر الصلاة في علاج القلق يفوق الأثر الذي يحدثه أسلوب العلاج النفسي، فالصلاة زيادة على أنها تحرِّر الإنسان من القلق، فإنها تُمده بطاقة روحية تجدِّد فيه الأمل، وتقوِّي عزيمته وإرادته، وتجعله أكثر تحملًا لمشاق الحياة وأعبائها، وقد أدرك هذا الأثر أحد الأطباء؛ إذ يقول: إن الصلاة هي أهم أداة عرفت إلى الآن لبث الطمأنينة في النفوس، وبث الهدوء في الأعصاب.
الحصن الثالث: كثرة ذكر الله عز وجل
كثرة ذكر الله عز وجل تطرد الشياطين، فتذهب عند ذاك الهموم، وتنجلي المخاوف، ويزول القلق، قال العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه النافع المفيد “الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب”: وفي الذكر أكثر من مائة فائدة، وذكر منها: أنه يزيل الهم والغم عن القلب، وأنه يجلب للقلب الفرح والسرور والبسط، وأنه يقوِّي القلب والبدن، أن ذكر الله عز وجل يسهل الصعب، ويُيسر العسير، ويُخفِّف المشاق فما ذكر الله عز وجل على صعب إلا هان، ولا على عسير إلا تيسَّر، ولا مشقة إلا خفَّت، ولا شدة إلا زالت، ولا كربة إلا انفرجت، فذكر الله تعالى هو الفرج بعد الشدة، واليسر بعد العسر، والفرج بعد الهم والغم، يوضِّحه أن ذكر الله يُذهبُ عن القلب مخاوفه كلها، وله تأثير عجيب في حصول الأمن، فليس للخائف الذي قد اشتدَّ خوفه، أنفع من ذكر الله عز وجل، فإنه بحسب ذكره يجد الأمن ويزول خوفه. قال السعدي رحمه الله: قال عز وجل ” الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ” الرعد: 28؛ أي: يزول قلقها، واضطرابها، وتحضر أفراحها ولذاتها.