الحصن الرابع: التوبة من جميع الذنوب والمعاصي
للذنوب والمعاصي آثارٌ على العبد في دنياه وآخرته، منها في دنياه: ما يصيبه من قلق وخوف، قال العلامة ابن القيم رحمه الله: ومن عقوباتها ما يلقيه الله سبحانه من الرعب والخوف في قلب العاصي، فلا تراه إلا خائفًا مرعوبًا، فلا تجد العاصي إلا وقلبه كأنه بين جناحي طائر، ومن وفَّقه الله وأعانه وتجنَّب المعاصي والآثام، زال عنه ذلك الخوف والحزن، فالتوبة فيها راحة مما يقلق النفس؛ يقول الطبيب النفسي الدكتور محمد عبد الفتاح المهدي نقلًا عن الطبيب النفسي الدكتور محمد عثمان نجاتي: التوبة إلى سبحانه وتعالى تقوِّي في الإنسان الأمل في رضوان الله، فتخف حِدَّةُ قلقه، ثم إن التوبة تدفع الإنسان عادة إلى إصلاح الذات وتقويمها؛ حتى لا يقع مرة أخرى في الأخطاء والمعاصي، ويساعد ذلك على زيادة تقدير الإنسان لنفسه، ورضائه عنها، ويؤدى ذلك إلى بثِّ الشعور بالأمن والطمأنينة في نفسه، ويقول نقلًا عن الدكتور مصطفى فهمي: التوبة تفتح أمام الإنسان الأمل، وهذا الأمل يجعله يشعر بالراحة النفسية، والنظر إلى الحياة نظرة مختلفة، يسودها التفاؤل بعد أن كانت نظرته كلها تشاؤم وخوف ومرارة.
الحصن الخامس: الاشتغال بعمل من الأعمال
قال العلامة السعدي رحمه الله: ومن أسباب دفع القلق الناشئ عن توتر الأعصاب: الاشتغال بعمل من الأعمال، أو علم من العلوم النافعة، فإنها تلهي القلب عن اشتغاله بذلك الأمر الذي أقلقه، وربما نَسِيَ بسبب ذلك الأسباب التي أوجبت له الهم، والغم، ففرِحت نفسه، وازداد نشاطه، فكم من إنسان ابتُلي بالقلق وملازمة الأكدار، فحلَّت به الأمراض المتنوعة، فصار دواؤه الناجع: نسيان السبب الذي كدَّره وأقلقه، واشتغاله بعمل من مهماته، وينبغي أن يكون الشغل الذي يشتغل فيه مما تأنَس به النفس، وتشتاقه، فإن هذا أدعى لحصول هذا المقصود النافع، والله أعلم.
ولعل الاشتغال بهذا العمل من أسباب تقليل الوقت الذي يُقضى في متابعة وسائل الإعلام، فكما لا يخفى أن الأخبار التي تنقلها تسبب القلق والخوف من هذا الوباء. وفي الختام: كلما ازداد تديُّن المرء وإيمانه، كان ذلك عامل وقاية كبير له من الإصابة بالضغوط والأمراض النفسية، وفي تمتُّعه بصحة نفسية عالية، اللهم احفظنا وجميع المسلمين من كل مكروه ووباء، وارفع عنا ما وقع بنا، إنك سميع الدعاء.