موطن السكون النفسي والعلاج الطبيعي

حمامات قالمة.. قبلة الباحثين عن الراحة في فصل الربيع

حمامات قالمة.. قبلة الباحثين عن الراحة في فصل الربيع

يجد الزائر في حمامات ولاية قالمة الطبيعية كل ما ينشده من راحة وسكينة وطمأنينة، حيث أبدع الخالق في صنعها، فكانت بحق من خير ما صوَر الله في خلقه وأبدع في ملكوته.

تزخر ولاية قالمة بعدد من الأحواض والحمامات المعدنية الطبيعية، التي تعول عليها السلطات في بناء قاعدة متينة لـ “سياحة حمامات معدنية”، تجذب السياح المحليين وخصوصا الأجانب.

هذا، وتعتبر ولاية قالمة منطقة استراتيجية لتموقعها على ضفاف وادي “سيبوس”، حيث تزخر هي الأخرى بحماماتها المعدنية ومناظرها الطبيعية الرائعة، بالنظر إلى أهميتها الاستشفائية، ما جعلها تستقطب الكثير من الزوار، سواء من عشاق الاستجمام، أو الباحثين عن الشفاء، خاصة بشهرتها وغناها بالمياه النقية والشلالات المعدنية الساخنة التي تمتلك قدرة هائلة على علاج الكثير من الأمراض، كما تتمتع المنطقة بطبيعة فاتنة خاصة في فصل الربيع، حيث تعرف السياحة الحموية بولاية قالمة انتعاشا كبيرا في هذا الفصل، ومن أشهر الحمامات الموجودة بها والتي تعتبر محجا للسياح في فصل الربيع، حمام “المسخوطين” وحمام “أولاد علي”.

 

حمام “المسخوطين”… خضرة طبيعية وشلالات نقية

يقع حمام “المسخوطين”، الجوهرة السياحية للولاية، على بعد 25 كلم غرب ولاية قالمة، يميزه هدوؤه الآسر ومناظره الطبيعية الخلابة التي تصنعها غاباته الكثيفة المزينة بأشجار الدفلة، في ديكور طبيعي مميز تزاوجت فيه خضرة الطبيعة ومياه الشلالات الصافية النقية، خاصة في أيام هذا الفصل البهيج، حيث يلاحظ الزائر اختناق حركة المرور في الطرق المؤدية من وإلى الحمام خاصة خلال عطلة نهاية الأسبوع، لاسيما على مسافة 5 كلم من الحاجز الثابت للدرك الوطني على الطريق الوطني الرابط بين ولايتي قالمة وقسنطينة إلى المدخل الرئيسي لحمام “المسخوطين”، فهناك تتشكل طوابير طويلة من السيارات بكل من محمية العرائس، محيط الشلالة والمركب السياحي إلى غاية الطريق المؤدي إلى بحيرة “بئر بن عصمان” من الجهة الشرقية وسد “بوهمدان” من الجهة الغربية، حيث تلتف العائلات القادمة من كل جهة للتمتع باخضرار الطبيعة وزرقة مياه السد للأنس والترويح، كما يستمتع الشباب هناك بصيد الأسماك من جهة أخرى، أما بئر بن عصمان فهو عبارة عن بحيرة جوفية وظاهرة غريبة تستقطب الكثير من الزوار سنويا وما تزال تحتفظ بأسرارها إلى يومنا هذا، حيث تحتوي على مياه عذبة وتمتاز بظلام دامس، وما تزال بعض العائلات من الزوار تضع القليل من الحناء والشموع كمزار لهذه البحيرة.

وبمجرد وصولك إلى الحمام تلفت انتباهك حركة ونشاط رجال ونساء وأطفال من مختلف الأعمار ومن مختلف ولايات الوطن، فارحين بقدوم هذا الفصل، متجولين هنا وهناك لاكتشاف الطبيعة الخلابة والتمتع بها، حيث يعد حمام “المسخوطين” أو “الشلالة” التي تعد بحق منطقة سياحية بامتياز يمكن للناس التجوال في أرجائها، فهذا الحمام مشهور ويحتل المرتبة الثانية عالميا من حيث درجة الحرارة بعد براكين إيسلندا، فمياهه تنبعث من باطن الأرض بدرجة 96 مئوية، وهي ساخنة جدا. وسمي بالشلالة لأن مياهه تأتي على شكل مياه ساخنة متدفقة ويفوق تدفقها 6500 لتر في الدقيقة، وقد سمي في البداية حمام “المسك والطين”، وتعود هذه التسمية إلى السكان القدامى الذين كانوا يتداوون بالمسك والطين، ولما جاء الاستعمار الفرنسي، ونظرا لصعوبة نطق الكلمات العربية تحولت التسمية إلى “المسكوطين”، ثم المسخوطين، كما يطلق عليه أيضا اسم حمام “الدباغ” نسبة إلى جبال الدباغ الشاهقة الملتفة حوله.

هذا، وتعددت التسميات والحمام واحد يعود استعماله إلى العهد الروماني، وقد تم تشييده بعد الاستقلال واستغرقت مدة إنجازه 8 سنوات من طرف مهندسين معماريين فرنسيين، فتح سنة 1976 ويتميز ببناء عصري. ويتكون مركب “الشلالة” من 61 غرفة و9 شقق و112 ملحقا، فهو عبارة عن فندق، بالإضافة إلى حمام معدني مجهز بكل وسائل الراحة من تدليك ومعالجة الكثير من الأمراض، فمياهه تتكون من الكالسيوم، المغنيزيوم، الكبريت، الصوديوم، الكلور، السولفات، البيكربونات، النترات والنتريل، وكلها تستعمل لعلاج أمراض الروماتيزم، ضغط الدم، العظام، المفاصل، آلام الظهر، أمراض الجلد والحساسية وأمراض النساء وغيرها…

 

الصخرة العملاقة… حيّرت من رآها وفتنت من زارها

بشموخ كبير وبرهبة مخيفة تقف الصخرة العملاقة التي أبدع الخالق في نحتها، فهي عبارة عن ترسبات كلسية تراكمت عبر ملايين السنين باللون الأبيض والبني والبخار متصاعد منها، وكذا جريان المياه الساخنة فوق الأرض، ويواصل عشاق الربيع التجوال حتى الوصول إلى حمام “ناجي” أو محمية العرائس، حيث يبهرك منظر الحجارة على شكل أشخاص أو عرائس، وبالقرب منها توجد حظيرة للعب الأطفال من سيارات وقطارات وشباب يتفننون في صنع الحلويات منها “لحية بابا” وكذا بيع الشاي وغيرها من المأكولات التي تؤكل عادة في التنزه… أما في الجهة العلوية، وأمام مدخل المركب السياحي، فتجلبك مناظر الأحصنة وأواني فخارية وإكسسوارات تقليدية للبيع مع أخذ الصور، فكل زائر من خارج الولاية يريد أن يلتقط صورة تذكارية بالمناسبة وأخرى عن الطبيعة العذراء، أما داخل المركب السياحي فتبهرك حلقات النساء والرجال وعائلات ملتفة تأخذ وجبتها تحت أشعة الشمس المشرقة والهواء النقي بعدما أخذ بعضهم حمامه، وجماعات أخرى من الشبان يرقصون على نغمات دف الطبول والمزامير.

 

حمام “أولاد علي” مؤهلات طبيعية صقلتها أحدث الوسائل

حمام “أولاد علي”.. الذي يجمع بين مركبين من أشهر المركبات في المنطقة، ويقع على بعد 15 كلم شمال شرق مدينة قالمة، فعلى الطريق الوطني رقم 80 الرابط بين ولايتي قالمة وسكيكدة يقع حمام “البركة” وحمام “بوشهرين”، وهما مركبان للخواص تحت اسم حمام “أولاد علي”، ويستقطب هذا الحمام عددا كبيرا من السياح للراحة والاستحمام ليل نهار. فحمام “البركة” مجهز بأحدث وسائل الترفيه ويحتوي على قاعات للمؤتمرات ومسبح الذي تفضله بعض العائلات للسباحة في فصل الصيف عوض الذهاب إلى البحر. أما حمام “بوشهرين” فهو مركب يتكون من حمام معدني بمياه ساخنة وفندق بالإضافة إلى مجموعة من الشقق وقاعة للتدليك والرياضة.

ويُعد حمام “أولاد علي” المعروف بـ (حمام البركة وبوشهرين) من أبرز المراكز العلاجية في ولايات الوطن، يحتوي المركب على مراكز العلاج الطبيعي مثل التدليك المائي، التنفس والتنشق، التدليك بالأيدي والعلاج الميكانيكي، كما يوجد علاج فيزيائي مثل العلاج الكهربائي. ويتوفر حمام “أولاد علي” أيضا على 4 ينابيع حموية، حيث توفر المركبات الراحة والهدوء للسياح. أما مياه حمام “البركة” وحمام “بوشهرين” فتنبع من باطن الأرض، حيث تبلغ درجة حرارتها 57 مئوية وتتكون من المغنيزيوم، الكربونات، السلفات، الصوديوم، الكالسيوم والبوتاسيوم وتفيد في معالجة أمراض التهاب المفاصل، أمراض الأعصاب، أمراض عصبية نفسية، الرئوية من ربو والزلة الرئوية، أمراض الأنف والأذن والحنجرة وكذا الأمراض الجلدية.

ونظرا لموقعها الاستراتيجي الهام في منحدر سلسلة جبلية وكثرة مياهها العذبة المنبثقة من الينابيع وحماماتها المعدنية، فهي تعد قطبا من أقطاب السياحة في بلدنا، إلا أن العديد من السياح والقاطنين في المنطقة يشتكون من نقص وسائل الترفيه، وكذا بعض ضروريات السياحة كأماكن وضع النفايات والمراحيض وغيرها.. وهو ما يستدعي التفات السلطات.

ل. ب