-
“الخارجون عن القانون” وملهمو ثوار العالم
عندما قامت الثورة الجزائرية، قال الشهيد العربي بن مهيدي: “ألقوا بالثورة إلى الشارع يحتضنها الشعب، إن انتصرنا تحررنا وإن هُزمنا، فقد نلنا شرف المحاولة”.
ظنت فرنسا الاستعمارية أنها ستقضي على الثورة التحريرية الجزائرية باغتيال قادتها، وهو ما لم يحدث مطلقا، فرغم فقدان الثورة في مرحلتها الأولى خيرة أبنائها الذين سقطوا في ميدان الشرف، من أمثال بن عبد المالك رمضان وقرين بلقاسم وباجي مختار وديدوش مراد وغيرهم كثيرون، إلا أن الكفاح استمر حتى النصر، وعلى مدار سبع سنين متواصلة زادت الثورة قوة وتنظيما، فلم يؤثر استشهاد أو اعتقال أو تجويع أو تعذيب وغيرها من جرائم الحرب التي قامت بها فرنسا على عزيمة شعب أراد الحياة ومستعد للتضحية بالنفس والنفيس في سبيل استرجاع أرضه وسيادته.
قوة غير متكافئة لكن “صاحب الحق سلطان”
قبل تاريخ انطلاق ثورة التحرير بـ4 أشهر، وفي يوم 23 جوان 1954، التقى 22 شابا من شباب الحركة الوطنية، في منزل بأعالي العاصمة الجزائرية، ليطرحوا فكرة “الحل العسكري”، كبديل لما اعتبروه فشلا في المسار السياسي السلمي، داخل الحركة الوطنية.
وعلى إثر هذا الاجتماع -الذي ترأسه مصطفى بن بولعيد- انبثق قرار تعيين مجموعة مصغرة للقيام بالتحضيرات النهائية لإطلاق الثورة الأعظم في التاريخ، ليكون تاريخ 23 أكتوبر 1954 موعدا للقاء مجموعة الستة (محمد بوضياف، مصطفى بن بولعيد، العربي بن مهيدي، مراد ديدوش، رابح بيطاط وكريم بلقاسم)، الذين اختاروا اسم “جبهة التحرير الوطني” لمنظمة تحرّرية مسلحة؛ تعمل على استقلال البلد، على أن يكون الأول من نوفمبر 1954، على الساعة الصفر موعدا لبداية الثورة.
وخلال هذه اللقاءات وعندما كان المجتمعون يتدارسون ويخططون لكل تفاصيل الثورة، كانوا يعلمون جيدا عدم تكافؤ القوة العسكرية بين الطرفين، إلا أن إيمانهم كان قويا بأنهم أصحاب الأرض وعليهم الدفاع عنها، وأن ما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بها، فعزموا على الجهاد الذي نهايته لن تكون سوى بالنصر أو الاستشهاد.
الفاتح نوفمبر يخلط حسابات فرنسا ويُغير مجرى التاريخ
عند اندلاع الثورة التحريرية في الفاتح نوفمبر، حاولت فرنسا الاستعمارية في البدء التقليل من الصدمة التي أصابتها فاعتبرت الأحداث محدودة التأثير ومن فعل بعض الخارجين عن القانون، غير أن تطور الثورة واشتداد نار لهيبها وتوسعها جعل ساسة فرنسا وقادتها العسكريين يُدركون أنهم في مواجهة ما لم يواجهوه من قبل، وبدأوا يدلون بالتصريح تلوى الآخر وبدأوا يصدرون التهديدات، ويأمرون بمضاعفة عدد قوات الاحتلال المتواجدة في الجزائر لمواجهة الأحداث كما سمتها آنذاك، كما صادقت الحكومة الفرنسية على تخصيص موارد مالية كبيرة تصب في دعم المجهود الحربي الذي وجه للقضاء على الثورة وخنقها في المهد قبل استفحال أمرها، حيث كلفت الثورة الجزائرية الإدارة الاستعمارية أموالا طائلة دون جدوى.
كما بادر الجيش الفرنسي إلى شنّ عمليات عسكرية برية وجوية في ديسمبر 1954 وجانفي 1955 ضدّ معاقل الثورة في الأوراس والشمال القسنطيني وبلاد القبائل والغرب الجزائري؛ ومحاصرة السكان وشن حملات التمشيط والتفتيش وإنشاء المناطق المحرمة في مسعى منه لوأد الثورة وفصلها عن الشعب، وهو ما لم يتحقق على أرض الواقع، فظل الشعب الجزائري ملتفا حول جيش وجبهة التحرير رغم ما ذاقه من ويلات ورغم أنه كان يُدرك أن ثمن حريته سيكون باهظا.
1200 مجاهد في مواجهة أعتى الدول آنذاك
عند اندلاع الثورة التحريرية كان عدد المجاهدين المنخرطين في صفوفها يقدر بـ 1200 مجاهد، لديهم ما يقارب 400 قطعة سلاح، لكن صدى الثورة كان مدويا، حيث أطلقت أول رصاصة من جبال الأوراس في الموعد المحدد، وتوالت العمليات المسلحة في مناطق مختلفة من الوطن، مع توزيع المنشورات باللغتين العربية والفرنسية، لتأكيد أن الثورة بدأت وأن ما يحدث ليس عبارة عن أحداث متفرقة، هذا وقد أحصت الإدارة الاستعمارية ليلتها “30 حادثا؛ أخطرها كان في مناطق الأوراس، القبائل، العاصمة، الشمال القسنطيني ووهران”.
سلسلة ملاحقات واغتيالات.. ولكن الثورة لم تمت
اعتبرت فرنسا الاستعمارية ما يحدث أنه مجموعة أحداث متفرقة ستقضي عليها، وفي ذات الوقت بدأت العمل على ذلك بجدية تامة فأصدرت مرسوما بتاريخ الخامس من نوفمبر 1954، يقضي بحلّ كل المنظمات والهيئات السياسية الجزائرية والقبض على أكثر من 500 فرد من مناضلي ومسؤولي الحركة الوطنية، لتبدأ سلسلة من الملاحقات التي تزامنت مع عدة عمليات مسلحة، ضدّ مواقع وهيئات وشخصيات فرنسية، تبناها “جيش التحرير الوطني”، الذراع العسكرية لجبهة التحرير الوطني. كما عرفت هذه الفترة اغتيال أبرز قيادات الجبهة على غرار المناضل قرين بلقاسم الذي استشهد في 29 نوفمبر 1945، وباجي مختار في 19 نوفمبر 1945 وعبد المالك بن رمضان الذي استشهد في 04 نوفمبر 1945، ديدوش مراد الذي استشهد في 18 جانفي 1955، هذه الاغتيالات أثلجت صدر فرنسا وجعلتها تعتقد أنها قضت على الثورة، لكن الوقائع جعلتها تدرك أنها في مواجهة ثورة لا تموت بموت قادتها.
الثورة تُجبر فرنسا على التفاوض
أجبرت الثورة الجزائرية فرنسا على الرضوخ لمبدأ التفاوض مع الجزائريين بعد الخسائر التي تكبدتها منذ اندلاعها، ونتيجة لضغط الرأي العام الداخلي والأزمات الاقتصادية والمالية لفرنسا، والاقتناع التدريجي بعدم جدوى الخيار العسكري لمواجهة الثورة الجزائرية، اضطرت الحكومة الفرنسية للجلوس على طاولة المفاوضات.
وعقب عدد من الاتصالات السرية بداية من العام 1955، اعترف الرئيس الفرنسي شارل ديغول يوم 16 سبتمبر 1959 بحق الجزائريين في تقرير المصير، وعرض يوم 10 نوفمبر من العام نفسه على قادة الثورة الدخول في مفاوضات لبحث شروط إيقاف القتال وإنهاء المعارك، ثم أعلن يوم 14 جوان 1960 استعداده لاستقبال وفد من قادة الثورة في باريس.
ثم بدأت المفاوضات رسميا يوم 25 جوان 1960 في مدينة مولان الفرنسية وباءت بالفشل بعد أربعة أيام من اللقاءات تبين فيها للطرف الجزائري سعي فرنسا لفرض رؤيتها وأنها ما تزال متمسكة بالجزائر.
ثم بدأت مفاوضات إيفيان الأولى بداية من 20 ماي 1961 في مدينة إيفيان على الحدود الفرنسية السويسرية، وضم الوفد الجزائري الذي ترأسه كريم بلقاسم، كلا من أحمد بومنجل وسعد دحلب ومحمد الصديق بن يحيى والطيب بولحروف ورضا مالك وعلي منجلي وقايد أحمد، بينما ترأس الوفد الفرنسي لويس جوكس، ثم تعثرت هذه الجولة يوم 13 جوان 1961 بسبب سعي الجانب الفرنسي لفرض شروط اتفاق غير مقبولة للجزائريين، مثل فصل الصحراء بعد اكتشاف البترول بها عام 1956، والحفاظ على امتيازات المستوطنين الأوروبيين وتجريد جيش التحرير الوطني من السلاح، وهو ما رفضه الجانب الجزائري جملة وتفصيلا.
وبعد عدد من اللقاءات غير الرسمية، التقى الوفدان الجزائري والفرنسي في جولة مفاوضات جديدة خلال الفترة بين 7 و18 مارس 1962، انتهت باتفاق الطرفين على وقف إطلاق النار بداية من 19 مارس من نفس العام وهو ما يُعرف بيوم النصر، والذي جاء انتصارا للشعب بعد استعمار دام 132 سنة وثورة دامت سبع سنوات ذاق خلالها الشعب كل أنواع العذاب وتعرض لأبشع المجازر.
الإيمان بالقضية يستوجب التضحية
لم يفرط الشهيد العربي بن مهيدي ورفاقه في حياتهم ولم يتخلوا عنها عبثا، وكان استشهادهم تضحية كبرى من أجل مثل عليا آمنوا بها، واختاروا الموت من أجل الآخرين، من أجل من قادوهم إلى المعارك مع المحتلين الفرنسيين كي يعيش شعبهم وأهلهم وأحفادهم فيما بعد أحرارا في بلادهم المستقلة.
أبرز القادة الذين أطلقوا شرارة ثورة التحرير الجزائرية
مصطفى بن بولعيد.. أب الثورة وملهم الثوار
يصنّف الشهيد مصطفى بن بولعيد ضمن أهم شخصيات الحركة الوطنية منذ أربعينيات القرن العشرين، ثم على رأس مفجّري الثورة الجزائريّة لاحقا، إذ تدرّج في كل مسؤوليات النضال السياسي والعسكري، حتى نال لقب أب الثورة وأسد الأوراس، وكان لبن بولعيد دور إستراتيجي في التخطيط والتنظيم والتعبئة، كقائد سياسي وعسكري في مواجهة الاستعمار، فضلا عن تبرّع عائلته الثريّة بكل أموالها إلى ثورة التحرير، ليتكفل بجلب أولى شحنات السلاح من ليبيا، وتخزينه بالجبال في عهد المنظمة السرية الخاصة، وبمجرد اندلاع العمل المسلح في الفاتح من نوفمبر 1954 حتى جعل الاحتلال الفرنسي القبض على الرأس المدبر للثورة التحريرية مصطفى بن بولعيد هدفه الأول، مهما كلفه من ثمن.
وفي غضون 100 يوم، تمكنت القوات الفرنسية من اعتقاله في 11 فيفري 1955، بعد أيام من السير الحثيث وسط تضاريس طبيعية صعبة وظروف أمنية خطيرة، معتقدا – وقد ضاعت البوصلة- أنه في اتجاه الحدود الليبية التونسية.
وقدم الاحتلال مصطفى بن بولعيد في الثالث من مارس 1955 لمحكمة عسكرية فرنسية بتونس، التي أصدرت في 28 ماي التالي حكمها بالأشغال الشاقة المؤبدة.
ثمّ تم نقله إلى قسنطينة لتعاد محاكمته من جديد في الجزائر أمام محكمة عسكرية في 21 جوان من العام نفسه، ويصدر القرار بإعدامه، وتحويله إلى سجن الكدية الحصين.
لكن أب الثورة لا يستسلم إلى حكم السجّان، فخاض مصطفى بن بولعيد نضالا مريرا حتى أجبر إدارة السجن على معاملة مساجين الثورة مثل السجناء السياسيين وأسرى الحرب، وفق ما تنص عليه القوانين الدولية.
وبعد 14 يومًا من الإضراب عن الطعام، تم نزع القيود والسلاسل عن المسجونين داخل زنزاناتهم، مقابل السماح لهم بالخروج إلى فناء السجن، وكان ذلك مكسبًا مهمّا ضمن خطة أشمل وهي الفرار نهائيّا من السجن.
وروى المجاهد الشاهد محمد بزيان أن القائد مصطفى بن بولعيد طلب منهم “تقديم اقتراحات حول الإسهام في الثورة من وراء القضبان أولا، ثم طرح فكرة الهروب، لتأتي الخطة من حجاج بشير، وهو أحد المساجين السابقين بالكدية”.
وردّ المعني بأن “السبيل الوحيد هو حفر نفق في الزنزانة يؤدي إلى الغرفة المجاورة، التي هي عبارة عن مخزن لا يُفتح إلا من حين لآخر، ويؤدي بابه الخشبي إلى فناء ينتهي بحائط يطل هو الآخر على حائط يطل على ممر للراجلين”، حسب ما ورد في وكالة الأنباء الجزائرية قبل سنوات.
وتمّ تنفيذ الخطة بالإجماع بواسطة مزلاج منتزع من نافذة الزنزانة، وقطع صابون رطب تمّ عجنها بالتراب، لإخفاء آثار القطعة الحديدية التي كانت المجموعة تتناوب بها على حفر الأرضية الإسمنتية، ثم التدليس على تلك الأدوات بمكنسة من الحلْفاء، لأن كل محتويات الزنزانة -إلا هي- تفتش وتغير دوريّا.
وكان عمل الثوّار يوميا بين 11 صباحا والثانية بعد الظهر، مع توقف كل ربع ساعة لتفادي موعد تفقد الحراس، ثم بين الخامسة والنصف والسادسة ونصف مساء، إذ تشهد هذه الفترة تبادل المناوبة الليلية.
وعرفت عملية الحفر صعوبات عدة، منها الصوت في حد ذاته، ثم الأتربة والحجارة الناتجة عنها، كما يؤكده المؤرخ محمد عباس في كتابه “ثوار عظماء”.
وبعد 28 يومًا من المغامرة تحت القضبان، وتحديدا في 14 نوفمبر 1955، تمكّن من الفرار القائد مصطفى بن بولعيد، ومعه 11 مجاهدا، هم: محمد العيفة، والطاهر الزبيري، ولخضر مشري، وعلي حفطاوي، وإبراهيم طايبي، ورشيد أحمد بوشمال، وحمادي كرومة، ومحمد بزيان، وسليمان زايدي، وحسين عريف.
كريم بلقاسم.. قائد عسكري ومفاوض متمرس
نشأ كريم بلقاسم في عائلة ميسورة الحال بمنطقة القبائل، عُرض على والده منصب “قائد” (مسؤول محلي في السلطة) في ظل الاستعمار الفرنسي ولكنه رفض. تلقى تعليما في المدارس الفرنسية بالعاصمة؛ ثم انخرط باكرا في صفوف حزب الشعب، ليلتحق بعد ذلك بالمنظمة السرية.
وكان كريم بلقاسم أحد مفجري الثورة الجزائرية وقائدا للمنطقة الثالثة، وخاض عددا من العمليات العسكرية وتمكن خلالها من تثبيت المنطقة الثالثة في مسار الثورة، شارك في “مؤتمر الصومام” وأصبح عضوا في لجنة التنسيق والتنفيذ.
وقام بدور كبير على رأس الوفد الجزائري في مفاوضات إيفيان، في مختلف جولاتها، ووقّع إعلان وقف إطلاق النار. ثم تقلد منصب وزير القوات المسلحة بعد تأسيس الحكومة المؤقتة الجزائرية، ثم وزيرا للخارجية.
محمد بوضياف
أكمل دراسته الثانوية بمسقط رأسه “المسيلة” شرق البلد، مما أهّله للحصول على وظيفة إدارية بمصالح تحصيل الضرائب، تم تجنيده سنة 1942 في الجيش الفرنسي ليشارك في معارك الحرب العالمية الثانية بإيطاليا، سنة 1944.
انخرط في حزب الشعب الجزائري، ثم شارك في تأسيس المنظمة السرية سنة 1947. وقبيل الثورة الجزائرية، عاد إلى الجزائر وتابع تنفيذ خياره الثوري من خلال العمل مع مجموعة الـ22 تحضيرا لتفجير الثورة.
تقلد عضوية المجلس الثوري خلال أشغال مؤتمر الصومام، إلى أن تم توقيفه في أكتوبر 1956 خلال رحلة جوية بين الرباط والقاهرة برفقة أحمد بن بلة، محمد خيضر، حسين آيت أحمد ومصطفى الأشرف، وظل رهين السجن إلى غاية استقلال الجزائر.
ديدوش مراد.. من التخطيط إلى الميدان
تلقى الشهيد ديدوش مراد تكوينا نظاميا بالموازاة مع تعلمه للقرآن الكريم، فحصل على الشهادة الأهلية واشتغل بمؤسسة السكة الحديدية للجزائر العاصمة، ثم انضم إلى حزب الشعب ومنه بصورة حتمية إلى المنظمة المسلحة، انتقل إلى ولاية قسنطينة؛ حيث عين مسؤولا عن حزب الشعب خلال سنوات 1948-1950.
وبعد اكتشاف المنظمة السرية من طرف السلطات الفرنسية التحق بجبال الأوراس وتدرب على السلاح، وفي سنة 1952، عاد إلى العاصمة وتعرض لمضايقات مستمرة من طرف الشرطة الفرنسية.
سافر الشهيد إلى فرنسا باسم مستعار، ثم عاد إلى الجزائر قبيل الثورة، ليكون واحدا من مجموعة الـ22، ومسؤولا عن انطلاق الثورة في الشمال القسنطيني، جاء استشهاده سريعا على أرض المعركة بتاريخ 18 جانفي 1955 في منطقة “بوكركر”، بعد 78 يوما من انطلاق الثورة.
رابح بيطاط نضال من داخل السجون
تلقى رابح بيطاط تعليمه الأول بمسقط رأسه بعين الكرمة في ولاية قسنطينة، وتمكن من الحصول على وظيفة في معمل التبغ، انخرط في صفوف حزب الشعب في سن صغيرة، ثم أضحى واحدا من أهم الأعضاء الفاعلين في المنظمة السرية، وفي سنة 1950 حكم عليه غيابيا بالسجن لمدة 10 سنوات.
شارك بيطاط في الإعداد لتفجير الثورة بالعاصمة الجزائرية، وبسبب نشاطه الكبير، ألقي عليه القبض بعد أشهر من انطلاق الثورة، وحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة. واصل نضاله على الرغم من وجوده في السجن، وخاض إضرابا عن الطعام عدة مرات باعتباره سجينا سياسيا، إلا أنه لم يطلق سراحه إلا غداة الاستقلال.
العربي بن مهيدي.. الشهيد الذي شهد العدو بقوته
أنهى تعليمه الابتدائي بمسقط رأسه بناحية عين مليلة، كما انضم في صغره إلى الكشافة الإسلامية وأصبح قائدا لفريق الفتيان.
انخرط الشهيد في حزب الشعب سنة 1942 وشارك واعتقل في مظاهرات 8 ماي 1945. وكان من أوائل الشباب الذين التحقوا بالمنظمة السرية؛ حتى أصبح رئيس أركان هذا التنظيم سنة 1950، وبعد اكتشاف التنظيم انتقل إلى وهران غرب البلد حتى تكوين اللجنة الثورية للوحدة والعمل. وبعد انطلاق الثورة الجزائرية أصبح قائد المنطقة الخامسة في وهران غرب البلد، وعمل على انعقاد مؤتمر الصومام ومواصلة تنظيم الثورة، وعيّن عضوا بلجنة التنسيق والتنفيذ التي مثلت القيادة العليا للثورة.
مع بداية سنة 1957، قاد معركة الجزائر حتى اعتقاله واستشهاده تحت التعذيب في مارس 1957. قال عنه جلاده الجنرال الفرنسي مارسيل بيجار “لو أن لي ثلاثة من أمثال العربي بن مهيدي لغزوت العالم”.
لمياء. ب