كان النبي صلى الله عليه وسلم يحض على تفطير الصائم؛ ليجعل المسلمين يشعرون لحظة الإفطار بالوَحدة الإيمانية التي تربط بينهم، فالغني يشعر بالفقير، فيقدم له طعامًا، وهذا يعمِّق فيه الشعور بالإخوة، والفقير حين يجد مائدته خلال شهر رمضان عليها من الطعام ما أهداه إليه أخوه المسلم، فإنه يحس أنه ليس وحيدًا فريدًا في المجتمع، وأن الذين أنعم الله عليهم يكفلونه، وهذا سيجعله يدعو لهم بالبركة والرزق، وأن يغفر الله لهم، وبذلك يتعمق أيضًا الشعور بالأخوَّة عند هذا الفقير. وإذا كان المؤمن يفعل الخير رغبًا ورهبًا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يرغب في تفطير الصائم حين يقول: “كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا” ترغيبًا، وإذا كان العبد يحرص على المغفرة والعتق من النار؛ فإن تفطير الصائم يعطيه هذه الثمرة: “كان له مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار”. وهكذا ينجو من عذاب النار، ويزيد في ميزان حسناته بالحصول على الأجر العظيم؛ كي يتقدم في الدرجات العلا عند الله سبحانه، وقد ورد بمثل هذه الرواية في سنن الترمذي: “مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا”. إن تطبيق “تفطير الصائم” في رمضان، سيعين الكثير من الأسر التي لا تجد شيئًا لتفطر عليه، والمطلوب أن يتحول “تفطير الصائم” إلى معالجة إيمانية ومشاركة فعالة في القضاء على الفقر. وقد كان السلف الصالح يحرصون على إطعام الطعام، ويرونه من أفضل العبادات، وكان كثير من السلف يؤثر بفطوره وهو صائم، منهم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وداود الطائي، ومالك بن دينار، وأحمد بن حنبل، وكان ابن عمر لا يفطر إلا مع اليتامى والمساكين، وكان من السلف من يطعم إخوانه الطعام وهو صائم، ويجلس يخدمهم، منهم الحسن وابن المبارك. وعبادة إطعام الطعام، ينشأ عنها عبادات كثيرة؛ منها: التودد والتحبب إلى المُطعَمين، فيكون ذلك سببًا في دخول الجنة؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا”.
من موقع وزارة الشؤون الدينية