قال رئيس الحكومة يوسف الشاهد، إنه بقدر النجاح الذي حققته تونس في مجال الانتقال السياسي الديمقراطي، إلا انها أخفقت في تحقيق الاهداف الاقتصادية والاجتماعية وهو ما أكدته الاحتجاجات التي تشهدها بعض الجهات، داعيا المحتجين الى الحفاظ على الطابع السلمي لاحتجاجاتهم ومعربا عن تفهم الحكومة لمطالبهم المشروعة بعد مضي ست سنوات على الاطاحة بنظام بن علي .
وأكد أن السبب الكامن وراء الفشل الذريع في تحقيق الاهداف الاقتصادية والاجتماعية، يعود بالاساس الى غياب اصلاحات اقتصادية جوهرية، وهو ما يستدعي الانطلاق في الاصلاح الفعلي عبر النهوض بدور الدولة في التشغيل، من خلال دفع النمو الذي يساعد على دعم الاستثمار، وخلق السياسات النشيطة في التشغيل عبر “عقد الكرامة” الذي يرمي الى انتداب 25 الف شاب، وتمتيعهم بجراية شهرية بقيمة 600 دينار، بالاضافة الى تمكينهم من برامج تكوينية مستمرة.وأضاف ان الاصلاحات الاقتصادية، تتمثل كذلك في التسريع في برنامج تعصير الادارة وتقليص الاجراءات الادارية، وتمويل الاقتصاد خاصة في بعض القطاعات كالفلاحة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، وإقرار برنامج لإعادة هيكلة المؤسسات العمومية بما فيها البنوك العمومية بهدف تفعيل مردوديتها المالية، مشيرا الى ان الندوة الدولية للاستثمار التي احتضنتها تونس في موفى نوفمبر الفارط، ساهمت في تمويل البرامج التنموية بشروط ميسرة تراعي المالية العمومية.وأقر الشاهد بعدم قدرة الدولة على الاضطلاع بكل الاصلاحات الاقتصادية بمفردها، باعتبار ان التحديات المطروحة جسيمة وتتطلب تضافر جهود القطاع العام والقطاع الخاص وتفعيل الاقتصاد الاجتماعي التضامني، مشددا على ان التنمية في الجهات تعد أولوية الحكومة المطلقة وجوهر العقد الاجتماعي لسنة 2017 ، وهو ما يتجلى بالخصوص في قرار الحكومة بعث 13 مستشفا جهويا جديدا ضمن قانون الطوارئ الاقتصادي، واحكام توزيع الادوية على الخارطة الصحيةن واقرار جملة من مشاريع البنية التحتية لفك العزلة عن المناطق الداخلية .بالمقابل قال رئيس “حركة النهضة” التونسية راشد الغنوشى أن تونس أعادت العالم العربى إلى التاريخ ، مؤكدا على أنها بصدد إدارة الحرية، وهو ليس بالأمر السهل. وأشاد الغنوشى بثورة تونس قائلا إنها: “مستمرة بمؤسساتها، حكومة وبرلمانا ورئاسة، وكل مؤسسات الرقابة فيها تعمل، وثورتنا ستنتج مزيدا من الخيرات وستواجه كل التحديات، بما فى ذلك الأمنية والاقتصادية”. وأضاف خلال ندوة حوارية بمناسبة الذكرى السادسة للثورة التونسية: “كلما تمسكنا بثورتنا وبوحدتنا الوطنية وبشعارات الثورة ومبادئها، سننتصر على الإرهابيين وعلى التخلف بكل أشكاله”. وشدد على أن بلاده: “أعادت العالم العربى إلى التاريخ من خلال تحررها من الاستبداد، وهى بصدد إدارة الحرية، وهو ليس بالأمر اليسير”.من جانبه، قال مدير عام المركز العربى للأبحاث ودراسة السياسات عزمى بشارة، إنه: “بإمكان التونسيين أن تكون لهم رسالة تنويرية على مستوى الوطن العربى فيما يتعلق بضرورات التوافق فى المراحل الانتقالية وفترة الأزمات”.واعتبر المفكر الفلسطينى، أثناء مشاركته بالندوة، أن: “تجربة تونس بدأت تحقق نجاحا، ولا عودة فيها، فقط بقيت بعض التحديات الاقتصادية والاجتماعية”.واستنتج أن من عناصر نجاح الثورة التونسية: “وعى المجتمع التونسى بمؤسسات الدولة ورسوخها، وأيضا اتّساع حجم النخبة التونسية ونسبة التعليم المرتفع والتجانس المذهبى والطائفى والقومى فى تونس”. على صعيد آخر، استأنفت هيئة الحقيقة والكرامة فى تونس، بالعاصمة خامس جلساتها العلنية المخصصة للاستماع لضحايا الانتهاكات التى وقعت فى الفترة من 1955 إلى 2013، فى خطوة تهدف لتفعيل قانون العدالة الانتقالية.وفى مستهل الجلسة، قالت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين، إن: “كشف الحقيقة هو حق الشعب التونسى، يكفله الدستور والقانون والمعاهدات الدولية”.وأضافت إن: “ما يميز جلسة اليوم تزامنها مع الاحتفال بالذكرى السادسة للثورة التونسية، وهى فرصة للتأكيد بأن الأهداف مستمرة رغم العراقيل”. وتابعت بن سدرين: “لدينا ثقة فى أن الشعب التونسى يريد كشف الحقيقة ويساند عمل هيئة الحقيقة”.يشار إلى أن القضاء العسكرى أحال مؤخرا ملفات شهداء وجرحى الثورة التونسية إلى هيئة الحقيقة والكرامة.