احتفل، أمس، العديد من المراهقين والشباب بما يسمى بعيد الحب، اقتداء بأسطورة الحب العالمية التي أصبحت مثالا يقتدي به العديد من العشاق عبر العالم تعبيرا عن مشاعرهم بهدايا رمزية تجعل تلك اللحظات لا تنسى.
عادة ما يكتسح اللون الأحمر مع بداية شهر فيفري العديد من الأسواق الجزائرية و المحلات الكبرى لبيع الهدايا في شكل ورود بلاستيكية، دمى حمراء بمختلف الأشكال إلى جانب علب الشوكولاطة الحمراء، وهو ما لم نلاحظه هذه السنة، خلال جولتنا الإستطلاعية، إذ تبين لنا احتشام واضح في مظاهر الإحتفال.
تراجع في الطلب يعكسه تراجع في العرض
الملفت هذا العام هو نقص في عرض الهدايا التي تقدم في عيد الحب، وهو ما قادنا إلى جولة استطلاعية للبحث عن أسباب تراجع عرضها، أول من التقيناه هو سمير صاحب محل لبيع الهدايا بالعاصمة الذي صرح لنا أنه لم يخصص على عادته الهدايا للعشاق في محله، وذلك بسبب تراجع الطلبات على هذه الهدايا وهو عكس ما كان متعارفا عليه في السنوات الفارطة، كما أضاف سببا آخرا يجعله لا يولي اهتماما بما يخص هذه المناسبة، وهو سبب شخصي يتمثل في كونه يشعر أنه يشارك في نشر الرذيلة على حد وصفه وهو ما لا يسمح به ديننا الحنيف، وهو نفس ما ذهب إليه بائع آخر مؤكدا أن هذه السنة لم تشهد طلبات مسبقة على هدايا عيد الحب، مرجعا ذلك لتغير في عادات الاحتفال، فالعديد من الشباب يفضلون الحجز في مطاعم مشهورة أو قضاء اليوم في نزهة كل حسب إمكانياته، فبالتالي يقتصر شراء الهدايا على القلة من المراهقين باعتبار الأسعار غير مكلفة نوعا ما، وأثناء تجولنا في محلات العاصمة صادفنا محمد مراهق تلميذ في الثانوية اصطحب صديقه من أجل اختيار هدية مناسبة لصديقته على حد قوله ووالدته و اقتناءها قبل ارتفاع الأسعار، فهو يرى أنها مناسبة مميزة للعشاق، كما أنه لا ينسى اقتناء هدية لوالدته كذلك للتعبير عن حبه لها فيقول، إنها تعشق الشوكولاطة وهو لا يبخل عليها في هذا اليوم، فهو بالنسبة له لا يقتصر فقط على العشاق بل للتعبير عن الحب لكل شخص في حياته.
“الحب كل أيام السنة.. وأعياد المسيح لا تعنينا”
وكما هو شائع فإن عيد الحب متعلق بالخصوص بالمتحابين “العشاق”، سواء من هم مخطوبون أو على علاقة غرامية، وهو الأمر الذي أعطى لهذا العيد طابع الاستنكار من طرف الكثيرين الذين يرون أنه عيد يشجع على الانحلال الخلقي، في حين يرونه آخرون أنه فرصة لاستحضار المشاعر والتهادي ولا يقتصر على العشاق فقط وإنه يمكن أن يكون بين أفراد العائلة أو الأصدقاء أيضا.
“الموعد اليومي” استطلعت آراء البعض بخصوص الموضوع وبحثت معهم عن نظرتهم لهذا اليوم وما إذا كان يعنيهم أم لا، والبداية كانت مع “أمال. ب”، طالبة جامعية التي صرحت لنا أن من يحب لا ينتظر عيد الحب ليحتفل به، لأنه في اعتقادها الحب لا يرتبط بيوم واحد بل هو موجود سائر الأيام الأخرى، وعن الذين يحتفلون بعيد الحب قالت إنهم فاقدون للحب لذلك اخترعوا له يوما وألزموا أنفسهم للاحتفال به، ليس لأنهم محبوبون أو يحبون وإنما فقط لأن يوم 14 فيفري أصبح عادة والكل انجر وراءها.
من جهته، محمد أمين. ن هو الآخر طالب جامعي،ّ اعتبر عيد الحب في الجزائر مجرد تقليد اتخذه الجزائريون ليس للتعبير عن مشاعرهم كما يدعون وإنما فقط من أجل أن يصنعوا السعادة لأنفسهم مثل الآخرين، وأنهم ينظرون إلى هذا العيد على أنه عيد يخص الشباب فقط وبعبارة أدق يخص المتواعدين، شاب وشابة، وهو الأمر الذي قال إنه يجعلهم يظهرون فاقدين للمبادئ والمعايير الحقيقية التي يفترض أن تسير حياتهم، كما أكد أنه يحترم كل فرد أيا كانت معتقداته ما دامت ثابتة ومقتنعا بها.
حملات مقاطعة عبر مواقع التواصل
وكل سنة قبل أيام من 14 فيفري تنتشر العديد من المنشورات وحملات المقاطعة للاحتفال بهذا العيد ناشرين العديد من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، مشددين على أن الحب الوحيد هو الحب في ظل الرابطة الزوجية، وتحمل هذه الحملات شعار “أنت مسلم لا تدع اختك تمشي وراء” الفالانتاين” ،”أنت جزائري عربي مسلم و” الفالانتاين” لا يعنيك “، وهي شعارات تدل في مجملها على رفض كبير لدى فئة من الشباب الجزائري الإحتفال بمثل هاته الأعياد.
… وللأزواج رأيهم
التقينا خلال جولتنا بسيدات متزوجات لمعرفة رأيهن في هذا العيد، حيث تقول أسماء إنها لا تهتم إطلاقا بهذا العيد، فهو تفاهة على حد قولها لا تتعدى تصرفات المراهقين، والأهم بالنسبة لها هو عيد ميلادها وعيد ميلاد ابنتها أو زوجها، فهي المناسبة المميزة لها، أما عيد الحب فهو ليس من عادات الجزائريين ولا يمثل تصرفات أشخاص ناضجين، وهو الرأي الذي شاطرتها فيه جارتها التي تقول ضاحكة إن هذه المناسبة تسببت لها في شجار مع زوجها في أول سنة زواج لها، و تضيف أنها حضّرت ديكورا مميزا بالورود الحمراء وكعكعة على شكل قلب من الشوكولا في انتظار هدية من زوجها، إلا أن رد فعل هذا الأخير كان مغايرا تماما لتوقعها، فتشاجر معها إلى درجة رفض هديتها لأنه يؤمن بأن الإحتفال بهذا العيد حرام وهو عادة غربية بحتة، وأضافت أن زوجها يرفض حتى الإحتفال بأعياد الميلاد، فما بالك بعيد الحب.
أما السيدة رانية موظفة من البليدة فخالفت آراء كل من سبقها وتقول إنها لم تفوت ولا سنة الاحتفال بهذا العيد طيلة 4 سنوات زواجها وحتى في فترة الخطوبة، فهي تعتبرها مناسبة رائعة لها ولزوجها للتحضير للاحتفال وجلب هدايا مميزة لها ألا وهي الشوكولاطة، الورود الحمراء و قارورة من عطرها المفضل، إلا أنها تضيف قائلة إنها مناسبة خاصة تفضل الإحتفال بها سرا لأنها جزء من خصوصيتها الزوجية ولا تحبذ أبدا نشر صور احتفالهما أو الحديث عنها.
رأي الشرع: عيد الحب بدعة ولا يجب على الشباب المسلمين الاقتداء بها
وكان للشرع رأيه في الموضوع، حيث يجمع الأئمة على رفض إحياء هاته الأعياد التي ينهانا عنها ديننا الحنيف بممارسات لا أخلاقية مقلدة للغرب، وعيد الحب كما يسميه البعض هو فرصة لإظهار علاقة غير شرعية للعلن والمفاخرة بها، فالأحرى بالشباب تقديم هذه الهدايا لأمهاتهم، بناتهم، أخواتهم أو زوجاتهم لترسيخ هذه العلاقة و الاقتداء بالرسول في معاملة النساء و الابتعاد عن العلاقات المحرمة التي أصبحت ظاهرة منتشرة بشدة في شوارعنا، وهي تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه وتقود الفتاة والشاب إلى الندم والهروب من المسؤولية في حالة الوقوع في الحرام وإنجاب طفل خارج رباط العلاقة الزوجية، كما شدد على ضرورة انتباه الآباء إلى توعية أبنائهم و إرشادهم للطريق الصحيح.
بشرى زهار