رغم أن مراكز استقبال الطفولة الصغيرة تخضع لتفتيش دوري بموجب تعليمة مشتركة بين وزارتي التضامن الوطني والتجارة صدرت في 3 أفريل سنة 2014 بغية التأكد من مدى مطابقتها مع دفتر الشروط، إلا أن هذا لم يمنع من وقوع الكثير من حوادث الإهمال، وهو ما دفع بوزارة التضامن الوطني إلى إعادة النظر في دفتر الشروط الخاص بدور الحضانة بغرض توفير حماية أكبر للأطفال.
وكانت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة السابقة قد كشفت عن مشروع لمراجعة المرسوم التنفيذي المتعلق بإنشاء وتنظيم دور الحضانة بغية اعادة النظر في دفتر الشروط الخاص بها بهدف تحسين أدائها، و”تخضع لعمليات تفتيش دورية فجائية للتأكد من مطابقتها مع دفتر الشروط المعمول به والوقوف على ظروف سيرها”، مؤكدة أنه “في حالة تسجيل تجاوزات، يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة والتي قد تصل إلى حد غلق المؤسسة التي لا تحترم شروط العمل بها”.
دعوة للأولياء من أجل التبليغ عن التجاوزات
كما دعت الوزيرة الأولياء إلى تبليغ المديرية الولائية للنشاط الاجتماعي في حالة ملاحظة عدم احترام الشروط أو تسجيل أي تجاوزات من قبل مؤسسات استقبال الطفولة الصغيرة.
التفتيش الدوري للتأكد من مطابقة دفتر الشروط
وتمكّن التعليمة الوزارية المشتركة بين الوزارتين أعوان مراقبة قمع الغش التابعين للمديريات الولائية للتجارة من القيام بدورات تفتيشية فجائية للتأكد من مطابقة ذات المؤسسات مع دفتر الشروط لا سيما ما يتعلق بجودة الوجبات الغذائية المقدمة للأطفال، مراقبة الظروف الصحية ونظافة الهياكل، مراقبة مخازن المواد الغذائية ومدى مطابقتها لمعايير السلامة المعمول بها، الملفات الصحية للأطفال والمستخدمين وكذا مدى التزام إدارة هذه المؤسسات والمراكز بطاقة الإستيعاب والفئات العمرية المحددتين في رخصة الإعتماد.
التضامن الوطني المشرف المباشر على دور الحضانة
يكمن دور قطاع التضامن الوطني في استقبال ودراسة ملفات طلبات إنشاء مؤسسات ومراكز الطفولة الصغيرة على مستوى اللجان الولائية الخاصة طبقا لأحكام المرسوم التنفيذي رقم 08-287 المؤرخ في 17 ديسمبر 2008 الذي يحدد شروط إنشاء، تنظيم، تسيير ومراقبة مؤسسات ومراكز استقبال الطفولة الصغيرة إلى جانب مهمة المراقبة الدورية لهذه المؤسسات.
رياض للأطفال خارج القانون
مع كل الإجراءات الإدارية والقانونية إلا أن الواقع يقول إن الحصول على الإعتماد لإنشاء روضة أطفال ليس بالأمر الصعب في الجزائر، فكل من يتوفر لديه المال بإمكانه الاستثمار في هذا المجال حتى وإن كان على حساب البراءة، وبغض النظر عن طبيعة تكوين المربيات اللواتي يجب أن يكن ذوات كفاءات عالية، علما أن عدد رياض الأطفال، حسب آخر أرقام الدرك الوطني، بلغ 174 روضة عبر إقليم ولاية الجزائر فقط.
حوادث مختلفة وأكل غير صحي
ولإثراء الموضوع تقربنا من الأمهات اللائي كن لهن تجارب سلبية بسبب المعاملة السيئة لأبنائهن داخل الروضات.
أول من قابلناها السيدة (ليلى) متزوجة وأم لثلاثة أطفال وهي في نفس الوقت عاملة بقطاع الصحة، فهي تقني سامي في المخبر العام للتحاليل الطبية بمستشفى مصطفى باشا، قالت إنها تعبت لإيجاد روضة تتوفر على أبسط شروط السلامة لابنها الصغير البالغ من العمر 4 سنوات حتى يبقى فيها أوقات دوامها ودوام والده، لتقوم في الأخير بإيجاد روضة له بالجزائر العاصمة وقد رأت فيها أنها الروضة المناسبة لابنها، ولكن بعد مرور 3 أشهر من التحاق ابنها بتلك الروضة لاحظت أنه يفقد الوزن لعدم تناوله للطعام صحي ولا بصفة منتظمة، بالإضافة إلى هذا فهو يصاب بجروح وصدمات كثيرة على رأسه من شدة السقوط المستمر، وتعاركه مع الأطفال الآخرين، وفي إحدى المرات عندما ذهبت السيدة (ليلى) لإحضاره من الروضة فوجئت بضمادات على وجهه ولما سألت المربية قالت بأنه سقط على الطاولة في لحظة غفلة منها فهي لا تستطيع الانتباه لكل شيء نظرا للعدد الكبير من الأطفال المتواجدين بالروضة، كما عللت سقطته على أنه أمر عادي فكل الأطفال يسقطون، ومنذ ذلك اليوم قررت الأم أن تسحب ابنها من تلك الروضة ولن تقوم بإيداعه في أخرى بل فضلت أن تتركه عند جدته.
عدوى القمل تهدد أطفال الروضات
وعلى غرار السيدة “ليلى” تقول أخرى إنها تدفع مبلغ 7000 دج شهريا للروضة وهو سعر لا يعكس بتاتا نوعية الخدمات المقدمة لطفلها، فابنها يتغير في تصرفاته من الناحية النفسية، إضافة إلى المشاكل الصحية التي أصابته جراء تناول طعام غير نظيف أو منتهي الصلاحية وعدم غسل الأيدي قبل تناول الأكل، وحاولت مرات عديدة التنبيه على المعلمة والمديرة على بعض التصرفات ولكن عندما وصل الأمر إلى إصابة ابنها بالقمل نتيجة الاختلاط في مواضع النوم التي تخصص كل يوم لطفل جديد أخرجته من الروضة وهي الآن في حيرة أين ستترك ابنها، حيث أن والدتها تسكن بعيدا، فقد فقدت الثقة في كل رياض الأطفال لأنها كما تقول متشابهة.
قانون مع وقف التنفيذ
تضمن المرسوم التنفيذي 08-287 الصادر في 17 سبتمبر 2008 شروط إنشاء، تنظيم، وسير ومراقبة المؤسسات ومراكز استقبال الأطفال الصغار، كما تضمن القانون إجراءات تلزم رياض الأطفال بالتكفل بالأطفال المعاقين، وتمكينهم من برنامج خاص يتوافق وحالات إعاقاتهم الحركية والذهنية، أما عن العقوبات والإجراءات الردعية التي جاء بها القانون الأساسي، فهي الغلق لمدة ثلاثة أشهر أو ستة أشهر وقد تصل العقوبة إلى الغلق النهائي وحتى المتابعة القضائية التي يشرف عليها شخصيا ممثلون لوزارة التضامن الوطني.
ولم يستثنِ القانون الجديد ربات البيوت من فرص ممارسة استقبال ورعاية الأطفال في بيوتهن، إذ يجبر القانون الحاضنات الماكثات في البيت على عدم استقبال أكثر من ثلاثة أطفال، بالإضافة إلى تلقيهن تكوينا بالمراكز التابعة لوزارة التضامن الوطني.
لمياء. ب