بعد أن كانت تقتصر على فئات محددة

رياض الأطفال والمربيات قبلة الأمهات لمواجهة المسؤوليات

رياض الأطفال والمربيات قبلة الأمهات لمواجهة المسؤوليات
  • مختصون يحذرون من تأثير غياب الأم على الطفل

 

غيّرت تحديات الحياة العصرية التي نعيشها اليوم من عادات المرأة ووظائفها التقليدية، فلم تنحصر فقط في القيام بأعمال البيت وتربية الأطفال، بل تعدت ذلك إلى قضاء أغلب الأوقات خارج منزلها نتيجة لانشغالاتها العديدة.

تُعد تربية الأبناء من أهم مسؤوليات المرأة لأنها مهمة الأم بالدرجة الأولى، لذلك تواجه أغلب الأمهات مشكل رعاية أطفالهن الذي يكون حلّه التوجه إلى روضات الأطفال أو الاعتماد على مربيات كبدائل للقيام بهذه المهمة.

 

الروضات والمربيات شريك الأم وداعمها

أصبح اللجوء إلى المربيات أو الروضات الحل أو السند الذي تعتمد عليه الأم من أجل العناية بالأطفال، خاصة النساء العاملات اللاتي يصعب عليهن التوفيق بين العمل وتربية الأطفال، لهذا يفضلن إرسال أبنائهن إلى الروضات أو إلى المربيات اللاتي تقمن بنفس مهام الأم، ففي تصريح لأغلب العاملات أكدن أن هذا هو الحل الأنسب للاطمئنان على أطفالهن باعتبار أن العمل يأخذ كل وقتهن، فلا تستطيع السيدات العاملات اصطحاب أطفالهن أو تركهم بمفردهم في المنزل، لذا تجد أغلب العاملات حسب تصريحاتهن لـ “الموعد اليومي” أن هذا هو السبيل الوحيد الذي يجدن فيه راحتهن.

وعن سؤالنا حول الاتهامات التي يتعرضن لها كونهن يستغنين عن أطفالهن من أجل العمل، ردت “أمال” سيدة عاملة أن هذه الطريقة تجعل الأطفال في أمان وراحة نتيجة للخدمات الجيدة التي تقدمها خاصة الروضات، زيادة على هذا لا يمكن للعمل أن يحرم الأم العاملة من أطفالها لأنه في نهاية اليوم ترجعهم إلى المنزل وتنام إلى جانبهم، فالحنان موجود مهما كانت الظروف. بالإضافة إلى ذلك قالت إحداهن إن هناك نساء عاملات في حاجة ماسة إلى العمل لتغطية نفقات الأطفال والمنزل نظرا لغياب الأب أو غياب مورد مالي معين، لهذا تكون بعض العاملات مضطرات إلى الاعتماد على الروضات أو المربيات للاهتمام بأطفالهن. كما أكدت كل عاملة تحدثنا معها على إبراز مدى حرصها الشديد في اختيار الروضة التي ترسل ابنها إليها، وهذا يكون بمعاينة المكان والتحدث مع المؤطرين والمسؤولين على الاهتمام بالأطفال وحتى إذا تعلق الأمر بالمربيات، حيث قالت “سميرة” إنها تختار المربية الكفء التي لديها سمعة حسنة وتستطيع تحمل مسؤولية الأطفال والاعتناء بهم.

 

.. ولربات البيت نصيبهن

من جهتها، أصبحت ربة البيت تفضل هي الأخرى أن تشاركها المربية في تربية أطفالها والعناية بهم أو إرسالهم إلى الروضة لتنفرد الحاضنات بالمهمة، فحسب ما صرحت به بعض ربات البيوت لـ “الموعد اليومي”، فإن سبب الاعتماد على هذه الطريقة هو انشغال الأم بأعمال البيت والخروج للتسوق وغيره، لهذا لم يعد باستطاعتهن العناية بالأطفال بمفردهن، ما جعل العديد منهن تعتمدن على المربيات اللاتي يأتين إلى المنزل لمجالسة الأطفال أو استقبالهم في بيوتهن.

وفي هذا الصدد، أجمعت ربات البيوت اللاتي قامت “الموعد اليومي” باستجوابهن على أن اختيار المربيات يكون دقيقا جدا والشرط الأساسي عند الاختيار هو معرفة الأم التامة والجيدة للمربية، خصوصا وأن المجتمع الجزائري يشهد هذه الأيام انتشارا رهيبا لظواهر مخيفة كقتل الأطفال وتعذيبهم.

أما أخريات فتفضلن الاعتماد على الروضات باعتبارها توفر الجو الأنسب للطفل الذي يجد زملاءه هناك، وبالتالي يصبح مندمجا مع مجتمعه في سن مبكرة ما يقيه من العزلة والانطواء، حيث صرحت “نسيمة” إحدى ربات البيوت أنها ترسل ابنها إلى الروضة لكي يتعلم أشياء جديدة خارج إطار المنزل كون المسؤولين هناك يلقنون الأطفال دروسا عديدة كآداب الأكل والشرب والحديث، زيادة على تعلم الكتابة والقراءة والقرآن الكريم، وهذا يكون تمهيدا للطفل لكي يدخل إلى المدرسة ولديه خلفية وقاعدة علمية تساعده في الدراسة والنجاح، كما صرحت ربة بيت أخرى أن ذهاب الطفل إلى الروضة أمر إيجابي ومفيد لكي يتعود فيما بعد على ارتياد المدرسة دون أن يؤثر ذلك على نفسيته.

 

روضات الأطفال بين الخدمات الجيدة والرديئة

تشتكي العديد من الأمهات اللاتي يعتمدن على روضات الأطفال في الاهتمام بأبنائهن من تدني الخدمات التي يقدمونها ولامبالاة المسؤولين بذلك، رغم أن الأهالي يدفعون المستحقات المالية باستمرار، وتشمل هذه الخدمات خاصة الإطعام والمأوى، فبعض الروضات لا تحتوي على مدافئ تقي الأطفال برودة الجو أو أسرّة تريحهم عند النوم، زيادة على تردي نوعية الطعام المقدم الذي يجب أن يحتوي على عناصر غذائية متنوعة يحتاجها جسم الطفل، كل هذا يجعل الأهالي يتذمرون من هذه الوضعية

والمعاملة لبعض الروضات، في حين نجد أن هناك روضات أخرى تتوفر فيها كل شروط العناية والاهتمام بالأطفال بدءا بالمؤطرين والحاضنات وصولا إلى المأوى من أكل وشرب ونوم وألعاب وغيرها حتى أنها تقوم بتعليم الأطفال الكتابة والقراءة وحتى اللغات الأجنبية، فحسب تصريحات بعض الأولياء فإن هذه الروضات وما تقدمه من خدمات لأطفالهم تستحق المبالغ المالية التي تأخذها مقابل ذلك كونها تؤدي عملها على أكمل وجه. وعند استفسارنا عن الأسعار، ذكر البعض أنها تفوق معظم الأحيان 10 آلاف دينار، أما الحد الأدنى فقد يصل إلى ثمانية آلاف دينار للشهر الواحد.

وبالنظر إلى ازدياد الطلب عليها وأهميتها عند بعض العائلات، فقد تزايد عدد روضات الأطفال والمربيات يقبلن على التكوين في هذا المجال.

 

 

الأخصائيون يحذرون من تعويض الأم ببدائل أخرى

يرى العديد من الأخصائيين النفسانيين أن الأم وحدها هي الأقدر على اعطاء الحنان لأطفالها ورعايتهم وتربيتهم تربية صحيحة وسليمة، خصوصا في المراحل الأولى من عمره، حيث يكون الطفل بحاجة ماسة إلى رعاية وتوجيه والدته لأنه يكون متعلقا بها لدرجة كبيرة، وهذا الوضع يجعل الطفل لا يرغب في مفارقتها

والابتعاد عنها، لهذا نجد أن الطفل عندما تتركه والدته عند المربية في الأيام الأولى يصبح الاعتناء به جد صعب نتيجة لبكائه المستمر ورغبته في لقاء أمه، لكن هذا الوضع يتغير مع مرور الوقت خاصة عندما يتعود الطفل على المربية ويتعلق بها كأنها أمه فيصبح مطيعا لأوامرها ويقلدها في كل شيء تفعله حتى في السلوكات الخاطئة لأنه لا يفرق بين الخطأ والصواب، فتصبح المربية في نظره القدوة التي يقتدي بها في حياته بفعل الاحتكاك الدائم بها وقيامها بكل ما يحتاجه من أكل وشرب وتنظيف، فيعزز هذا ارتباطه بها.

ل. ب