يزداد مشكل الحصول على مكان في القسم التحضيري صعوبة كل سنة بسبب تزايد عدد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن الست سنوات، خاصة مع رغبة الكثير من الأسر في تسجيل أبنائهم في الأقسام التحضيرية ليتعودوا على المدرسة قبل بلوغهم 6 سنوات وهو السن الرسمي للالتحاق بالمدرسة.
وبسبب الاكتظاظ، اضطرت بعض المدارس إلى الاستغناء عن الأقسام التحضيرية، وهو ما أدخل المسؤولين على هذه المدارس في مشاكل مع أولياء التلاميذ الراغبين في تسجيل أبنائهم في الأقسام التحضيرية والذين لا يقتنعون بحجة عدم وجود أقسام فارغة، حيث يعتبرون هذا تلاعبا بأبنائهم.
رياض الأطفال والمساجد البديل الأنسب للأطفال
مع الاكتظاظ الحاصل ونتيجة استحالة الحصول على مقاعد شاغرة، وجد الأولياء في المساجد ورياض الأطفال البديل الأنسب للأقسام التحضيرية، حيث تقوم المساجد والرياض بتعليم الأطفال وتحضيرهم بشكل جيد للالتحاق بالمدرسة، ويتفق جل الآباء على تسجيل أبنائهم و تحضيرهم للدراسة ولكنهم اختلفوا في الوجهة التي يقصدونها في حالة عدم تمكنهم من الحصول على مقعد لطفلهم في القسم التحضيري.
وإذ تفضل فئة معتبرة من الأولياء تسجيل أبنائها في رياض الأطفال، خاصة وأن هذه الأخيرة انتشرت بصورة كبيرة، سواء تلك التي تقدم لقاصديها تعليما مشابها لما يتلقاه الطفل أثناء دخوله المدرسة، أو تلك التي تقدم له تعليما أجنبيا محضا تمهيدا لإدخاله فيما بعد إلى مدارس خاصة تعتمد أساسا على برامج تعليم الأجنبية.
في حين اختار آباء آخرون أن يلحقوا أبناءهم بالأقسام التحضيرية التي تم فتحها عبر عدد كبير من المساجد لضمان تعليمهم في جو غير بعيد عن واقعهم الجزائري والإسلامي وعاداتهم وتقاليدهم، وكذا لسانهم العربي الفصيح، ويرجع أغلب الآباء سبب تفضيلهم رياض الأطفال الموجودة في المساجد على رياض الأطفال الأخرى إلى كون الأولى حريصة حرصا تاما على تلقين الطفل مبادئ اللغة والدين، وتعمل على تحفيظه السور القرآنية والحروف العربية والأرقام، وكذا الأناشيد الدينية والأدعية، مما يسهم بدوره في تربية الطفل وتنشئته في بيئة إسلامية نقية، تهذب طباعه وتجملها، وتكسبه فصاحة في اللسان، وكذا تفوقا على بقية أقرانه لدى دخوله المدرسة، بالإضافة إلى انخفاض رسومات التسجيل بها التي تبقى في متناول الجميع، وفي هذا الصدد يقول السيد “صديق” من براقي إنه فضل تعليم أبنائه الثلاثة في المسجد على إدخالهم دور الحضانة، وكانت البداية بابنته البكر شيماء، حيث سجلها عندما كانت تبلغ 4 سنوات من عمرها في المسجد وتعلمت جيدا هناك وفي ظرف قصير تعلمت جميع الحروف والأرقام، وحفظت عددا لا بأس به من السور القرآنية، وكثيرا من الأناشيد والأدعية في فترة قصيرة جدا لم تتجاوز الأشهر منذ إلحاقها بمسجد الحي، ما جعله يكرر التجربة مع ابنيه الصغيرين وفعلا كانت النتيجة جيدة، كما يضيف السيد “صديق” أن التعليم في المسجد لا يكلف كثيرا مقارنة مع دور الحضانة، وهو ما مكنه من تعليم أبنائه دونما معاناة.
أكثر من 500 روضة تابعة للمساجد في العاصمة وحدها
دفع تزايد إقبال الآباء على رياض الأطفال التابعة للمساجد إلى لجوء الدولة مؤخرا إلى فتح أقسام تحضيرية بها، وتؤكد لنا الآنسة “سامية” معلمة في الطور الابتدائي أن الأطفال الذين تلقوا تعليمهم في الأقسام التحضيرية في المسجد يبدون تفوقا ملحوظا مقارنة ببقية زملائهم الذين التحقوا بالرياض العادية، وتقاسمها الرأي زميلتها “رشيدة” وتؤكد بأنها ورغم كونها معلمة، إلا أنها حريصة على إلحاق أبنائها بالمسجد في أولى مراحل تعليمهم، وتوضح: ”أنا حريصة جدا على تلقين أبنائي منذ نعومة أظافرهم المبادئ الدينية لتحسين أخلاقهم، وهو الأمر الذي أظن أن معظم رياض الأطفال لا تضمنه بالقدر الكافي كما في رياض المساجد، وهو ما دفع الدولة إلى فتح أزيد من 500 روضة ملحقة بالمساجد، مرخصة من وزارة الشؤون الدينية والأوقاف.
رياض المساجد… ليست للفقراء فقط
ويعتقد الكثير أن معظم من يحرصون على تعليم أبنائهم في رياض المساجد هم من الفقراء والمتدينين، لكن الواقع يثبت عكس ذلك تماما، خاصة وأن عددا كبيرا من الأسر الميسورة الحال تلحق أبناءها بالمساجد وذلك لإعجابها بالمردود التعليمي الجيد الذي تقدمه رياض المساجد للأطفال، خاصة مع تنوع المواد التي يتلقاها الأطفال، وفي هذا الصدد تقول السيدة “سمية” إن زوجها أصر على تسجيل ابنته في رياض المسجد، في حين عارضت هي ذلك ولكنها وافقته مرغمة والآن وبعد رؤيتها للنتائج هي مستعدة لتكرار التجربة مع بقية أبنائها.
لمياء بن دعاس