إن المتأمل في القرآن الكريم والسنَّة النبوية المطهَّرة يرى ذلك الاهتمام الواسع الذي منحه الإسلام للعِرْض، فنجد الإسلام يمقت الزنا ويحرمه ويعتبره مِن أكبر الكبائر: ” وَلا تَقرَبُوا الزِّنَى إنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً” الإسراء 32 ، كيف لا؟ والزنا فيه هتكٌ للعِرض، وضياع للنسب، واعتداءٌ على الحُرُمات، وهدمٌ للأُسَر، وفساد للأخلاق. بل لقد وضع الشرع له حدًّا لا يتغير بتغير زمانٍ ولا مكان، وهو الجَلدُ لغير المحصَن: ” الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ” النور 2.
ولا يتوقف الأمرُ عند تحريم الزنا، بل نجد الإسلامَ يحرِّم كل مقدِّماته، مِن نظَرٍ، وخَلوة، وتبرج، وغير ذلك، فقد أمَر الحقُّ سبحانه المسلمين والمسلمات بغضِّ البصر: ” قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا” النور 30-31. ونهى الإسلامُ عن خَلوة الرجل بالمرأة الأجنبية إلا مع ذي محرَم لها، كما نهى عن تبرُّج النساء: ” وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى” الأحزاب 33 لأن التبرُّجَ وباءٌ متى ما انتشر في مجتمع فإنه يساعد على نشرِ الفواحش، وإشاعةِ المنكَرات، وتأجُّج الشهوات.
ولم تتوقف حمايةُ الأعراض في الإسلام عند هذا فحسب، بل نجد الإسلامَ يحُضُّ على أدبِ الاستئذان عند دخول البيوت الخاصة، لأن لكل بيتٍ حرمةً يجب أن تصان، ولا يحقُّ اقتحامُ البيوت دون إذنِ صاحبها، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: “إِنَّمَا جُعِلَ الِاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ البَصَرِ” رواه البخاري. وبعد ذلك نجد الإسلامَ يحرِّم قَذْفَ المحصَنات الغافلات المؤمنات، ويعتبره كبيرةً مِن الكبائر، ومِن السبعِ الموبِقات، ويضَع له حدًّا: ” وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ” النور 4.