يعيش الناس في هذه الحياة الدنيا في أحوال مختلفة بين سعادة وشقاء، ويُسْر وعُسْر، وفرح وحُزن، وصفاء وكدر. هكذا هي الحياة وهكذا أرادها الله عز وجل مد وجزر، حل وترحال، لقاء وفراق، بداية ونهاية، قال تعالى: ” وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ” آل عمران: 140. ويُعَرَّف الرضا بأنه سرور القلب بمُرِّ القضاء، أو سكونه تحت مجاري الأحكام. وبمعنى آخر: أنْ ترضى بما أنتَ فيه من السراء والضراء، ولا تتمنى خِلافَ حالك، قال ابن المبارك رحمه الله: “الرضا: لا يتمنى خلاف حاله”. وقد أجمع العلماء: على أنَّ الرضا مستحبٌ مُؤكَّد استحبابه، وليس بواجب كالصبر؛ لأنَّ كثيراً من الناس قد لا يُطيق الرضا أو لا يصل إلى درجته؛ لصعوبته عليهم. والرضا هو أعلى منازل التوكل على الله تعالى. ولم يوجبه الله تعالى على خلقه؛ رحمةً بهم، وتخفيفاً عنهم، لكنه تبارك وتعالى نَدَبَنا إلى الرضا، وأثنى على أهله، وأخبر أنَّ ثوابه رضاه تعالى عنهم كما قال سبحانه: ” وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ أَكْبَرُ ” التوبة: 72، فَرِضَا اللهِ عن أهل الجنة أكبرُ وأجلُّ من الجنة وما فيها. والفرق بين الرضا والصبر: أنَّ الصبر هو حبس النفس عن التَّسخُّط، وأمَّا الرضا هو انشراح الصدر بالقضاء. والإنسان عند حلول المصيبة له أربعُ حالات: إما التسخط، أو الصبر، أو الرضا، أو الشكر وهو أعلى مقامات الإيمان، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: “وَأَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ” رواه النسائي. وإنَّ الرضا له فضائل عظيمة، فمن أهمها:
– الرضا سببٌ لمغفرة الذنوب: كما جاء في الحديث: “مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا؛ غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ” رواه مسلم.
– الرضا سببٌ لوجوب الجنة لصاحبه: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “يَا أَبَا سَعِيدٍ! مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا؛ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ” رواه مسلم.
– الراضي بقضاء اللهِ أغنَى الناس: لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “اتَّقِ الْمَحَارِمَ؛ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ. وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ؛ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ” رواه الترمذي.
موقع إسلام أون لاين