ولد سي محند أولحاج يوم 7 مارس 1911 بقرية بوزقان، ولاية تيزي وزو. وهو الابن الوحيد لأبيه، وتحصل على شهادة التعليم الابتدائي بقرية ميشلي عين الحمام حاليا، وذلك سنة 1926، إلا أنه توقف عن متابعة دراسته نظرا لظروف عائلته المادية التي كانت تمتهن الحدادة، وهي الحرفة التي ورثها رغما عن إرادته فكان يساعد أبيه مما أكسبته صفات الصبر والمثابرة ومقاومة الظروف الصعبة. توفي أبوه سنة 1932 مما جعله يتحمل المسؤولية وهو صغيرا، فزادت عزيمته أكثر وأصبحت تبعات ومسؤوليات تأمين عيش الأسرة عليه، غير أن ذلك لم يثبط عزيمته التي اكتسبها من عمله في الحدادة، والانتقال إلى أفق أوسع سعيا وراء الرزق في الهضاب العليا، ففتح محلا له في هذه الحرفة في مدينة سطيف. وشاءت الأقدار أن يرى سي محند بأم عينه مجازر 8 ماي 1945، مما عزز في نفسه روح النضال والانضواء تحت راية حركة انتصار الحريات الديمقراطية وشهد انتصار هذا الحزب في انتخابات عام 1947. وفي عام 1948 غادر الوطن إلى فرنسا أسوة بإخوانه الشباب بحثا عن الرزق، غير أنه لم يطل به المقام هناك إلا ستة أشهر ليعود بعدها إلى الوطن ويستقر في العاصمة.
وكان سي محند أولحاج مشاركا في ثورة التحرير الجزائرية منذ الساعات الأولى، ينظم الاجتماعات ويجمع الأموال ويتبرع بسبعة ملايين فرنك فرنسي قديم للثورة المظفرة، ويزج بزوجته وأولاده الستة في الثورة المسلحة، وفي عام 1955 كلف بتنظيم لجان جبهة التحرير بناحية (بني إيجار). وفي شهر سبتمبر 1956 عين قائدا لـ (منطقة عزازقة) الناحية الرابعة، المنطقة الثالثة في الولاية الثالثة برتبة ملازم أول وفي ماي 1957 رقي إلى رتبة (ملازم محافظ سياسي) للمنطقة الثالثة الولاية الثالثة.
وفي أكتوبر 1957 أصبح برتبة (نقيب) و(قائد للناحية الثالثة، الولاية الثالثة التاريخية). وفي أفريل 1958 رقي إلى رتبة (رائد محافظ سياسي للولاية الثالثة). وأثناء الاجتماع المنعقد في مارس 1959 بحضور إطارات الولاية الثالثة التاريخية بإشراف العقيد عميروش آيت حمودة، عين برتبة (عقيد) قائدا بالنيابة للولاية التاريخية، بدل العقيد عميروش الذي كان يزمع الالتحاق بتونس غير أنه استشهد مع العقيد سي الحواس في جبل (ثامر) بنواحي بوسعادة يوم 29 مارس 1959.
مما كان له الأثر الفاجع في نفوس المجاهدين وأبناء الشعب غير أن العقيد سي محند والحاج وبحكمته المعروفة بادر إلى توزيع مناشير عبر منطقة القبائل تدعو إلى الهدوء قائلا: “مات العقيد عميروش لكننا نحن جميعا عميروش”، وهذا ما هدأ النفوس وغليانها وأعاد الأمور إلى نصابها والأوضاع إلى سكينتها.
وفي نوفمبر 1959 تقلد مسؤولية الولاية الثالثة في تلك الظروف الصعبة التي أعقبت استشهاد الرائد عبد الرحمان ميرة، إذ كان عليه مواجهة العمليات الفرنسية العسكرية وما أنشأته من موانع مكهربة بـ (خطي شال وموريس) لمنع وصول العتاد الحربي إلى الولايات.
وفي ظل ظروف إنزال الفوج السادس للمظليين (G.R.P.I.M.A) على منطقة أكفادو والتي اقتحمت منطقة القبائل بـ 000 36 جندي مظلي، وضع العقيد سي محند والحاج خطته لمواجهة الوضع، فشكل أفواجا مصغرة أمرها بالتحرك لمواجهة العدو وبشكل مباشر، وجعل وحدات التسليح والمكوث قرب القرى لتمويل المجاهدين وأثمرت خطته الحكيمة وفشلت خطة شال ولقبه جنرالات فرنسا بـ (الثعلب الشيخ) الذين كانوا يجدون أنفسهم أمام هذا القائد في كل موقعة خاضوها. كما رفض سي محند والحاج تمزيق وحدة المجاهدين التي نادى بها الجنرال شارل ديغول تحت اسم (سلم الشجعان) أوائل جويلية 1960 موضحا للوسيط سي صالح بأن الولاية الثالثة تبقى متحدة مع الحكومة الجزائرية المؤقتة حتى تحقق النصر. ويعتبر سي محند والحاج من القادة القلائل الذين لم يغادروا الجزائر أثناء الثورة إلى غاية الاستقلال وقد لقبه قومه (أمغار) أي الشيخ ليس لكبر سنه ولكن لحكمته ووقاره وقدرته على حل المشاكل المستعصية.