يدرك الناظر تزايد ظاهرة جنوح الشباب بشكل مخيف، ولا شك أن هذه الظاهرة متعددة الجوانب، لعل أبرزها الانحراف العقدي الذي من أسبابه دخول معلومات مغلوطة إما توافق شكَّه أو ظنه أو توافق هواه أو تشكيل بيئة جماعية تتبنَّى هذه الاعتقادات الناشئة عن المعلومات المغلوطة، فالتأثر منبعه أمران: إما المخالطة، أو تشويه العقيدة السويَّة أمام أتْباعها، وكلا الأمرين من خارج الإنسان؛ إذ لو كان البناء العقدي للإنسان متينًا ومكينًا؛ فلا يكون لهذين الأمرين تأثير في الانحراف عن العقيدة السويَّة عند الفرد أو حتى الجماعة؛ لأن المتانة والمكانة تعني تمام الإحكام، وكلما أحكم البناء صَعُبَ تأثير العوامل الخارجية فيه. وجنوح الشباب بشكل مخيف للانحراف الأخلاقي، عندما ترى زيادة في نسبة الشباب الذين يتعاطون المخدرات والكحول وغيرها، وتجد أن بعض من انحرف من شبابنا من عهدناهم وعرفناهم أبرارًا أغيارًا أطهارًا، من الشباب الذين تتمنى أن تكون ذريتك كأمثالهم، انتكست مفاهيمهم، وتقلبت قناعاتهم، وأصبح يرى ما كان مكروهًا محبوبًا، وأصبح ما يأنف منه يتودَّد إليه، وأصبح ما كان يستحي أو يأنف من سماعه يتفاخر به.
وسبب انحرافه كان سببه رفقة تساهَلَ بالجلوس معها وبمخالطتها؛ ولذلك حذر النبي من الجليس السيئ، ففي حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إِنِّما مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ، وجَلِيسِ السُّوءِ، كَحامِلِ المِسْكِ، ونافِخِ الكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ، إِمَّا أنْ يَحْذِيَكَ، وإِمَّا أنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وإِمَّا أنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، ونافِخُ الكِيرِ، إِمَّا أنْ يَحْرِقَ ثَيابَكَ، وإِمَّا أنْ تَجِدَ رِيحًا خَبيثَةً” رواه البخاري ومسلم. إن جهل الشاب بأمور الحياة قد يقودهم إلى المهالك والمزالق والانحرافات والجنوح دون أن ينتبه إلا بعد فوات الأوان؛ أي: بعد أن يكون قد دفع ضريبة جهله ثمنًا باهظًا، سجنًا، أو طردًا من البيت، أو هجرانًا من قبل الأصدقاء، وبكلمة أخرى يصبح منبوذًا اجتماعيًّا يتبرَّأ أهله وأصحابه منه. إن الحملات المسعورة التي تستهدف اقتلاع الإسلام والإيمان بالله واليوم الآخر من قلوب شبابنا جذوره مُستَعِرةٌ لا تهدأ، مُتَّقدةٌ لا تنطفئ، وهناك من يزيدها ضرامًا، ولا يزالون يواصلون جهودهم ويمكرون بالليل والنهار ليردُّوا من استطاعوا عن دينه ومبادئه خصوصًا فئة الشباب. والآن يأتي السؤال: كيف ننمي طموح شبابنا ؟
1- الاستعانة بالله ودوام الدعاء: فعلى الرغم من أهمية الوسائل التربوية وفاعليتها، إلا أن الأمر كله موكول لله تعالى، بيده القلوب يقلبها كيف شاء، فلا تنس -في زحمة التربية- الاستعانة بالله دائمًا، والتوجُّه إليه بالدعاء ليُعينك ويسددك.
2- الصحبة الصالحة: فلا يمكن تنمية أيٍّ من الجوانب الإيجابية دون أن تهيئ صحبة صالحة، تذكره إذا نسي، وتُشجِّعه إذا أقدم، وتُعينه.
3- الابتعاد عن سفاسف الأمور: أصحاب الطموحات الراقية والهمم العالية لا ينغمسون في الأمور التافهة فتشغلهم عن معاليها، عن الحسين بن علي رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إن الله تعالى يحبُّ معالي الأمور وأشرافها، ويكره سفسافها” صحيح الجامع الصغير.
من موقع شبكة الألوكة الإسلامي