إنَّ لكل صاحب مهنةٍ من تجارةٍ أو زراعةٍ وغيرها موسمًا يغتنمه ولا يفرطُ فيه ليعود عليه بالنفع والخير الكثير. وأعظم تجارة لا تعرف الكساد ولا الخسران التجارة مع الله فإن أربحاها مضمونةٌ تبدأ من عشرةِ أضعافٍ إلى سبعِ مئة ضعفٍ والله يضاعف لمن يشاء، فطوبى لمن بذلَ كل ما يستطيعُ في تجارةٍ تنجيه من عذابٍ أليمٍ وتدخلَه جناتِ النعيمِ المقيمِ نعيمٍ لا أذنٌ سمعت بمثله ولا عين رأت نظيره ولا خَطَرَ على قلبِ بشر ؛إنَّه يفوق الوصف ولا يصل إليه الخيال ,ويبقى العقل في حيرته أن يعرف كنههُ. إنَّ من هذه المواسم التي يغتنمها المؤمن فصلُ الشتاءِ فهو الغنيمة الباردة فهو فصلٌ باردٌ جوه قصيرٌ نهارُه فيصامُ، طويلٌ ليلُه فيقام. وإن الصيام من أجل الأعمال فقد أدخرَ اللهُ ثوابَه عنده لا يعلمُه إلا هو سبحانه، ففي الحديث فيما يروه الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه: “قال اللهُ عزَّ وجلَّ كلُّ عملِ ابنِ آدمَ له إلا الصيامُ لي وأنا أجْزِي بِهِ، ولَخَلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطيبُ عند الله من ريحِ المِسْكِ” رواه أحمد. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل” أخرجه مسلم. فأما عن حال الفقير أو المسكين المتعفف الذي لا يسأل الناس إلحافًا في فصل الشتاء فلا تسأل، فلا ملابس تقي البرد ولا طعام يسد الجوع، فابحثوا عن هؤلاء وسدوا حاجتهم ففي مثل هذا الحال يعظم الأجر للصدق ويُقْضَى بها للناس حاجات. قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لرجلٍ وهو يَعِظُه “اغتنِمْ خمسًا قبل خمسٍ: شبابَك قبل هَرَمِك، وصِحَّتَك قبل سَقَمِك، وغناك قبل فقرِك، وفراغَك قبل شُغلِك، وحياتَك قبل موتِك”. يا ابن آدم أيامك معدودة فاغتنمها، وسارع في مرضات الله تفز برضاه وتنجوا من سخطه، والدنيا ساعة فاجعلها طاعة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لاَ تزولُ قدَمُ ابنِ آدمَ يومَ القيامةِ من عندِ ربِّهِ حتَّى يسألَ عن خمسٍ: عن عمرِهِ فيمَ أفناهُ، وعن شبابِهِ فيما أبلاَهُ، وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ، وماذا عملَ فيما علِمَ” رواه الترمذي.
موقع إسلام أون لاين