صداق المرأة في الإسلام

صداق المرأة في الإسلام

الصَّداق واجبٌ بدليل الكتاب والسنة والإجماع؛ لقول الله تعالى: ” وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ” النساء: 4، وقوله تعالى: “فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ” النساء: 25، ولفِعله صلَّى الله عليه وسلَّم فلم يكنْ يُخلي النِّكاح من صَداق؛ أخرج البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: أتَتِ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم امرأةٌ فقالت: إنها قد وهبت نفسَها لله ولرسوله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: “ما لي في النساء من حاجةٍ” فقال رجل: زوِّجنيها، قال: “أعطِها ثوبًا” قال: لا أجد، قال: “أعطها ولو خاتمًا من حديدٍ” فاعتلَّ له، فقال: “ما معك من القُرآن؟” قال: كذا وكذا، قال: “فقد زوَّجتُكها بما معك من القُرآن” فجعَل صداقها أنْ يُعلِّمها ما معه من القُرآن الكريم، وفي لفظٍ عند مسلمٍ قال: “انطلق، فقد زوَّجتُكها، فعلِّمها من القُرآن” وقد أجمع أهلُ العِلم على مشروعيَّة الصَّداق. وتُسَنُّ تسمية الصَّداق في العقد؛ لئلا يحصل فيما بعدُ نزاعٌ بين الزوجين في مِقدارِه ونوعِه. وليس ذِكرُه شرطًا؛ بدليل قوله تعالى: ” لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ” البقرة: 236، فلو عُقِدَ النكاح دون تسمية الصَّداق، فإنَّ النِّكاح صحيحٌ. ويُفرَض للزوجة صَداقُ مِثلِها بعد ذلك؛ لأنَّ الصَّداق واجبٌ لا يمكن إسقاطُه.

والحكمة في مشروعيَّة الصَّداق أنَّ فيه مُعاوضةً عن الاستِمتاع، وتعزيزًا لجانب الزوجة، وتقديرًا لمكانتها من قبل الزوج، ومُساعدةً لها على تجهيز نفسها وتكميل احتياجاتها؛ كي تنتقل إلى بيت الزوجيَّة بكرامةٍ واستعداد. أما مِقدار الصَّداق، وهل هناك حَدٌّ لازم لأقلِّه أو أكثره؟ وما المستحبُّ في ذلك؟ قال أهل العلم: لا حَدَّ لأقلِّ الصَّداق، حتى ولو كان درهمًا، ودليل ذلك أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال للرجل: “التَمِسْ ولو خاتمًا من حديد” أخرجه البخاري ومسلم، والخاتم من الحديد لا يُساوِي شيئًا. فأمَّا أكثره فلا حَدَّ فيه بإجماع أهل العلم، كما حَكاه الإمامان ابن عبد البر وابن رشد، وقد قال الله تعالى: ” وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ” النساء: 20، إلا أنَّ العُلَماء استحبُّوا تخفيفَ الصَّداق؛ فقد أخرَجَ النسائيُّ وغيره عن أبي العَجْفاء قال: قال عمر بن الخطاب: “ألا لا تُغلوا صُدُقَ النساء؛ فإنَّه لو كان مَكرُمةً في الدنيا أو تقوى عند الله عزَّ وجلَّ لكان أولاكم به النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ما أصدَقَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم امرأةً من نسائه، ولا أُصدِقتِ امرأةٌ من بَناته أكثرَ من ثنتي عشرة أوقية، وإنَّ الرجل ليغلي بصدقَة امرَأتِه حتى يكون لها عَداوة في نفسه”، وصحَّحه الألبانيُّ. وفي تخفيف قدْر الصَّداق مَصالِحُ كثيرة منها:

– التَّأسِّي بالنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فإنَّ صَداق زوجات النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وبناته كان خفيفًا.

– أنَّ الإنسان إذا تزوَّج امرأةً بمهرٍ يسير كان ذلك من أسباب تحصيل المودَّة والمحبَّة بينهما. فالحاصل أنَّ في تخفيف المهور موافقةً لهدْي النبي عليه الصلاة والسلام ورأفةً بالزوجين، وسَعْيًا في تحصيل المودَّة بينهما.

من موقع شبكة الألوكة الإسلامي