صلاح الولد قرة عين الوالد، ومُنى نفسه حين يغدو صلاح ولده – ابنًا كان أو بنتًا – بركةً عليه؛ يتفيَّؤ ظلالها، وينعم بروْحها، ويرجو برها وذخرها في الدارين. وطفق ذلك الوالد الموفق متلمِّسًا أسبابَ صلاح ولده؛ ليظفر بتلك النعمة الربانية السابغة. هذا، وقد أشار القرآن الكريم إلى أن صلاح الوالد – أبًا كان أو أمًا – الذي به يرعى حقَّ ربه وحق الخلْق سببٌ غالبٌ يصلح الله به الولد، ويحيطه بكلاءة منه وإحسان، كما قال تعالى حاكيًا عن الخضر عليه السلام في بيان سبب إصلاحه جدار اليتيمين الذي أراد أن ينقض فأقامه إذ يقول: ” وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ” الكهف: 82، قال ابن عباس رضي الله عنهما: “حُفِظا بصلاح أبيهما “. قال ابن كثير: “فيه دليل على أن الرجل الصالح يحفظ في ذريته، وتشمل بركة عبادته لهم في الدنيا والآخرة، بشفاعته فيهم ورفع درجتهم إلى أعلى درجة في الجنة لتقر عينه بهم، كما جاء في القرآن ووردت السنة به”. وقد فقه السلف تلك الهداية الربانية؛ فكان مما يحتسبونه في طاعتهم لربهم ابتغاءَ صلاحِ أولادهم، قال سعيد بن المسيب لابنه: يا بُنيّ، لأزيدن في صلاتي من أجلك؛ رجاءَ أن أحفظ فيك، وتلا هذه الآية “وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا”، وقال عمر بن عبد العزيز: ” ما من مؤمن يموت إلا حفظه الله في عقبه وعقب عقبه “، وقال محمد بن المنكدر: “إن الله عز وجل ليحفظ بحفظ الرجل الصالح ولدَه وولدَ ولدِه ودويرتَه التي فيها والدويرات حوله؛ فما يزالون في حفظ من الله عز وجل وستر”. إن إكرام الله الوالدَ الصالحَ بصلاح ولده هبةٌ ربانيةٌ جاريةٌ على سنة الله في مجازاة المحسن بإحسان فائقٍ من جنس ما عمل، كما قال تعالى: ” هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ “. وصلاح ذلك الوالد حِفْظٌ حَفِظَ به ربَّه؛ فحَفِظَه ربُّه في ولده حين أصلح قلبه الذي هو بين أصبعين من أصابعه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” احفظِ اللهَ يحفظك ” رواه الترمذي.