من منا لم تتعطر أثوابه بأنفاس الحب
من منا لم يمشِ على الأشواك تمسكاً بأذيال الأمل
من منا لم يرتعد أمام المجهول
نعلن عن خزائن مكنونات صدورنا وعقولنا
من منا لم يحلم بأنه طائراً في الفضاء ينفذ كل نجاحاته الفاشلة في الحياة
من منا لم يكن أسير حلمه.. جبار أمام نفسه وقَزَمٌ أمام فكره ذلك السيف المتوهج كالقمر مصلوباً بغمدهِ متشح بثوب السكوت ناظراً ببصيرته أعماق الحياة
من منا لم يرغب الثقافة والعلم لخوض الفلسفة والسياسة بل من أجل التحليل النفسي لكل ما نسمعه..
نعم ما زلنا تائهين عن الواقع المريض الذي نعيشه والمنذر بخطر الفناء…
فتفكيرنا المصيب منه خاطئ ومبدؤنا المنطقي ﻻ منطقي والمميز في حياتنا مبتذل هذا ﻷننا نسعى جاهدين وراء تحقيق الرفاهية في الحياة من بيع هدفنا الحقيقي، فإن بقي هذا محورنا سيبقى وجودنا هو مرضنا…
نحن كعرب ماذا فعلنا للعروبة لإثبات وجود أمتنا… لقد استخدمنا القضية كذريعة تستتر وراءها صراعات طائفية ومراكز تمويل مادي عالمي ﻷهداف شخصية وسياسية إلى أن أصبحت العروبة اسما بلا مسمى ومنهم من استخدمها لتحقيق اندفاعات وانفعاﻻت مكبوتة، والذي يلاحظ منذ زمن ليس بقريب عند أية مناسبة للكلام عن اﻷمة ﻻ تكون فكراً بل سلسلة مزركشة من التأكيدات والشعارات ثم تتحول فيما بعد إلى صراخ و هتاف في ساعة الحماس وهذا ما حول القضية إلى انفعال بأفكار مبعثرة ينقصه اﻷسلوب للإقناع الفكري العملي وبلا إكراه…
أيها التائهون
الفكر ليس طريقاً إلى الوجود، بل الفكر هو الوجود ومن خلاله نرسم الطريق للوصول والارتقاء، إذ أن الفكر عقل في مقياس المصير نحو أية مشكلة نواجه بها وعلى أي صعيد كان في الحياة، فالغنى ليس فيما نملك من ثروات، بل فيما نخلفه من تراث حضاري خلفنا لأجيال أنجبناها وإن خسرنا هذا نخسر ذاتنا كلاً فكلنا أوﻻد المجد الرائع الذي خلف لنا وبعهر الحكام دمر عملياً، وبوقاحة نتغنّى به دون أن نجعل منه رصيداً نوظفه لإثبات وجودنا كلاً متماسكاً.
انظروا ماذا جنت اﻷيدي المتفككة؟ فلقد وضعنا الفكر بين الحياة والموت وأصبحنا أمام تحديات كبيرة إقليمية وعربية وعالمية..فعندما نقول يجب أن نكون مثقفين بإدراك ووعي ليس بمعنى أن الثقافة مضافة إلينا، والحقيقة الواضحة لدينا ليس كل متعلم مثقف هذا ﻷن الثقافة تعني اﻷخذ بجميع العلوم والمعرفة والسياسة وغيرها من المشكلات الحياتية العامة، ولنقول بجرأة ليست الثقافة دليل اﻹستقامة، إذ أننا نرى الكثير من المثقفين ﻻ تعرف اﻹستقامة إلى نفوسهم طريقاً ..
هذا واقعنا المريض الذي نعانيه كل يوم بألم مرير وما أكثر المدعين النزاهة في هذا المجتمع الذي تسيطر عليه الغوغائية والفوضى وكأن المرض التركي كان سباته في الدماء فاستيقظ من جديد والمصيبة المروعة لا دواء لهذا المرض العضال الذي نسف ثمار سنابل البلدان من الداخل ونحن نتغنَّى بنضوجها تارة والدود يأكلها من الداخل تارة أخرى غير مبالين بالحقيقة والتاريخ…
هكذا بدأ ظهور الذين مسخوا الفكر الحق ﻷنهم لم يعالجوا الوقائع المريضة بالعمل الفكري أي أنّ الفكر يرافقه العمل على أرض الواقع لتثبيته حقيقة ملموسة ..
نستنتج أن الفكر بالعمل وقيمته فيما يرمي إليه وأقول هذا ﻷن في يوم وﻻ أعرفه طمست معالم هويتنا وانتهكت حريتنا وانهارت قيمنا، فإلى أين نمضي في هذا الوجود؟ إلى وجد يقتلنا أم إلى أمل يحيينا !!!؟؟
..لست أدري..
ولكم حرية اﻵراء.. يا أصدقاء
لميس سلمان صالح/ سورية- طرطوس