عائشة باركي.. مسيرة حافلة بالإنجازات في مجال محو الأمية بالجزائر

عائشة باركي.. مسيرة حافلة بالإنجازات في مجال محو الأمية بالجزائر

يبقى إسم الراحلة عائشة باركي، التي قرر رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، منحها وسام الاستحقاق “عشير”، خالدا في مسار محو الأمية ومحاربة الجهل، حيث ساهمت هذه المعلمة من خلال جمعية “إقرأ” في محو أمية أكثر من 6،1 مليون شخص على مدى أكثر من ثلاثين عاما.

وقد أمضت عائشة باركي، حياتها في محاربة الأمية، التي تعد أبشع إرث تركه الاستعمار الفرنسي في أوساط المجتمع، خاصة لدى الشباب والعنصر النسوي.

 

نضال وعمل دؤوب على مدار السنين

فبنضالها وعملها الدؤوب عملت هذه المرأة الاجتماعية التي لم تفارق الابتسامة محياها على غرس حب التعلم لدى كافة الشرائح منها كبار السن، حيث ترأست لعقود جمعية “إقرأ” الوطنية لمحو الأمية.

 

التعليم من أهم القضايا العادلة

وبدأت عائشة باركي وهي من مواليد 12 جويلية 1946 بعين بسام في ولاية البويرة، التعليم في فروع محو الأمية في سن مبكرة والتدريس بشكل رسمي في مدارس العاصمة. وكان التعليم بالنسبة لهذه المرأة المثابرة، من أهم القضايا العادلة التي ناضلت من أجلها حين أتيحت لها الفرصة سنة 1963 لأن تكون من بين الفتيات اللواتي بدأن في التعليم بفروع محو الأمية، كمستخلفة إلى أن تحصلت على منصب عمل ثابت وبدأت التدريس بالحراش في الجزائر العاصمة. بعدها انتقلت إلى مدرسة محمد إقبال، لتتدرج من معلمة إلى مديرة بمدرسة الموحدين بالعاصمة، وكلل هذا المسار المميز بتقاعد مسبق بعد 32 سنة في مجال التعليم. وقد بادرت عائشة باركي، في بداية التسعينات من القرن الماضي، بتأسيس الجمعية الجزائرية “إقرأ” لمحو الأمية التي اعتمدت يوم 29 ديسمبر 1990، وذلك في ظروف جد صعبة كانت تمر بها الجزائر. وتم الإعلان الرسمي عن ميلاد هذه الجمعية، يوم 8 جوان 1991 المصادف لليوم العربي لمحو الأمية. وحددت الجمعية، أهدافا لتحقيقها، منها محاربة الأمية في أوساط الشباب والرسوب المدرسي وغرس روح التعلم لدى كافة فئات المجتمع. كما عملت الجمعية، على إنشاء مراكز محو الأمية في كل مناطق البلاد وتدعيم الفئات المعنية بمكافحة الأمية بكل الوسائل الحديثة والسهر على تدعيم التربية لدى كافة فئات المجتمع فضلا عن إنشاء مراكز تعلم الحرف والصناعات التقليدية للنساء الماكثات في البيت. واستفادت المرأة الريفية أساسا من التعليم الذي توفره “إقرأ”، خصوصا تلك المتواجدة بالمناطق المعزولة بالتراب الوطني (الشاوية والنايلية والمزابية والتارقية… الخ) والتي أبعدتها الظروف التاريخية عن حقها الاساسي في القراءة والكتابة.

 

مشوار حافل وجوائز مستحقة

ونجحت الفقيدة باركي في هذه المهمة النبيلة في جلب أكبر عدد ممكن من المنخرطين في مشروعها. وتشهد على ذلك العديد من الشهادات التي تلقتها الجمعية ورئيستها على غرار الجائزة الدولية لمحو الأمية لمنظمة اليونيسكو سنة 1997 وجائزة منظمة “أليسكو” سنة 1998 وجائزة منظمة “إيسيسكو” سنة 2000. وفي سنة 1994، منح المجلس الدولي لتعليم الكبار جائزة “روبي كيد” للفقيدة عائشة باركي، وتولت منصب نائب رئيس المجلس، علما أنها تحصلت كذلك على صفة مراقب لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة سنة 1988 وكانت من بين مؤسسي المجلس الاقتصادي والاجتماعي لإفريقيا سنة 2008. كما تعتبر جمعية “إقرأ” عضوا في العديد من المنظمات غير الحكومية العربية. وعملت الفقيدة كذلك، على إنشاء مراكز تعلم الحرف والصناعات التقليدية للنساء الماكثات في البيت وتطوير الوسائط التكنولوجية في محاربة الأمية. وواصلت تحديها في محارية الأمية، بشعارها “حريتي في محو أميتي” لعقود لتكلل جهودها بوضع استراتيجية لمحو الأمية بالجزائر، مكنت من تخفيض نسبة الأمية عام 2019 إلى 7،8 بالمائة مقابل نحو 85 بالمائة عند الاستقلال. ومكنت هذه الاستراتيجية، الجزائر من الحصول على جائزة اليونيسكو لمحو الأمية لعام 2014 نظير المجهودات المبذولة لرفع نسبة التمدرس من طرف جمعية “إقرأ”. وكللت مجهودات ومساعي، عائشة باركي، بإصدار كتاب “أمحو أميتي” بثقافة اللاعنف كمساهمة منها في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة العنف التي تشرف عليها وزارة التضامن الوطني وقضايا الأسرة تحت شعار “من أجل مجتمع آمن”. واصلت الفقيدة مجهوداتها في آخر مسارها النضالي والجمعوي بإطلاق مشروع تعليم الأمازيغية للكبار في إطار محو الأمية عبر كل أرجاء البلاد. أصيبت الفقيدة عائشة باركي، بمرض عضال ألزمها الفراش منذ جانفي 2019 إلى أن وافتها المنية يوم 28 ماي من نفس السنة. وتبقى مسيرتها المشرفة رصيدا شاهدا على إخلاصها لوطنها وإسهاماتها في الحركة الجمعوية.

 

رئيس الجمهورية يمنح الفقيدة عائشة باركي وسام الاستحقاق “عشير”

قرر رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، منح الفقيدة عائشة باركي، رئيسة الجمعية الجزائرية لمحو الأمية “إقرأ” وسام الاستحقاق من مصف “عشير” تقديرا لمساهماتها الكبيرة في معركة محو الأمية، وكان رئيس الجمهورية قد قرر “منح الراحلة عائشة باركي طيب الله ثراها رئيسة الجمعية الجزائرية لمحو الأمية إقرأ وسام الاستحقاق عشير تقديرا لمساهماتها الكبيرة في معركة محو الأمية، لا سيما في أوساط المسنين وخاصة النساء في الأرياف والمدن الداخلية، وأعطى تعليمات لمنح صفة -جمعية ذات منفعة عامة- لجمعية “إقرأ “. للتذكير، فإن مصف الاستحقاق الوطني هو وسام استحقاق جزائري وُضع في حيز التطبيق في 2 جانفي 1984، ويعترف هذا الاستحقاق بالخدمات الجليلة المقدمة للوطن، خدمة مدنية، جمهور أو عساكر، كذلك خدمات هامة متميزة في الثورة، ويهدف أيضا المواطنين الذين ساهموا عن قرب أو بعد في رفع مكانة الوطن وتعزيزه. يشتمل مصف الاستحقاق الوطني على ثلاث درجات (عشير، جدير، عهيد) وثلاث رتب (أثير، عميد، صدر)

ل.ب