عادات متوارثة جيلا بعد جيل.. أجواء احتفائية مميزة لعيد الفطر

عادات متوارثة جيلا بعد جيل.. أجواء احتفائية مميزة لعيد الفطر

استقبل الجزائريون عيد الفطر المبارك في جو مليء بالفرح الممزوج بمظاهر التكافل والتآزر الاجتماعيين المتأصلين في المجتمع الجزائري.

 

أجواء البهجة حاضرة في البيوت والشوارع

وكعادته احتفل الشعب الجزائري قاطبا بعيد الفطر المبارك لهذه السنة بمظاهر إنسانية حث عليها الدين الحنيف والتي لا تظهر إلا في مثل هكذا مناسبات، وما طغى على جمال الصورة التي صنعها الجزائريون، احتضانهم للعيد السعيد في جو من البهجة والسرور، وما زاد من اكتمال ملامح العيد “الصغير”، التكافل والتآزر الاجتماعي المحفور في قلب الشعب الطيب.

فبالرغم من مرور السنين واختلاف الأجيال وتغير مظاهر الاحتفال حسب كل عصر بأول أيام شهر شوال، غير أن استقبال العيد الذي يبدأ بتبادل الزيارات بين الأهل والخلان، فمرورا بزيارة المقابر وعيادة المرضى في المستشفيات إلى تبادل أطباق الحلوى بين الجيران، هذه المظاهر وأخرى ما تزال سمة تطبع الأسر الجزائرية عامة والعاصمية بصفة خاصة .

 

أئمة المساجد يؤكدون على أهمية التكافل الاجتماعي

مع أولى نسمات صباح يوم عيد الفطر المبارك، اتجهت جموع المصلين إلى المساجد بغية تأدية صلاة العيد التي سبقتها التهليلات والتسبيحات حمدا لله على نعمتي الصيام والإفطار، والتي اقشعرت لها الأبدان بمجرد سماع الأذان لتلك التهليلات التي يخرج صوتها من المنبر.

وبهذه المناسبة دعا الأئمة جموع المصلين في خطبتي العيد إلى ضرورة التحلي بالتآخي والتآزر والتراحم التي تترجم القيم السامية التي نصت عليها تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.

وخصص أئمة العاصمة من جهتهم حيزا هاما من خطبهم للتأكيد على أهمية التكافل الاجتماعي والالتزام به في هذا اليوم في أوساط المجتمع الجزائري، على اعتبار أن مثل هذه الظواهر حجر الزاوية في بناء المجتمع وتماسكه خاصة فيما يخص الفئات الهشة من المجتمع كالفقراء والمسنين والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة.

 

الأطفال.. صناع بهجة العيد

لا يمكن في جميع الأحوال، تصور أجواء عيد الفطر المبارك وبهجته دون التطرق إلى ذلك المناخ المميز الذي يصنعه الأطفال ببراءتهم بعد أن ارتدوا أجمل الملابس التي اقتنوها خصيصا لليوم المعهود، بهدف التفاخر وسط أترابهم من الصغار، مشكلين بذلك قوس قزح من الألوان الزاهية التي لا تنافسها سوى ألوان الطبيعة في فصل الربيع وهي في أبهى حلة، خاصة وأن أيديهم كلها مخضبة بحناء العيد على اختلاف الأشكال والنقوش، غير أنها تبقى هي، حنّة العيد.

 

صور أجواء العيد في الأحياء تغزو مواقع التواصل الاجتماعي

تزينت مواقع التواصل الاجتماعي خلال العيد بالصور التذكارية لشباب الأحياء وهم في أبهى حلة، إضافة للعديد من الفيديوهات التي أظهرت احتفاء الجزائريين بعيد الفطر عبر مختلف الأحياء، حيث تم – وعبر العديد من الأحياء – وضع طاولات عليها حلويات العيد المرفوقة بالعصائر وأباريق الشاي، واجتمع حولها رجال الحي الذين ساهم كل واحد منهم بتحضيرها، فخلقت هذه المبادرة أجواء احتفائية مميزة بطابع جزائري محض، جسدت كرم الجزائري وتمسكه بتعظيم شعائر الله.

 

حلويات وأكلات شعبية تتربع على مائدة العاصميين

ولا تكتمل فرحة العيد دون أن تتربع على موائد العاصميين مختلف وألذ أنواع الحلويات التي تم تحضيرها خلال الأيام الأخيرة من الشهر الكريم، والتي أولت الفتيات وربات البيوت عناية خاصة لهذه الأطباق قصد الاحتفال بهذه المناسبة الدينية.

وإلى جانب الحلويات وفي الغذاء تحديدا، حضر طبق الكسكسي وبقوة في البيوت العاصمية التي قاطعته لمدة شهر، إذ من سابع المستحيلات الاستغناء عن هذا الطبق التقليدي في يوم كيوم العيد السعيد.

 

المقابر تعج بزوارها

ومن العادات الحميدة التي توارثتها العائلات الجزائرية أبا عن جد والتي لا يمكن لها أن تستغني عنها هو الوفاء لموتاها الذين فارقوا هذه الدنيا، ولم يكتب لهم في الحياة قضاء العيد رفقة الأهل والخلان، حيث يقوم أفراد من الأسر بزيارة أضرحة موتاهم وتذكرهم وكذا الدعاء لهم بخالص دعوات المغفرة والرحمة مع تقديم بعض من الصدقات بما تسمح لهم إمكانياتهم ومنحها المعوزين والفقراء الذين يتخذون من مداخل المقابر أماكن للتسول لهم.

وقد اختار عدد كبير من المواطنين والمواطنات زيارة المقابر في الساعات الأولى من صباح العيد حتى يتفرغوا بعد ذلك إما لزيارة الأهل والأحباب أو لاستقبال ضيوفهم في المنازل.

 

زيارة المرضى من أولى اهتمامات الفرد الجزائري يوم العيد

وهناك من المواطنين من اتخذوا من طريق المستشفيات وجهة لهم لعيادة المرضى الذين حالت ظروفهم المادية ومشاكلهم الصحية دون التنقل إلى منازلهم وإلى أحضان ذويهم لقضاء العيد وسط الإخوة والخلان، وفي هذا الشأن تحديدا شهدت الكثير من مستشفيات الجزائر العاصمة توافد العديد من المواطنين الذين أبوا إلا أن يشاركوا المرضى فرحتهم بالعيد ولمؤانستهم من جهة أخرى في شدتهم عسى ولعل يخففوا عنهم آلام المرض وحدّته، كما شهدت مصالح طب الأطفال نشاطات متنوعة وزيارات لعدد من المهرجين الذين بعثوا في نفوس الأطفال المرضى نصيبا من البهجة ولو قل مع حرصهم على توزيع الهدايا والألبسة لفائدة الأطفال الذين جاءوا للعلاج من عديد ولايات الوطن البعيدة، بحيث قامت الممرضات العاملات في المستشفيات بتخضيب أياديهم بالحنة احتفاء بهذه المناسبة المباركة وحتى يعودوا بهم إلى أجواء الأسرة ودفئها.

ق. م