كان عبد الكريم العقون شاعرا ملتزما، تحمّل عناء الكلمة إبان الاحتلال والثورة بكل جرأة وشجاعة، فكان يوقّع قصائده باسمه الحقيقي ولم يستخدم اسما مستعارا، ناضل بالكلمة وشارك في الحركة الإصلاحية مع شيوخ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ثم انضم إلى الثورة التحريرية، وانخرط في صفوف جبهة التحرير الوطني.
ولد عبد الكريم العقون في 1918 بقرية العقاقنة ببلدية برج الغدير ولاية برج بوعريريج، في أسرة محافظة في بيت أدب وعلم، اهتم والده بتعليمه وتحفيظه القرآن الكريم.
تتلمذ على يد الشيخ عبد الحميد بن باديس، ومجموعة من العلماء والأساتذة من جمعية العلماء في الجامع الأخضر بقسنطينة بين 1933 و1936، وابتداء من 1936 واصل تعليمه بجامع الزيتونة بتونس، ثم عاد إلى الجزائر في 1939 ونشر قصائده الأولى في الجرائد الوطنية كالبصائر والمنار والإصلاح، وأحسّ بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقه، وهو يرى أبناء شعبه يتخبّطون بين براثن الجهل والأمية والفقر، فقرّر تكريس حياته لخدمة وطنه، واختار المشاركة في الحياة الإصلاحية.
وأنشأ مدرسة حرة بشارع صالح بوعكوير بالعاصمة، أطلق عليها اسم الفلاح بمساعدة زميله الطيب العقبي، واشتغل معلما لمدة 15 سنة وهو يربي الأجيال ويغرس فيهم مبادئ الإسلام والوطنية.
كما منحته وظيفة الإمامة من محبة الناس وتقديرهم ما لم يمنح غيره من الأدباء، كان عضوا نشيطا في جمعية العلماء، كان يؤدي دور الواعظ والمرشد في المسجد، والمعلم والمربي في المدرسة ودور الشاعر المبدع في قصائده.
ونشر العقون في 1948 قصيدتين “روحي تناديك” و”عبرة” في مجلة إفريقيا الشمالية التي كانت تصدر شهريا بمدينة الجزائر ما بين 1948 و1949، توقف عن النشر بداية الثورة.
وعندما اندلعت الثورة، انتقل من جهاد الكلمة إلى الجهاد الثوري، انضم إلى صفوف المنظمة المدنية التابعة لجبهة التحرير الوطني التي اختارته أمينا لصندوق المال بالمرادية، وكان على صلة بالفدائيين يأويهم وينسق بينهم ويمدهم بالسلاح.
وعندما عرضت عليه جبهة التحرير الوطني فرصة مغادرة وطنه والهروب إلى المغرب، قال كلمته بكل ثقة «الجزائر بحاجة إلي، فكيف سأتركها في محنتها وروحي فداء لها؟».
وفي فجر 15 جانفي 1959، اقتحمت القوات الاستعمارية منزله، وألقت عليه القبض وأذاقته كل أنواع التعذيب في سجن الكورنيش بباب الوادي، وبعد ثلاثة أشهر نقل إلى سجن الدويرة أين أعدم يوم 13 ماي 1959.