ولد العقيد عبيدي محمد الطاهر المدعو الحاج لخضر في 13 مارس 1914م بقرية أولاد شليح باتنة، في أسرة فقيرة ماديا وتتلمذ في مسقط رأسه على حفظ القرآن، وكغيره من الأطفال امتهن في صباه ومقتبل شبابه ما تيسر له من الأعمال المتواضعة، وفي سنة 1936 سافر إلى فرنسا واشتغل في أحد معامل المعمرين لصنع الأسلاك الشائكة ثم عمل عتالا في مخبزة سيدة فرنسية بفضل بنيته الجسدية القوية ثم مسيرا للمخبزة لاحقـا أين سمحت له الفرصة بالتعرف على الكثير من المغتربين والاجتماع بالمناضلين منهم، حيث كانت له مجموعة من الجزائريين الذين كانوا يعملون في الخفاء والكتمان والسرية.
وعند اندلاع الحرب العالمية الثانية عاد إلى أرض الوطن واستقر في مدينة عين التوتة، حيث اكترى حماما يعمل فيه وشاحنة جعلها في خدمة الثورة والمواطنين وكان العقيد الحاج لخضر من أوائل الثوار على رأس فوج من 25 شخصا لمهاجمة ثكنة دبابات باتنة ليلة أول نوفمبر، وعقب ذلك عين على رأس قطاع باتنة ليقود بعدها عملية مهاجمة القطار الحامل للسلع إلى بسكرة عبر مدينة باتنة، وعملية سريانة التي استهدفت ضيعة المعمر “بوزو” والتي شهدت سقوط أول شهيد بالقطاع وهو عمر أقرور، ونتيجة لذلك وجهت له فرنسا رفقة بقية المجاهدين تهمة تكوين جماعة أشرار والقتل العمدي، ومحاولة تخريب مبان بواسطة متفجرات وقام الجيش الفرنسي بحملة تمشيط وبحث عن الحاج لخضر مصحوبة بحصار كبير سنة 1955 على مستوى مدينة باتنة وسريانة وعين التوتة والمعذر ومروانة من أجل الإتيان بالحاج لخضر، لكن باءت كل جهودهم بالفشل.
واصل العقيد لخضر عملياته فكانت عملية اغتيال المعمر «فياما» وكمين كوندورسي في شهر ديسمبر 1955، وكان الحاج لخضر من الحاضرين في معركة جبل أولاد حناش شهر أفريل 1958 بجانب عميروش، ولما توفي مصطفى بن بولعيد التحق بقيادة الولاية الجماعية رفقة علي النمر، وكان معروف عنه أنه يرفض المناصب السياسية ويتركها للمثقفين من رفاق الدرب، فقد رفض رتبة نقيب عرضها عليه عميروش، وبعد وفاة علي النمر تم تعيينه قائدا عسكريا للولاية بأمر من محمد لعموري الذي قال له «يا عمي الحاج هذا أمر لا بد من تطبيقه»، ثم قائدا للولاية بالنيابة في أواخر 1958 حيث كانت قيادة الولاية السياسية في تونس وكان يتولاها العقيد أحمد نواورة قبل استشهاده.
حضر الحاج لخضر اجتماع العقداء بالداخل في ديسمبر 1958 بالولاية الثانية وقام بتغييرات على مستوى قيادة الولاية الأولى في محاولة تحصيل الاستقرار والقضاء على مجموعة المشوشين، وكان له دور فعال في ذلك خاصة بعد الاضطرابات التي شهدتها الولاية، كما حضر مؤتمر العقداء العشر بالخارج في 1959 أين تم رسميا تعيينه قائدا للولاية الأولى برتبة عقيد بعد استشهاد أحمد نواورة وتم تعيين عمار راجعي نائبا سياسيا والعقيد الطاهر زبيري نائبا عسكريا، لكن للأسف لم يتمكن من عبور خط موريس إلى الولاية الأولى بسبب محاولته الدخول بـ “جيس” ثقيل العدة والعدد وبعد أربعة أشهر من المحاولات الفاشلة تمكن منه الإحباط والإرهاق ما استدعى تنقله إلى سويسرا للراحة والعلاج، في حين أن نائبه العسكري الطاهر زبيري تمكن من دخول تراب الوطن والالتحاق بالولاية الأولى، ما أدى إلى تعيينه لاحقا قائدا للولاية برتبة عقيد خلفا للحاج لخضر.
عايش العقيد مرحلة الاستقلال والبناء حتى وافته المنية في 23 فيفري 1998 بباتنة ودفن بمقبرة بوزوران.