قال تعالى “لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ” المائدة: 82. قد يتساءل المرء لماذا يعادي اليهود المؤمنين هذه العداوة التي يصفها القرآن الكريم بالشديدة بل تأتي بصيغة أفعل الدالة على الإيغال في هذه العداوة. فهل هو الحسد الذي أشار إليه القرآن الكريم. “وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ” البقرة: 109. فإذا كان اليهود يتطلعون أن يكون النبي الخاتم منهم، فلما ظهر النبي من العرب أضمروا له عداوة الدهر، على الرغم من تحققهم من صدقه بما كان لديهم من العلامات الخَلقية والخُلقية والأوصاف التي ذكرها كتابهم عن أمته ورسالته. وهم بذلك يسيئون الأدب مع الله سبحانه وتعالى الذي بيده الملك يؤتيه من يشاء من عباده، والله أعلم حيث يجعل رسالته. “أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آَتَيْنَا آَلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا” النساء: 53 – 55.
وهذا الذي بينه القرآن الكريم لأمة الإسلام ليكونوا على حذر من مكائدهم يقول جل جلاله: ” وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ” البقرة: 120. إن من يوهم أن يهود اليوم غير يهود الأمس وأن المفاهيم قد تطورت لديهم ويمكن المعايشة معهم، إنما يسعون خلف السراب. ولا يمكن أن يتصور ذلك من اليهود إلا إذا تخلوا عن يهوديتهم واعتقدوا ديانة أخرى كأن يصبحوا مسلمين وهذا مستحيل عندهم، أو يتخلى المسلمون عن إسلامهم ويدخلوا اليهودية وهذا مستحيل أيضاً لأن الطائفة المنصورة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم لا تنقطع ولا يخلو منها جيل من الأجيال. يدل على ما قدمنا أقوال زعماء اليهود قديماً وحديثاً. فقد قال حيي بن أخطب قديماً عندما قال له أخوه أبو ياسر: أهو؟ قال: نعم والله، قال تعرفه بنعته وصفته؟ قال: نعم والله قال: فماذا في نفسك منه؟ قال: عداوته والله ما بقيت”. وقال بن غوريون عام 1953 عندما سئِل عن عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم: “إن عقارب الساعة لا يمكن أن ترجع إلى الوراء والحل العادل هو إسكان الفلسطينيين في الدول المجاورة…”.
كل ذلك يدل بوضوح على أن العداوة ستستمر، وأن الصراع ماض إلى أن تقع الملحمة الكبرى بين المسلمين واليهود ويكون فسطاط دولة الإسلام في بلاد الشام كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق المصدوق.
من موقع الالوكة الإسلامي