تنشط الجمعية الوطنية لهواة الراديو أو ما يعرف بالإتصال اللاسلكي لتعريف الهواة بأبجديات وتقنيات هذه الهواية، التي يمتد تاريخها إلى فترة الثورة التحريرية، وتعتبر هذه الجمعية امتدادا للمالغ، لتتحول حاليا إلى جمعية تسعى لترقية هذا النشاط و التعريف به في أوساط الشباب. وحول تاريخ الجمعية ونشاطها وأبرز أهدافها الإجتماعية والثقافية، كان لنا لقاء مع رئيسها السيد عفيف بن لاغا.
ما هي فكرة جمعيتكم وما علاقتها بـ “المالغ”؟
هي جمعية وطنية يعود تاريخ تأسيسها لـ 23 مارس 1963 ثم تحصلت على رخصة من طرف وزارة الداخلية في 1974 لتنشط عبر كامل التراب الوطني، وهي ذات طابع اجتماعي ثقافي وعلمي أسسها محمد يعقوبي وبعض من الأعضاء الناشطين في المالغ “MAlG ” إبان الثورة التحريرية أو ما يعرف بوزارة التسليح والاتصالات العامة، التي تضم المجاهدين العاملين بالمكالمات اللاسلكية، بعدها انتمت الجمعية إلى الاتحادية العالمية لراديو الهواة في 1966. تنشط الجمعية في العديد من الولايات
والمراكز الثقافية في بشار، بسكرة، تلمسان، مدية، الأغواط، بوسعادة، تيبازة، سوق أهراس، إضافة إلى نوادي الطلبة المتواجدة في جامعة باب الزوار و المدرسة الوطنية العليا متعددة التقنيات، كما نطمح إلى التوسع أكثر، ويبلغ العدد الإجمالي للمنخرطين 2094 هاو منذ بداية النشاط.
ماذا عن الأهداف التي تسعون إليها؟
كما ذكرنا سابقا أن الجمعية ذات طابع اجتماعى ثقافي وعلمي، هدفنا الأساسي هو تكوين الجيل الشاب المهتم بتقنيات الاتصال اللاسلكي داخل مقر الجمعية لمدة تتراوح بين 3 أيام إلى شهر حسب معرفة الهاوي بالميدان، فإلى جانب تعلم أبجديات الاتصال اللاسلكي نتيح للهواة فرصة التعرف على المناطق السياحية بالجزائر عبر إجراء الاتصالات في الهواء الطلق في عدة ولايات، ونمنحهم الفرصة لتبادل المعارف والتجارب مع العديد من هواة الراديو اللاسلكي في العالم.
وبعد القيام بالعديد من الورشات، يستطيع الهاوي الحصول على شهادة ممنوحة من طرف الوكالة الوطنية للذبذبات والوزارة الوصية بعد إجراء الامتحان النهائي، والتي بدورها تمكنه من إيجاد منصب عمل لاحقا.
كما تهدف الجمعية إلى إنشاء نوادي على مستوى التراب الوطني وترقية هذا النشاط، فرغم قدمه ومساهمته الكبيرة في الثورة التحريرية، إلا أنه لايزال غير معروف في أوساط الرأي العام، وهو ما نعمل من أجله جاهدين لتعريف الشباب والطلبة في هذا الميدان بالجمعية ونشاطاتها ومساعدتهم في دراساتهم وبحوثهم العلمية، فسبق وأن مولت الاتحادية العالمية للاتصال اللاسلكي بعض الطلبة الجزائريين في إجراء بحوثهم الأكاديمية وتربصاتهم في دول أوروبية.
وحاليا نقدم العديد من الورشات التكوينية لفائدة الطلبة وخاصة أصحاب الاختصاص بجامعة هواري بومدين للعلوم التكنولوجية، المدرسة الوطنية متعددة التقنيات بالحراش، جامعة تلمسان، جامعة الأغواط والعديد من الجامعات الأخرى في انتظار تعميمها على كامل ربوع الوطن.
ما هي أبرز المحطات التي عاشتها الجمعية؟
أبرز محطة والأهم بالنسبة لي هي قيامنا برحلة ودورة تكوينية في الأراضي المحررة للصحراء الغربية في 2017 و التي تعتبر خطوة تاريخية لنا وكذلك للجمعيات العربية.
وشهدت هذه التجربة الأولى نجاحا باهرا لاقى صدى عالميا في الاتحادية الدولية للاتصالات اللاسلكية ولما لا، نرغب في إعادتها من جديد وتبادل الخبرات مع الجمعية الصحراوية، وسبقتنا في هذه الخطوة الجمعية الإسبانية التي لاقت نجاحا كبيرا على المستوى التقني والإنساني لدعم القضية وتمرير صوت الشعب الصحراوي.
كما قامت الجمعية بالعديد من الخرجات لأماكن تاريخية وسياحية في إطار القيام بالاتصال اللاسلكي في الهواء الطلق في جزر جزائرية كجزيرة هابيباس، وهي أكبر جزيرة على المستوى الوطني.
وأبرز نشاط لسنة 2019 كان عبارة عن ورشة إلكترونية بغابة زموري ولاية بومرداس، أين قام المشاركون بصنع جهاز بث واستقبال بأنفسهم والنجاح في تشغيله. و المميز في هذه الورشة هو إدراج تقنية جديدة، ألا وهي الاتصال اللاسلكي عبر القمر الاصطناعي “السهير” وهو قمر قطري أول من استعمله هم الهواة الألمان.
ما هي الجهات والفئات التي تتعاملون معها؟
تعرف الجمعية إقبالا من كل الفئات ومن مختلف الأعمار: الطلبة، التلاميذ، المتقاعدون، موظفون من مختلف القطاعات والميادين، إضافة إلى دخول العنصر النسوي وهو الأقل اهتماما بهذه الهواية سواء على المستوى الوطني أو حتى الدولي، ونركز حاليا على استقطاب فئة الشباب أكثر.
بخصوص الهيئات، كما ذكرنا سابقا، تعاملنا مع العديد من المدارس العليا والجامعات على المستوى الوطني والجمعيات الوطنية والدولية، نذكر من بينها الفيدرالية الجزائرية للرياضات الميكانيكية FASM، الفيدرالية الجزائرية للدراجات الهوائية، وفي الفترة المقبلة سنقوم بالتعاون أيضا مع الفيدرالية الجزائرية للرياضات الهوائية FASA، فيما يخص الجمعيات الدولية، نذكر الأبرز منها الجمعية التونسية لهواة الراديو ARAT التي أمضينا معها اتفاقية في 2014 أين قمنا بتبادل الخبرات والزيارات وحضر أعضاء الجمعية ورشة في بجاية بمنارة كاب سيقلي والتي لاقت صدى كبيرا في إفريقيا، وعلى إثرها تلقينا العديد من رسائل الشكر والتهاني لنجاحها من كل الجوانب.
إضافة إلى جمعية إفريقيا الجنوبية، اليابان، ألمانيا، الصحراء الغربية، لبنان، اليونان، الولايات المتحدة الأمريكية، إنجلترا، السويد، رومانيا، ونفتح الباب للجمعيات الدولية الأخرى، في هذه الزيارات نظمنا العديد من المسابقات لإنجاح والقيام بأكثر عدد ممكن من الاتصالات في عدة دول و في نفس الوقت التعريف بالمناطق السياحية الجزائرية، ولاقت هذه التبادلات استحسان وإعجاب الزوار الأجانب بالمستوى ورغبة الهواة الجزائريين في اكتساب مهارات جديدة وأبدوا بطبيعة الحال إعجابهم بروعة المناطق السياحية. وعلى إثره تم إرسال بعض من أعضائنا في تربصات دامت أسبوعا إلى دول النمسا، بلغاريا، جنوب إفريقيا وكرواتيا للقيام بأعمال نظرية وتطبيقية.
ما هي المشاكل والعراقيل التي تواجهكم؟
كالعديد من الجمعيات نواجه مشاكل و عراقيل إدارية وبيروقراطية من الجهات المعنية كوزارة الداخلية، وزارة البريد و الاتصالات للحصول على تراخيص من أجل نشاط وتجمع الأعضاء، إضافة إلى نقص الدعم والتمويل فلقد أمضينا عقود التمويل مع وزارات وبلدية الجزائر وسط إلا أننا لم نتحصل على أي مبلغ مما هو متفق عليه. بطبيعة الحال المبلغ الرمزي الذي يدفعه الأعضاء يستحيل معه تغطية جميع المصاريف وحتى الإعانات المادية المقدمة من طرف بعض المؤسسات لا تكفي في تغطية تكاليف النشاطات وشراء الأجهزة.
والمشكل الرئيسي الذي نعاني منه يتمثل في الإلغاء غير المبرر لبعض الذبذبات من طرف الوكالة الوطنية للذبذبات منذ 2008 ورغم تقديمنا لطعون متكررة للوزارة المعنية إلا أننا لم نتلق أي جواب أو تبرير، رغم أنها ذبذبات مخصصة لهواة الراديو منحت من طرف الاتحاد الدولي للاتصالات، وهو ما نعتبره تهميشا لهذا النشاط رغم أهميته، فهو يملك طابعا إنسانيا يتمثل في التدخل في حالة الطوارئ وهو ما حدث أثناء تدخلنا في زلزال الشلف 1980 أو الأصنام سابقا وزلزال بومرداس في 2003 أين تدخلت فرقتنا التي داومت لمدة 24/24 للقيام باتصالات لاسلكية مع جهات وطنية ودولية من أجل تقديم الدعم المادي و المعنوي للضحايا وتقديم المعلومات للجهات الخاصة.
فنحن كأعضاء ومسيرون نبحث عن التسهيلات، علما أننا مصنفون من بين أبرز الجمعيات على المستوى القاري، والأكثر نشاطا بإشادة الاتحادية الدولية.
كلمة ختامية للقاء
أشكركم على الزيارة والاهتمام بنشاط الجمعية ونرحب بكل الهواة للانخراط في هذا النشاط ومواصلة رسالتنا عبر الأجيال.
حاورته: بشرى زهار