رافع عميد جامع الجزائر، الشيخ محمد المأمون القاسمي الحسنيّ، من أجل عالم يحمي فعلا الحقوق الأساسيّة للإنسان، ويرّقيها بما يتسامى ورسالته الحقيقيّة في هذا الوجود؛ وانتقد المعايير المزدوجة، وسياسة الكيل بمكيالين، التي باتت كثير من دول الغرب تتّسم بها.
جاء ذلك، خلال كلمةٍ ألقاها في الاحتفالية الدّولية الّتي أقامها، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بمناسبة الذكرى 76 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وأوضح العميد أنّ في دعوة الإسلام نزعة إنسانية؛ فمن أبرز الخصائص الذاتية للحضارة الإسلامية أنها ربّانية المصدر والغاية، إنسانيّة النزعة والتوجّه. وهذا البعد الإنساني، بمعناه الصحيح الشامل، هو الذي افتقدته الحضارات القديمة، وتفتقده اليوم الحضارة المعاصرة. كما بيّن أن القيم الإنسانية المشتركة، الموضّحة في الإعلان العالمي، كركيزة لحماية حقوق الإنسان، لها تأصيل شرعي: إذ التّكريم الإلهي جاء لبني آدم جميعا، دون تخصيص لعرق أو لون أو دين؛ كما أن الإسلام يدعو إلى إقامة العدل المطلق؛ مع احترام التنوع والاختلاف؛ ضمن عيش مشترك. وتطرّق العميد، في كلمته، إلى التحديات المعاصرة لحقوق الإنسان، وأهمّها: الانتهاكات المستمرة لهذه الحقوق في مختلف بقاع العالم، لاسيما في فلسطين؛ كما سلّط الضّوء على التحديات الأخرى من تدهور للبيئة، والصحة، والأمن الغذائي، وغيرها؛ وكلّها تندرج ضمن المقاصد الكبرى للإسلام، التي جاء للحفاظ عليها؛ مشيرا إلى التحديات التكنولوجية، كمخاطر انتهاك الخصوصيّة، واستخدام التّقنية بطريقة غير أخلاقيّة، بما يؤثّر في حقوق الأفراد؛ بالإضافة إلى التهديدات التي تواجه العيش المشترك، مثل العنصرية، والإسلاموفوبيا، ومعاداة الأديان. وفي حديثه عن -الآخر- من أجل تعزيز قيمة الحوار بدل الصّدام؛ أصّل عميد جامع الجزائر لهذه القيمة من الكتاب والسّنّة، مشدّدا على أهمّيتها كوسيلة فعّالة لتعزيز القيم المشتركة، وبناء جسور تعاون بين مختلف الثّقافات والحضارات؛ مؤكّدا، في هذا السياق، ضرورة محاربة التطرف الفكري. ونادى عميد الجامع إلى التّعجيل بتعزيز التّشريعات الدولية، والعمل لتطويرها بما يتماشى وتطوّر المجتمعات؛ ودعا إلى مساءلة المنتهكين للقانون الدّولي، وتطبيق قرارات مجلس الأمن، ومذكّرات الاعتقال الدّولية ضد مجرمي الحرب. وختم المداخلة، بالتأكيد أن مستقبل العالم مرهون بتقدير كرامة الإنسان؛ وأن القِيم الأخلاقية لا بد أن تُبرَز كعامل مشترك بين الأمم، لتعزيز التعايش السلميّ، وحلّ النّزاعات.
إيمان عبروس