عندما تتغلب الذاكرة على النسيان…80 سنة لتأسيس حزب الشعب الجزائري                                                                 

عندما تتغلب الذاكرة على النسيان…80 سنة لتأسيس حزب الشعب الجزائري                                                                 

 يتعين علينا أن نتطرق إلى موضوع كتابة التاريخ في هدوء وبروح المسؤولية حتى لا نكون عرضة للأخطاء، ففي السابق كانت كتابة التاريخ تشكل معضلة في البحث عن الوسائل الضرورية لإدارة العملية لأننا كنا نستدل بالمعلومات الضعيفة التي لا ترقى لأدنى شروط الكتابة والتي شكلت عائقا حقيقيا، وفي معظم الأحيان كانت المراجع مبنية على الخلافات السياسية والإيديولوجية التي جعلت منها المادة الدسمة لأولئك الذين يريدون

كتابة التاريخ حسب مزاجهم ورغبتهم، ولهذا يجب أن توسع دائرة المساهمة بإشراك كل المختصين في التاريخ حتى يكتب هذا الأخير بطريقة علمية وبكل موضوعية ويكون هذا بالاعتماد على الأرشيف الذي يحوي وثائق تحمل تفاصيل هامة. إن التاريخ أصبح محل اهتمام الجميع ولهذا يجب أن تكون المساهمة إيجابية

وحتى لا ننطوي على أنفسنا ويبقى التاريخ مبتورا من حقائق تاريخية هامة كتب وقائعها الشعب الجزائري بالكفاح والنضال، وهذا ما دفعنا لتناول محطة هامة من تاريخ الشعب الجزائري بمناسبة الـ 80 سنة لتأسيس حزب الشعب الجزائري الذي كان بتاريخ 11 مارس 1937، حين توجه مصالي الحاج رفقة عبد الله فيلالي إلى محافظة الشرطة لإبلاغهم بتأسيس حزب الشعب الجزائري وفقا لقانون الجمعيات وفي نفس اليوم أعلن مصالي الحاج رسميا عن تأسيس حزب الشعب الجزائري بحضور 300 جزائري بقاعة كوس موس الموجودة بشارع ميري بنانتير بضواحي باريس بفرنسا، فاتخذ مقرا له بـ 35 شارع هينري بتربوس بنانتير، كان المكتب السياسي متكونا من أيت منقلات، يحياوي، أعمر خيضر، كحال رزقي، محمد سعيد سي الجيلاني، عبد الله فيلالي وراجف بلقاسم ورئيس الحزب مصالي الحاج. كان حزب الشعب الجزائري بمثابة نقطة تحول في حياة الشعب الجزائري، الحزب الذي وضع ضمن أهدافه الأساسية استقلال الجزائر واعادة بعث الدولة الجزائرية ذات السيادة بعدما أخرجها الاستعمار الفرنسي من التاريخ فأصبحت جزء لا يتجزأ من فرنسا، الاستعمار الفرنسي الذي خاض حرب ابادة ضد الشعب الجزائري منذ احتلاله للجزائر سنة 1830.           

خرج حزب الشعب الجزائري من رحم حزب نجم شمال افريقيا بعدما حلت السلطات الاستعمارية هذا الأخير في 26 جانفي 1937 تأسس حزب نجم شمال إفريقيا في مطلع القرن الماضي بتاريخ 20 جوان 1926 بالمهجر بباريس بفرنسا على أيدي كوكبة من أبناء الجزائر منهم أكلي بانون، معروف محمد، سي الجيلاني محمد سعيد وشبيلة الجيلالي وعلى رأسهم الزعيم مصالي الحاج، كان مقر الحزب متواجدا بـ 3 شارع ماريشي دي باترياك، لقد كتبت جريدة الشروق المصرية مقالا عن هذا الحدث التاريخي.

الحزب الوطني الثوري الاستقلالي الذي تأسس من أجل جعل القطيعة مع النظام الكولونيالي في الجزائر، لقد كانت بالفعل لحظات تؤرخ لحدث عظيم رغم الظروف الصعبة التي كان يعيشها العمال الجزائريون بالمهجر والممارسات غير الانسانية التي كانوا يتعرضون إليها من خلال قانون الأهالي البغيض حتى أصبحوا يلقبون بالأنديجان، فقرروا تحطيم كل الأغلال و تدمير جدار الصمت لإسماع صوت الجزائر المكافحة في المحافل الدولية، فكانت أول مرة بمناسبة انعقاد المؤتمر المناهض للإمبريالية في فيفري 1927 ببروكسل ببلجيكا. لقد كان الشعب الجزائري يعاني من ويلات الاستعمار جراء الاحتلال الفرنسي، لكنه كان يترقب اليوم الذي ترفع فيه راية الكفاح والنضال لمواصلة الكفاح الذي خاضته المقاومة منذ 1830 إلى غاية 1919 وهذا ما جعله يلتف حول حزب الشعب الجزائري والزعيم مصالي الحاج حينما أصبح حزب الشعب الجزائري الأكثر تبجيلا لهذا الشعب الجزائري الذي أعاد له الأمل وبعث فيه روح المقاومة من خلال الفتوى الوطنية التي نشرها مصالي الحاج في أوساط الشعب خاطبا إياه: “حقا إنكم ستسلكون طريقا تجدون فيها صعوبات كثيرة وعقبات كأداء، وتعرضكم لغضب الاستعمار ولكنها الطريق الحقة التي تؤدي بكم إلى العز الوطني والتحرير القومي الشريف. إننا لا نختار لكم غير هذه الطريق، لأننا نعتقد أن التضحيات التي تبذلونها فيها هي ثمن للحرية، ومعمرها للخلاص ولأنها الطريق التي خطها لكم أسلافكم الأمجاد وفرضوا عليكم سلوكها ورجوا منكم – إن أردتم سعادة بلادكم – ألا تتبعوا طريقا سواها”. هذا الحزب الذي استحضر كل الشروط لتحقيق الغاية التي تأسس من أجلها وهي الاستقلال بمبدأ أن الاستعمار الفرنسي لا يرضخ إلا للقوة في انشاء المنظمة الخاصة الجناح العسكري للحزب في أكتوبر 1946، تلك هي المبادئ التي ألهمت أجيال من مناضلي القضية الوطنية الذين قدموا أرواحهم قربانا في سبيل الحرية، هذا الحزب الذي كان يحمل في طياته برنامجا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا كما لخص تصوره للدولة الجزائرية المستقلة في خمسة مبادئ:

1 – الديمقراطية وشعارها “من الشعب و إلى الشعب” باعتباره مصدر السيادة.    

 2 – الجمهورية نظام للحكم.                                                                    

3 – ضمان الرفاهية الاقتصادية و العدالة الاجتماعية.                                        

4  – احترام المعتقدات الدينية طبقا لروح الاسلام و تقاليده.                

5 – ثقافة وطنية مرتبطة بالثقافة العربية الاسلامية.