الإنسان في حاجة دائمة إلى نوعين من الغذاء، غذاء مادي لتلبية مطالبه الجسدية، وغذاء روحي لتلبية مطالبه الروحية، وبما أن الجسد من الأرض فغذاؤه من طعام وشـراب من عناصـر الأرض، وبما أن الروح من نور الله فغذاؤه كذلك من نور الله وروحه. هذا الغذاء النوراني الروحاني قد أنزله الله تعالى إلى الناس على يد أنبيائه. فكلام الله تعالى نور، وذكره وعبادته نور وضياء، قال تعالى ” يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ” المائدة: 15. فهذا النور الذي جاء من عند الله، وهذا الروح الذي أوحاه إلى رسوله، صلى الله عليه وسلم، هو الغذاء الروحي الذي يحفظ للإنسان التوازن في حياته. ولأهمية هذا الغذاء الروحي في حياة الإنسان، تولى الله سبحانه ورسوله وضع نظامه، فحدد مقاديره الضرورية التي لا يجوز أن ينقص منها شيء، وفرض الله تعالى على الناس فرائض وحدَّ حدوداً، ونهى عن تضييع شيء منها، فالعبادات التي فرضها الله تعالى من صلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ وحجٍّ، وأقامها على أساس توحيده، وجعلها أركاناً وقواعد للإسلام، هي هذا النظام الحكيم الذي وضعه لتغذية الروح وتزكية النفس. فحدد الله تعالى القدر الضروري من تلك العبادات وعين مقاديرها ومواقيتها، وجعل الصلاة أهم عنصـر في هذا الغذاء الروحي. ونوَّع الله تعالى العبادات لتكون غذاء روحياً متنوعاً، ولكل نوع منافعه وفوائده التي تلبي نوعاً معيناً من مطالب الروح والقلب. إن من فضل الله وكرمه أنه خلق الإنسان على فطرة قويمة، مستعدة للاستقامة والخير والصلاح، بالاستجابة لنداء الإيمان والهداية والخير، وإنما تنحرف وتنحدر عن مقام التوازن والاستقامة، بالإعراض عن نداء الإيمان والاستكبار عن عبادة الله والعمل الصالح والانغماس في مستنقع الرذيلة والشهوات. فالإيمان والعمل الصالح هما دعامة التوازن في حياة الإنسان، وليس هناك شيء يمكن أن يقوم مقامهما، فخالق الإنسان أعلم به وبما يصلح حاله.
موقع إسلام أون لاين