سقطت الشهيدة غريسي زينة المولودة في 1910 ببوشاوة أو وادي العنب حاليا، كأول شهيدة في عنابة التي كانت تتقدم المتظاهرين حاملة العلم الجزائري، وسقطت برصاص العدو بشارع «جورج كليمنصو» بوزارد حسين حاليا، لكن استشهاد زينة غريسي لم يثن من عزيمة المتظاهرين، بل أن ابنتها التي كانت ترافقها حملت بدلا عنها العلم الجزائري وواصلت المسير، لتصاب هي الأخرى برصاص الاحتلال وتسقط جريحة إلى جانب عديد المتظاهرين.
ويذكر جميع الجزائريين تاريخ 11 ديسمبر 1960، حين خرج الجزائريون الرافضون لسياسة شارل ديغول التي تستهدف هويتهم وانتمائهم، ورفضوا شعار المستعمر الفرنسي بأن «الجزائر فرنسية»، فكان الرد عبر مظاهرات أرادوها سلمية بقولهم «الجزائر جزائرية.. مسلمة ومستقلة»، والتأكيد على التفاف الشعب حول الثورة مطالبا بالاستقلال التام، فجاء الرد دمويا من قبل المستعمر الغاشم الذي أسقط عبر كامل التراب الوطني شهداء وجرحى، على غرار عنابة التي كان سكانها في الموعد ذلك اليوم، حيث لم يفوتوا بدورهم فرصة حمل شعار الاستقلال، لتعمّ شوارع المدينة بسكانها من مختلف الأجناس والأعمار، حاملين العلم الوطني وشعارهم موحد “الجزائر حرة مستقلة”.
وتعتبر هذه المظاهرات أعظم مظاهرة تشارك فيها المرأة الجزائرية، مشيرا إلى أنها جاءت في بدايتها عشوائيا، على اعتبار أنه لم تكن هناك قرارات صادرة من قبل جبهة التحرير الوطني للقيام بهذه المظاهرات بشكل رسمي، بل من طرف بعض المناضلين وسكان المدينة، حيث كانت الانطلاقة الرئيسية من بعض الأحياء على غرار «لا كولون»، «لاسيتي جوانولا»، «طحونت كاوكي»، لتتبعها باقي الأحياء والتوجّه نحو ساحة الثورة «الكور»، والتي كان يقطنها في تلك الفترة الفرنسيون، وكما هو معروف أن المستعمر الفرنسي كان لهم بالمرصاد في ذلك اليوم، والذي لم يتوان في إطلاق النار على الذين يحملون الرايات الوطنية، غير أن المتظاهرين كانوا على أهبة الاستعداد لمواجهة العدو الغاشم.