يعتبر الاحتفال باليوم العالمي للعمال في الفاتح من شهر ماي 2024، فرصة للوقوف على التحوّلات النوعية التي تعرفها الجزائر في السنوات الأخيرة، والجهود التي تبذلها الدولة لدفع منظومة العمل وتدعيمها بقطاع المقاولاتية والاستثمار، إلى جانب ارتفاع رواتب 2.7 مليون موظف ومتعاقد، وتكريس الدعم الاجتماعي.
فقد أولت الدولة الجزائرية، وعلى رأسها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، عناية خاصة لتحسين القدرة الشرائية للمواطن وتعزيز أنظمة الضمان الاجتماعي والتقاعد، من خلال إعادة تثمين الأجور ومعاشات التقاعد وتأسيس منحة البطالة وغيرها من التدابير الرامية إلى ضمان استقرار الأسعار وتوفير العيش الكريم للمواطن.
رفع الأجور وتحسين المعاشات
اتخذت الدولة الجزائرية خطوات حاسمة لم تتخذها منذ نحو 10 إلى 15 سنة، لم تسجل فيها الجزائر رفعاً تدريجياً للأجور بالشكل الذي عرفته خلال السنوات الأخيرة، حيث أولت الدولة عناية خاصة لتحسين القدرة الشرائية للمواطن وتعزيز أنظمة الضمان الاجتماعي والتقاعد، من خلال إعادة تثمين الأجور ومعاشات التقاعد وتأسيس منحة البطالة وغيرها من التدابير الرامية إلى ضمان استقرار الأسعار وتوفير العيش الكريم للمواطنين، وحفظ حقوق العمال.
حيث حرص رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون على إبراز عزم الدولة على الاستمرار في الإصغاء للانشغالات الأساسية في عالم الشغل، بحثاً عن أنجح المقاربات لتعزيز المكاسب التي تحققت في أقل من ثلاث سنوات ووفاء لالتزاماته بالسهر على حماية حقوق العمال والحفاظ على مكتسباتهم المهنية والاجتماعية.
نحو تحقيق مواءمة الأجور مع القدرة الشرائية
وفي نفس السياق، شدّد السيد الرئيس، على ضرورة مواءمة شبكة الأجور مع القدرة الشرائية أولا، ثم مع الدعم المستمر للفئة الضعيفة اجتماعيا، وذلك بمراعاة قيمة العمل ودفع عجلة الإنتاج كمرجعين أساسيين لرفع الرواتب، حيث أمر الحكومة برفع الحد الأدنى لمنح التقاعد إلى 15000 دج لمن كان يتقاضى أقل من 10000 دج وإلى 20000 دج لمن كان يتقاضى 15000 دج لينسجم مع الحد الأدنى للأجور الذي عرف بدوره زيادة من 18000 إلى 20000 ألف دج منذ العام 2021.
وفي إجراء أقر رئيس الجمهورية زيادة في الرواتب على مدار سنتي 2023 و2024 ليتراوح مستوى الزيادة ما بين 4500 دج إلى 8500 دج بحسب الرتب، وهو ما يجعل الزيادات المقرّرة خلال سنوات 2022، 2023، و2024، تصل إلى نسبة 47 بالمائة.
تحسين منح المتقاعدين
شهدت معاشات ومنح المتقاعدين تحسّناً ملحوظا إثر إسداء رئيس الجمهورية، تعليمات برفعها، ويتعلق الأمر بزيادة 10 بالمائة في المنح التي تقلّ أو تساوي 15 ألف دينار، وزيادة بـ 5 بالمائة بالنسبة للمنح التي تتراوح قيمتها بين 15 إلى 20 ألف دينار، إضافة إلى زيادة بـ 3 بالمائة بالنسبة للمنح التي تتراوح ما بين 20 و43 ألف دينار، وزيادة بـ 2 بالمائة للمنح التي تزيد قيمتها عن 43 ألف دينار.
وأقرّ الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لغير الأجراء زيادات في منح المتقاعدين غير الأجراء ومنحة العجز للمنتسبين إلى الصندوق.
وكان مجلس الوزراء قد وافق على إعادة تثمين منح ومعاشات التقاعد، سنويا، وذلك في إطار التحسين المتواصل للمستوى المعيشي للمواطنين.
على أن يتم ذلك على النحو الآتي: “5 بالمائة بالنسبة للفئة ذات المنحة أو المعاش الذي يقل أو يساوي 20 ألف دينار جزائري” و “4 بالمائة بالنسبة للفئة التي يفوق معاشها أو منحتها 20 ألف دينار جزائري، ويقل أو يساوي 50 ألف دينار جزائري” و “3 بالمائة بالنسبة للفئة التي يفوق معاشها أو منحتها 50 ألف دينار جزائري”.
زيادة معتبرة للعمال واهتمام بالبطّالين
سجل نظام الأجور والمنح خلال السنوات الأخيرة زيادة معتبرة لرواتب العمال، تزامناً مع خفض الضريبة على الدخل الإجمالي، ومراجعة النقطة الاستدلالية، تنفيذاً لتعليمات رئيس الجمهورية الرامية إلى تحسين القدرة الشرائية للمواطنين،
والجدير بالذكر أنّ الزيادات التي شملت رواتب العمال منذ بدء تطبيقها بموجب اجراءات قانون المالية 2022، امتدّت إلى العلاوات والتعويضات الشهرية وغير الشهرية ولم تقتصر فقط على الراتب الرئيسي، على نحو أتاح ارتفاعاً للأجور يتطور بحسب مستوى الدخل، ووفقاً لسلّم تدريجي يتمّ حسابه على ستة مستويات.
ارتفاع سنوي لرواتب 2.7 مليون موظف ومتعاقد
مسّ رفع النقطة الاستدلالية في قطاع الوظيف العمومي أكثر من 2.7 مليون موظف وعون متعاقد، منهم 2.4 مليون مأخوذين على عاتق ميزانية الدولة، وحوالي 360 ألفاً على عاتق ميزانية الجماعات المحلية، لكن الفارق ستتحمّله الخزينة العمومية.
أما بالنسبة للأثر المالي لهذه الزيادات، فيقدّر بحوالي 220 مليار دج سنوياً، ويُنفّذ بأثر رجعي يمتدّ إلى الفاتح مارس 2022، وفي احتساب الزيادة، تمّ كذلك إدراج الزيادات التي طالت الأجور مؤخراً إثر تطبيق السلم الجديد للضريبة على الدخل الإجمالي ابتداءً من جانفي 2022.
وعليه، فإنّ الزيادة في الأجر، بفضل العاملين الجديدين (رفع النقطة الاستدلالية وخفض الضريبة على الدخل) “تبلغ في المتوسط 5.600 إلى 6.000 دج، وتصل إلى 10.000 دج في بعض الحالات”، وبشأن من تقلّ مداخيلهم عن 30 ألف دج، والذين استفادوا من إلغاء كلي للضريبة على الدخل الإجمالي، فإنّ من ينتمون إلى هذه الشريحة، والذين يمثلون الصنف1 في شبكة الأجور، يستفيدون من زيادات بـ 4.300 دج بفضل رفع النقطة الاستدلالية ابتداءً من الفاتح مارس، بعد أن استفادوا من إلغاء نهائي للضريبة على الدخل الإجمالي في السابق، مما يعني زيادة اجمالية قدرها 6.100 دج في أجورهم بفضل مراجعة السلمين.
وبحسب مراجع رسمية، فإنّ خفض الضريبة على الدخل الإجمالي، يكلّف الخزينة العمومية 180 مليار دج سنوياً، فيما يكلّف الرفع من النقطة الاستدلالية 220 مليار دج، لتقدّر الزيادة السنوية في الأجور بـ 400 مليار دج في 2022.
تعزيز العمل النقابي.. مكسب آخر للعمال
شكّلت مراجعة قانون الممارسة النقابية في الجزائر، خطوة هامة لتعزيز وتجديد العمل النقابي في الجزائر، كما مثّل التعديل تجسيداً لالتزام رئيس الجمهورية بتعهداته الانتخابية المتعلقة بتعزيز الديمقراطية التشاركية وبناء مجتمع مدني حرّ ونشيط وقادر، وحمايةً لحقوق العمال دفعاً لعجلة التنمية الوطنية.
ودعت التعديلات المدرجة على القانون المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي، إلى “تعزيز الحقوق المكتسبة للعمال”، بتكييف أحكام هذا النص مع الاتفاقية الدولية للعمل رقم 87، والمتعلقة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي، كما يأتي هذا النص، ليسمح للنقابات العمالية بـ “تشكيل فيدراليات واتحادات وكونفدراليات، بغض النظر عن المهنة والفرع وقطاع النشاط الذي تنتمي إليه”.
ويوفّر النص ضمانات قانونية تخوّل لـ “العمال الأجراء ولأرباب العمل تأسيس منظمات نقابية بكـل حريـة دون تمييز للدفاع عـن مصالح أعضائها المادية والمعنوية”، إضافة إلى ذلك، تضمن هذه التعديلات “حماية المندوب النقابي ضد أي قرار تسريح تعسفي يرتبط بممارسة الحق النقابي”، من خلال آليات إضافية تمكّن من إعادة إدماجه القانوني في حالة رفض المستخدم ذلك”.
وركّزت التعديلات الخاصة بأحكام المادة 56، أساساً على “توفير حماية خاصة للمندوبين النقابيين أثناء ممارسة عهدتهم وحمايتهم من أي إجراء تعسفي عند ممارسة وظائفهم التمثيلية، وذلك طبقاً لقانون الإجراءات المدنية والإدارية في مجال الدعوى القضائية”، كما شدّد النص “العقوبات ضدّ المخالفين”، عبر تعديل أحكام المواد 59، 60 و61، لتصبح أكثر ردعاً في حالة “عرقلة حرية ممارسة الحق النقابي أو المساس بحماية المندوبين النقابيين”.
ل. ب