فيما يعتبرها الطلبة فسحة بعيدا عن الضغوط….. احتفال “المائة يوم” للبكالوريا يثير جدلا بالعاصمة

فيما يعتبرها الطلبة فسحة بعيدا عن الضغوط….. احتفال “المائة يوم” للبكالوريا يثير جدلا بالعاصمة

أثارت صور وفيديوهات تلاميذ الثانويات المقبلين على اجتياز امتحان البكالوريا الحدث أثناء خروجهم في احتفالات فخمة نهاية الأسبوع الماضي، مرتدين البدلات الكلاسيكية للذكور وثياب الأعراس والسهرات بالنسبة

للبنات، سخط أولياء التلاميذ والأساتذة ورجال الدين الذين دقوا ناقوس الخطر، محذرين من البدع الغريبة التي تفتك بعقول الشباب.

تكررت مشاهد الاحتفالات التي أقدم على خوضها بداية تلاميذ ثانوية ديكارت ورويسو خلال الأعوام الماضية، لتعود هذه السنة بقوة وتشمل عددا كبيرا من ثانويات الوطن، حيث خرج تلاميذ ثانويات الأحياء الراقية في العاصمة نهاية الأسبوع الماضي يرتدون ثياب السهرات ويركبون سيارات فارهة ، ليحتفلوا بـ100 يوم تفصلهم عن موعد امتحانات البكالوريا المصيرية، وذلك بتنظيم رحلات والخروج إلى المطاعم والسهر.

 

الطلبة بين التحضير الفعلي والاحتفال الغربي

يفضل تلاميذ بعض الثانويات المعروفة بالعاصمة، افتتاح هذا اليوم بتحية العلم بحضور المدير والأساتذة وكذا تلاميذ السنوات الأخرى، ثم يأخذون صورا تذكارية ويخرجون في سيارات فاخرة لتناول الغذاء في أشهر مطاعم العاصمة، وخلال جولتنا الاستطلاعية عبر ثانويات العاصمة، كانت وجهتنا الأولى ثانوية الأخوين حامية بالقبة، وهناك التقينا بـ “سارة” التي قالت: “هذا اليوم مميز جدا بالنسبة لنا وهو ذكرى جميلة لتلاميذ السنة النهائية، لمن سينال الشهادة بالطبع، ففي هذا اليوم نتذكر أنه علينا البدء بالمراجعة وأنه لم يتبق إلا 100 يوم…”، أما زميلتها “ملاك” فقالت:”نحن ننتظر هذا اليوم بفارغ الصبر، فهو يوم بداية الجد، وأكثر ما أحبه هو اللباس الموحد لجميع تلاميذ السنة الثالثة ثانوي”، وتقول “مريم” من نفس الثانوية “إنه يوم مميز وفريد من نوعه، فمنذ التحاقي بالثانوية وأنا أنتظره وأراقب تلاميذ الطور النهائي”، أما “سامي” طالب في ثانوية روشاي بوعلام بالحامة يقول: “هذه المناسبة تبقى ذكرى خالدة في أذهاننا، فنحن ندرس معا ما يقارب ثلاث سنوات وبقي لنا سوى 100 يوم ونفترق، فكل واحد وطموحاته، بالرغم من أن مجتمعنا ضد هذه المناسبة، غير أننا نحتفل به ويبقى ذكرى جميلة مرسخة في أذهاننا”، أما الطالبة “أمال” فقالت “نحن بحاجة لمثل هذه المناسبة لكسر الروتين والتخلص من الضغوط ورفع المعنويات حتى يسهل علينا التحضير للبكالوريا التي نتوق لنيلها بكل جدارة واستحقاق”.

أما “محمد” فقال “إن حرصنا على إحياء هذه المناسبة الرمزية يرمي إلى كسر الرتابة التي تطبع أيامنا والخروج عن المألوف بمثل هذه التقليعات في اللباس، وأيضا لشحذ هممنا مع بدء العد العكسي لامتحانات البكالوريا وتمضية الوقت بعيدا عن صخب الدراسة”، وقال التلميذ “وليد”: “نحتفل بمناسبة بقاء 100 يوم تفصلنا عن البكالوريا من أجل التخلص بعض الشيء من الضغوط النفسية التي نعانيها، سيما في ظل ما يعرفه القطاع من توتر”. أما التلميذة “ملاك” فقالت “من أجل البكالوريا أردنا تخليد هذا اليوم للذكرى بشكل متميز، فلم يعد يفصلنا الكثير عن الامتحانات المصيرية، ما سيجعلنا نتفرغ نهائيا للدراسة والتحضير لليوم الموعود”، فيما قال التلميذ “مهدي”: “نعرف جيدا أن هذه العادة أجنبية ولكننا أردنا أن نسقطها على واقعنا الجزائري كنوع من التحضير النفسي لاجتياز اليوم المشهود المتمثل في امتحانات البكالوريا بعيدا عن الضغوط النفسية والتقاط صور للذكرى مع بعضنا البعض”، وأضافت التلميذة “خيرة”: “لقد اعتاد زملاؤنا الذين سبقونا على الاحتفال كلما بقي 100 يوم لكي تبقى مناسبة راسخة بيننا”، أما “أسماء” فقالت “نحن بحاجة لمثل هكذا مناسبة ولو مرة في السنة لكسر الروتين والتخلص من الضغوط ورفع المعنويات حتى يسهل علينا التحضير للبكالوريا التي نتوق لنيلها بكل جدارة واستحقاق”.

 

مؤسسات تربوية تؤيد الاحتفال

وعن طبيعة هذا الاحتفال، يرى السيد “ف.محمد” أستاذ مادة اللغة العربية وآدابها بأن احتفال التلاميذ بمائة يوم عن البكالوريا هو نوع من الأساليب التي لجأ إليها مترشحو البكالوريا في سياق التحضير النفسي للامتحان المصيري، مضيفا أنها طريقة للتعبير عن قرب امتحان البكالوريا لتشجيع بعضهم على الدراسة والمثابرة من أجل النجاح حتى تكون شهادة البكالوريا فعلا شهادة الفرحة والابتهاج بالنجاح والتفوق، وأضاف الأستاذ أن بداية الاحتفال كانت منذ حوالي سبع سنوات في ثانويات مشهورة بالعاصمة، أما الثانويات الأخرى الموجودة بالضواحي فقد بدأت باعتماد هذا التقليد منذ سنتين أو ثلاث فقط، وهذا ما يدل على أن الظاهرة بدأت تنتشر وسط التلاميذ برغبة التقليد والتباهي فقط، ولكن رغم هذا فاليوم الكلاسيكي كما يسميه التلاميذ أو الـ 100 يوم كما يطلقون عليه، ظاهرة متداولة في ثانويات العاصمة فقط ولم تصل بعد إلى ثانويات في الولايات الأخرى.

 

أولياء التلاميذ متذمرون ولكن منصاعون

قادتنا زيارتنا لثانويات العاصمة إلى الالتقاء بأولياء التلاميذ الذين عبر معظمهم عن تذمره من هذه العادة الدخيلة، وهو ما ذهب إليه السيد إسماعيل في قوله: “هذه الاحتفالات التي يقوم بها طلبة الثانويات الجزائرية، بلباسهم الأطقم الكلاسيكية

والفساتين القصيرة والماكياج ويتغذون في المطاعم الفاخرة لا يمكن أن ننتظر منهم شيئا، فهم يقلدون فرنسا في كل شيء، وهذا ما نسميه بالغزو الثقافي للغرب”، وأيضا السيدة “حميدة” تنتقد هذه المناسبة وتقول: “كيف لأولياء هؤلاء التلاميذ ترك بناتهم يخرجون بهذا اللباس وهذه الزينة وكأنهن في عرس؟، مؤسف أن تحدث مثل هذه الأمور في مؤسسات تربوية، أنا مستاء للوضع الذي وصلت إليه بلادنا”.

 

تاريخ الاحتفال بهذا اليوم

يرجع الاحتفال بهذا اليوم لأصول فرنسية، حيث ظهر لأول مرة في فرنسا عندما كان يحتفل رجال الجندية هناك ببقاء 100 يوم لهم فقط قبل التسريح من الخدمة العسكرية، ثم تطور حتى صار التلاميذ في الثانويات الفرنسية يحتفلون به ولكن بطرق مختلفة، منها ارتداء ألبسة كلاسيكية والتقاط صور تذكارية، أو ارتداء ملابس شخصيات كرتونية وتقليدها مع ألعاب مختلفة كالتراشق بالبيض والطماطم وغيرها.