في رحاب السيرة النبوية.. نهج الرسول في الدعوة إلى الله

في رحاب السيرة النبوية.. نهج الرسول في الدعوة إلى الله

لقد سلَك الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوته إلى الله وإلى الإيمان بما جاء به خطة الرشيد وسياسة الحكيم: خطة تدُل على بُعد النظر وسلامة التفكير، فهو الذي اصطفاه الله من بين خلْقه واصطنَعه لنفسه، ورباه بعنايته ورعايته فأحسَنَ تربيته وأدَّبه فأحسَنَ تأديبه، وهيَّأه لتحمُّل رسالته، و” اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ” الأنعام: 124. فقد رسَم الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم هذه الخطة الرشيدة في الآية الكريمة: ” ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ” النحل: 125. أخَذ الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى الله وهو يقول ” هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ” يوسف: 108. ولم تكن أقواله صلى الله عليه وسلم هي دِعامة دعوته إلى الله؛ بل كان خُلُقه وما جبِل عليه من صفات حسنة مما قوَّى دعوته، فلم يكن صلى الله عليه وسلم فظًّا غليظًا، بل كان برًّا، رحيمًا، ليِّنًا، متواضِعًا، صابرًا، مثابرًا، مما ينطوي تحت قوله تعالى له ” خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ” الأعراف: 199. فهذه الآية تدعو إلى التخلُّق بأكمل الأخلاق، والإنصاف بأحسن الأوصاف، ولذلك ورَد أن جبريل لما نزَل على الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه الآية قال له: “ما هذا يا جبريل؟”، فقال: لا أدري حتى أسأل، ثم عاد فقال: “إن الله يأمُرك أن تعفو عمَّن ظلَمك، وأن تصِل مَن قطَعك، وأن تُعطي من حرَمك”. هذا هو سلوك الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله دعوة قِوامها الحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن، دعوة شعارُها السماحة واللين مع المسلمين وغير المسلمين مِن عفوٍ عمَّن ظلَم، ووصْل لمَن قطَع، وإعطاء لمن حَرَم. هذا رسول الله عليه الصلاة والسلام خاتَم النبيين، أرسَله الله للناس كافة يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويُحِل لهم الطيبات ويُحرِّم عليهم الخبائث.