إن من حقوق القران الكريم على أمته النبي الأمين صلى الله عليه وسلم حق التدبر والتفكر فيما فيه من عجائب باهرات وحجج قاطعات وأدلة ساطعات على أنه رب الأرض والسماوات. لذا الله دعانا لتدبر كتابه وتأمل معانيه وأسراره: ” كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ ” ص:29. وقد ولقد ذم الله تعالى أقواما لا يتدبرون القران فقال: ” أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ” النساء: 82. قال ابن القيم رحمه الله: “الناسُ ثلاثةٌ: رجلٌ قلبُه ميتٌ، فذلك الذي لا قلبَ له، فهذا ليست الآية ذكرى في حقه. الثاني: رجلٌ له قلب حيٌّ مستعدٌّ، لكنه غير مستمعٍ للآيات المتلُوةِ، التي يخبر بها الله عن الآيات المشهودة، إما لعدم وُرُودها، أو لوصولها إليه وقلبه مشغول عنها بغيرها، فهو غائب القلب ليس حاضرًا، فهذا أيضًا لا تحصُلُ له الذكرى، مع استعداده ووجود قلبه. والثالث: رجلٌ حيُّ القلب مستعدٌّ، تُليت عليه الآيات، فأصغى بسمعه، وألقى السمع، وأحضر قلبه، ولم يشغلْه بغير فهم ما يسمعُهُ، فهو شاهدُ القلب، مُلقي السَّمع، فهذا القِسمُ هو الذي ينتفع بالآيات المتلوَّة والمشهودة. قال ابن عمير رحمه الله لعائشة رضي الله عنها: أخبرينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فسكتت ثم قالت: لما كان ليلة من الليالي، قال: “يا عائشة ذريني أتعبد الليلة لربي” قلت: والله إني لأحب قربك، وأحب ما سرك، قالت: فقام فتطهر، ثم قام يصلي، قالت: فلم يزل يبكي حتى بل حجره، قالت: ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل لحيته، قالت: ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل الأرض، فجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فلما رآه يبكي، قال: يا رسول الله، لم تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم وما تأخر؟، قال: “أفلا أكون عبدا شكورا، لقد نزلت علي الليلة آية، ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها ” إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ “أخرجه ابن حبان.
من موقع الالوكة الإسلامي