معاناة العائلات الجزائرية مع مرضى الزهايمر متواصلة

معاناة العائلات الجزائرية مع مرضى الزهايمر متواصلة

تعيش بعض العائلات الجزائرية، صعوبات كثيرة في التكفل بأحد أفرادها المصاب بـ “الزهايمر”، والذي عُرف ولوقت طويل في بلادنا بـ “الخرف”، حيث يدخل أفراد الأسرة التي يكون أحدها و -غالبا ما يكون أحد الجدين أو الوالدين-، في صراعات يومية وعلى مدار اليوم في التعامل مع الشخص المصاب وتفادي ما قد يلحق به، ناهيك عن الألم النفسي الناجم عن هذه الحالة .

ويعرف مرض “الزهايمر” في الآونة الأخيرة انتشارا لافتا في الجزائر، ويتطلب جراء ذلك المعرفة به لأن الجهل بالمرض وصعوبة التعامل مع المريض جعل مهمة التكفل بالمريض عملا شاقا، في ظل غياب مراكز تخفف من هذا العبء.

 

“قوانين صارمة احتياطات يومية لسلامة الوالدة التي لم تعد تعرفنا”

الآنسة حكيمة، واحدة من اللواتي كتب عليهن أن يصاب أحد والديها بهذا المرض، قالت لنا أن الحياة كلها تغيرت بعد إصابة والدتها بالزهايمر، وأكدت أن لا وقت للراحة لديها وأنها فرضت قوانين صارمة في البيت حتى تضمن سلامة أمها، وأضافت: “أحرص يوميا على تلبية كل احتياجات والدتي قبل أن أغادر المنزل، حيث أقدم لها الأدوية في مواعيدها، وأبعد عنها كل ما من شأنه أن يثر قلقها، وأحرص على إغلاق الباب بإحكام حتى لا تخرج وتضيع، فهي اليوم غير قادرة مطلقا حتى على التفريق بين أولادها والأشخاص الآخرين، فهي تتعامل مع الجميع بنفس الطريقة، كما أنها لا تدرك أن البيت بيتها ولا تتذكر أي شيء يخصنا أو يخص حياتها”. من جهتها تقول سمية، أن والدها أصيب مؤخرا بالخرف المبكر أو الزهايمر وتوضح: “لم أكن أعرف أو أسمع  عن هذا المرض مطلقا، وكل ما كنتت أعرفه هو أن الشخص عندما يكبر كثيرا ينسى من حوله، إلى أن أصيب والدي به، فبحثت عن كل ما يتعلق به وتمكنت من جمع كل المعلومات الطبية عنه، غير أن المشكل الكبير الذي يواجهني هو أنني لا أحسن التعامل معه كمريض، ويحز في نفسي كثيرا الحالة التي آل إليها، حيث أضطر إلى القيام بالكثير من الأمور، كإطعامه ومساعدته على النوم وغيرها من التصرفات اليومية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، ليست هناك أية جهة يمكننا أن نقصدها لتزودنا مثلا ببعض القواعد التي تساعدنا على التعامل مع المصاب بهذا المرض”، وتردف قائلة: “أنا طبعا لا أفكر مطلقا في إرسال والدي إلى أي مركز، ولكني أفضل  لو يتم تكوين فرق التطبيب المنزلي الذي توكل إليه مهمة التكفل بهذا النوع من المرضى لمساعدتنا”.

 

خرف الشريك.. الوفاء لشخص لم يعد يعرفنا

وإذا كان من الأبناء من يفضل ويشجع التطبيب المنزلي للتكفل بهذه الحالات المرضية، إلا أن هناك من الأزواج من يتفرغ لرعاية الشريك وخدمته مثلما هو حال عمي سليمان، الذي أصيبت زوجته البالغة من العمر 59 سنة بالزهايمر، ويرى بأن الحل الأمثل للتكفل بهذا النوع من المرضى هو إنشاء جمعيات يتطوع أعضاؤها للنشاط في هذا الإطار، ويعلق: “لا أغادرالمنزل إلا نادرا عندما أتأكد بأنها تناولت كل أدويتها ونامت، فبناتي تزوجن وأولادي يعيشون في بيوت مستقلة، وبحكم بقائي رفقة زوجتي فأنا مضطر لحراستها يوميا، ومنعها من القيام ببعض التصرفات التي قد تضرها، إذ تبادر أحيانا إلى حمل سكين على أنه مشط وتحاول تمشيط شعرها به، وفي أحيان أخرى أجدها تبحث في مخلفات الطعام عما تأكله، فيوميا أقوم بدور الحارس، ولا أرتاح إلا عندما تنام تحت تأثير الأدوية”، ويضيف السيد سليمان موضحا: “رعاية زوجتي أمر أحبه ولكنه الآن فاق طاقتي وقدراتي ولهذا فقد قمت برحلة بحث عن مراكز مختصة من أجل مساعدتي، ولكن القائمين على المصالح الاستشفائية على مستوى مستشفى “لمين دباغين” بباب الوادي أكدوا لي غياب مراكز متخصصة للتكفل بمثل هذه الحالات المرضية  ونصحوني بتزويدها بالأدوية واكتفوا بالقول له بأن عليه أن يعاملها كطفل رضيع لا يعرف أي شيء.

 

للتكفل بالمصابين بـ”الخرف”لا بديل عن التطبيب المنزلي

يرى البروفيسور مصطفى يعقوبي، مختص في جراحة العظام بمستشفى “لمين دباغين”، بعد احتكاكه ببعض المسنين المصابين بداء “آلزهامير” من الذين يصابون بكسور ويقصدون المصلحة للجراحة، أن هذه الشريحة أصبحت تطرح إشكالا كبيرا في عملية التكفل بها، حيث تلقى المسؤولية على عاتق أفراد الأسرة الذين يجهلون الكثير من الأمور عن هذا المرض، ومن هنا تظهر أهمية توفير مراكز متخصصة تحوي أطباء مكونين في كيفية التعامل مع هذه الفئة التي لا نملك إحصائيات دقيقة عن عددها، غير أن الأكيد أنها في ارتفاع. والإشكال الذي يطرح اليوم، هو أن الخرف المبكر ينتشر بشكل كبير في الجزائر، بالنظر إلى تحسن المستوى المعيشي الذي انعكس على نمط الحياة، مما يستدعي الإسراع في وضع استراتيجية فعالة للتكفل بانشغالات هذه الشريحة، علما أن الخرف ليس من الأمراض الوراثية، حسبما يعتقد البعض، بل حالة مرضية ترتبط بالتقدم في السن، وتصيب الشخص نتيجة تعرض ملكاته العقلية للإعياء، فتفقد القدرة على العمل وتضيع بذلك الذاكرة، شأنها شأن أي عضو في الجسم عندما يصاب بالمرض. وإلى حد الآن، لا يوجد علاج لهذا المرض، حيث تتم مرافقة المريض ببعض الأدوية المهدئة.

لمياء.ب