في عيد المرأة العالمي … “الموعد اليومي” تزور عاملات مصلحة “ما قبل الطباعة” و”الطباعة” بمطبعة باب الزوار : الكفاءة سر حضور المرأة المميز في مطبعة “sia”__ “الدقة في العمل ميزتنا والتميز في الإنجاز هدفنا”

في عيد المرأة العالمي … “الموعد اليومي” تزور عاملات مصلحة “ما قبل الطباعة” و”الطباعة” بمطبعة باب الزوار : الكفاءة سر حضور المرأة المميز في مطبعة “sia”__ “الدقة في العمل ميزتنا والتميز في الإنجاز هدفنا”

دور المرأة في تدوير حركة الحياة في المجتمع يعتمد على التنسيق بين الرجل والمرأة من أجل رؤيةٍ مجتهدة للجميع، لبناء اقتصادٍ ناجحٍ يعتمد على الجنسين، لذا انطلاقاً من هذا المبدأ ارتأينا في جريدة “الموعد اليومي” زيارة شركة الطباعة بالجزائر “sia” لنسلط الضوء معاً على عمل المرأة في مطبعة باب الزوار، وكيف استطاعت أن تجابه ما يعترض طريقها من عراقيل، واقتحمت عالم الطباعة الذي يعتمد اعتمادا واضحا على الدقة اللامتناهية والإلتزام الكبير بنوعية العمل وآجال إنجازه.

 

تشغل المرأة في مطبعة باب الزوار عددا من المناصب التي طالما كانت حكرا على الرجل، وهو ما أكد حرص الرئيس المدير العام لشركة الطباعة بالجزائر عبد القادر مشاط على اختيار الكفاءة كمعيار للمنصب دون الإلتفات لجنس العامل، وهو ما أعربت عنه العاملات في المطبعة خلال الزيارة التي قادتنا إليها لاستكشاف هذا المجال  أو العالم الذي يتم فيه طباعة وتطوير الصحافة المكتوبة في الجزائر وهذا بالتحديث المستمر لوسائلها الإنتاجية، إلى جانب التكوين المستمر لعمالها خاصة في مجال فنون الصناعة المطبعية، ما مكن “sia” من دخول مجال مختلف الأعمال المطبعية وبالخصوص طباعة الكتاب المدرسي والمجلات، بحيث مكنها من اكتساب خبرة وتحكم معرفي في هذا المجال، إضافة إلى اقتحامها مجال التغليف في القريب العاجل.

 

الدقة والإلتزام ميزتا سيدات مصلحة “ما قبل الطباعة”

إرتأينا في زيارتنا لمطبعة باب الزوار أن نتوجه إلى مصلحة “ما قبل الطباعة” باعتبارها الحلقة الأولى في سلسلة إصدار المنتوج، وهناك وجدنا العاملات بها قد باشرن العمل الذي أصبح جزءا منهن، واعتدن عليه فلم يمنعهن الوقت أو ضغط العمل من الحديث إلينا، وهو ما جعلنا نكتشف عالما آخرا يحق فيه وصف العاملين به بجنود الخفاء، حيث لن تكون المطبوعات التي نراها بشكلها النهائي لو لم يكونوا هم.

 

 

السيدة س. رحاي: “تحدي المرأة هو توفيقها  بين عملها وبيتها”

أول من تحدثنا إليها بمصلحة ما قبل الطباعة، كانت السيدة س. رحاي متزوجة وأم لطفلين، وعاملة بالمصلحة منذ 17 سنة، وجدناها هناك رفقة زميلاتها الأربعة، يعملن في جو مريح يشعر الداخل هناك بمدى الإنسجام والتفاهم بينهن، وعن سؤالنا عن طبيعة عملها بالمطبعة قالت:”تعتبر شركة الطباعة للجزائر sia، أول شركة طباعة جزائرية تُدخل المرأة لهذا العالم، وهو الذي مثّل إضافة جميلة للعمل، خاصة وأنه يعتمد اعتمادا كبيرا على الدقة والعين الفاحصة وكذا الحس الفني باعتبار الطباعة من الفنون وهي صفات تتميز بها المرأة عموما”، أما عن طبيعة العمل فقالت محدثتنا إنه يتميز بالجدية والتركيز الكبيرين لأن أي خطأ أو هفوة يتحول إلى مشكل كبير ما لم يتم تداركه، خاصة وأن مصلحة ما قبل الطباعة تعد اللبنة الأولى في إصدار المنتوج وأي خطأ يقع بها سيبقى مستمرا حتى يخرج العمل إلى النور، وأضافت أنها وزميلاتها يحرصن كل الحرص على التدقيق في العمل لتفادي مثل هذه الأخطاء، وهو ما شكل ضغطا نفسيا عليهن، هذا الضغط يبدأ من الثامنة صباحا ويستمر إلى غاية انتهاء العمل دون التقيد بالوقت، كما أشارت السيدة رحاي إلى الجهد العضلي الذي يحتجنه لحمل وتحريك بعض الأدوات المستخدمة هناك:”كل هذه الأعباء شكلت تحديا بالنسبة لي كامرأة عاملة وزوجة وأم، وما دمت اخترت أن أعمل في هذا المجال لابد أن أتحمل مسؤوليتي كاملة وأن أوفق بين عملي وبيتي بمن فيه الزوج والأولاد ولو على حساب راحتي وصحتي، فالمهم بالنسبة لي أن أقوم بواجبي المهني في مجال يعتمد على الدقة والإنضباط، وواجباتي كزوجة وأم وهو الواجب الذي ينبغي ألا أقصر مطلقا في تأديته، ولابد أن أشير إلى دعم الزوج وتفهمه الذي يبقى أهم سند يُمَكن المرأة من القيام بواجباتها وتحقيق التوازن، وهو ما أسعى إليه”.

 

السيدة أحمد سعيد زكية: “لا مجال للخطأ في عملنا”

تحدثت السيدة أحمد سعيد زكية وهي متزوجة وأم لثلاث بنات عن تجربتها المهنية التي بدأتها سنة 1998 بالجاحظية، وهناك اكتسبت الخبرة لمدة عامين ثم انتقلت لمؤسسات أخرى حتى استقر بها المطاف سنة 2012 بمطبعة sia ، وقالت إن العمل في البداية كان يدويا ثم أصبح يعتمد على الآلات، وتعد شركة الطباعة بالجزائر أول شركة استقدمت الآلات، أما عن ظروف العمل وضغوطه، فقالت المتحدثة:”عملنا يحتاج الكثير من الدقة ولا يحتمل الخطأ وأي هفوة قد تقودنا لمشاكل كبيرة وهو ما يشكل ضغطا نفسيا خاصة علينا، كما أننا نعمل لستة أيام متواصلة ولدينا الحق في يوم واحد راحة وهو غير كافي أبدا للقيام بالأمور الحياتية وكامل الواجبات الأسرية، خاصة بالنسبة لي كامرأة متزوجة وأم لدي الكثير من الأعباء، ولولا أن ظروف الحياة صعبة لاخترت المكوث في البيت والتفرغ لأسرتي رغم حبي لعالم الطباعة الذي صار جزءا مني”.

 

السيدة سايش حنان: “الضغط اليومي يبدأ من الدقائق الأولى ليومنا”

السيدة سايش حنان متزوجة وأم لثلاثة أطفال، وهي واحدة من سيدات مصلحة “ما قبل الطباعة”، بدأت مشوارها مع زميلاتها منذ 17 سنة، تحدثت عن تجربتها في هذا المجال قائلة:”بدأت في هذا المجال منذ 17 سنة رفقة باقي زميلاتي في مصلحة “ما قبل الطباعة”، وكنا في البداية نعمل عملا يدويا وهو ما كان أمرا متعبا لنا سواء من الناحية الجسدية أو النفسية، لكن ومع استقدام الآلات تغيرت بعض الأمور وأصبح التعب نفسيا أكثر منه جسديا باستثناء بعض الأمور كنقل الأدوات التي نستعملها في إنجاز عملنا، وهي أدوات ثقيلة ومجرد تحريكها يحتاج إلى القوة فما بالك بحملها ونقلها، إضافة إلى أن عملنا يحتاج إلى الإلتزام بالوقت، فعمل اليوم لا يؤجل إلى الغد، أما بالنسبة لي كامرأة عاملة ومتزوجة وأم، فالضغط يبدأ منذ الصباح الباكر

ومن اللحظات الأولى التي تلي استيقاظنا من النوم، فنبدأ في تجهيز الأبناء ونقلهم لمدارسهم ثم التوجه للعمل الذي لا يحتمل أن ينشغل بالنا بأمر آخر ونحن نقوم به، فأي تهاون غير مسموح”.

 

السيدة فتيحة حدبي زوجة سمود: “الدقة والتركيز صارا جزءا منا”

من جهتها، تحدثت السيدة فتيحة حدبي سمود عن خبرتها في مجال الطباعة التي قاربت 17 سنة، حيث بدأت العمل في المصلحة رفقة زميلاتها اللواتي يعتبرن أولى العاملات في مصلحة ما قبل الطباعة بمطبعة باب الزوار sia، التي تعد المطبعة الأولى في إفريقيا التي شغّلت النساء في هذا المجال، أما عن ظروف العمل فقالت:

“عملنا الذي بدأناه منذ 17 سنة صار جزءا منا ومن يومياتنا، فرغم ما يحتاجه من دقة وتركيز إلا أننا تعودنا عليه وصار التدقيق والتمحيص سلوكا يوميا وجزءا منا، خاصة وأن ظروف عملنا هنا في المصلحة جيدة ونحن متفاهمات فيما بيننا، ونقوم بعملنا بشكل متفاني ولدينا روح الفريق، وهو ما جعل عملنا يتم في مناخ جيد”.

 

السيدة سميرة دولاج رئيسة مصلحة ما قبل الطباعة: “أنا أول امرأة شغلت هذا المنصب والمدير ركز على كفاءتي دون النظر لجنسي”

بعد حديثنا مع سيدات مصلحة “ماقبل الطباعة”، توجهنا إلى الحديث مع السيدة سميرة دولاج وهي رئيسة المصلحة منذ سنة 2013، وتعتبر أول سيدة شغلت هذا المنصب الذي ظل حكرا على الرجل لسنوات طويلة، وقالت لنا عن تجربتها في هذا الميدان وعن أهم الصعوبات التي اعترضتها:”أنا سيدة وأم لثلاثة أبناء، التحقت بشركة الجزائر للطباعة سنة 2007 وعملت بمصلحة الصيانة جنبا إلى جنب مع باقي العمال وأديت عملي بكل إخلاص، فما دمت اخترت هذا العمل، فيجب عليّ أن أقوم به مهما يكن واستمريت في الصيانة حتى سنة 2013، وهي سنة ترأسي لمصلحة ما قبل الطباعة التي يوجد بها ثلاث فرق، فريق السيدات يعمل صباحا وفريقي رجال يعملون مساءا يوما بيوم، وهي مسؤولية أتشرف بتحملها كوني أول امرأة تشغل هذا المنصب وهو ما لم يتقبله الكثيرون، فهناك من لم يستطع تقبل أن تكون امرأة رئيسة له في عمله، لدرجة قيام البعض باختلاق بعض الإشكاليات اعتقادا منهم أنها ستكون عائقا أمامي، وهو ما لم يكن أبدا، فرغم الضغط الكبير خاصة في العمل الليلي إلا أنني تمكنت من تسيير العمل كما ينبغي وكل هذا بكفاءتي التي عينني المدير العام للمطبعة على أساسها، كما تجدر الإشارة إلى الدور الكبير للسيد عبد القادر مشاط في نجاحي فهو ينظر إلينا بميزان الكفاءة دون الإلتفات إلى جنسنا، فالمهم لديه توفر الكفاءة والقدرة على التسيير، أما عن ظروف العمل فالحمد لله، فهي جيدة وتقوم الشركة بتوفير كل ما نحتاجه من أدوات عمل وأدوات حماية، خاصة وأننا نعمل ببعض المواد الخطيرة، ولذا فالشركة تحرص كل الحرص على توفير الأمن والحماية لعمالها. وبخصوص ضغوط العمل، فبرأيي الضغط ليس من العمل، بل اختلقه البعض، خاصة الذين لم يتقبلوا أن ترأسهم امرأة، لأن أي عمل مهما يكن يحتاج إلى الدقة والتركيز، وإن كان عملنا يحتاج قدرا مضاعفا من الإنضباط بالمواعيد والدقة في الإنجاز، ولكن الأمر مقدور عليه، خاصة وأن المرأة أصلا تتميز بدقة تركيزها

وجديتها وكذا انضباطها، وهو ما يجعلنا قادرات على العمل والعطاء في عملنا وكذا تسيير أمور عائلاتنا وأنا كزوجة وأم لثلاثة أطفال أحاول قدر الإمكان ألا أقصر في أي مجال على حساب الآخر”.

 

الآنسة سميرة بوبريت رئيسة مصلحة “ورشة الطبع”: “حب الميدان وجدية المدير العاملان الأكبر في نجاح مطبعتنا”

انتقلنا من مصلحة ما قبل الطباعة وتوجهنا إلى “ورشة الطبع”، وهي المصلحة التي تخرج فيها المادة في شكلها النهائي وحسب رغبة الزبون، وهناك التقينا بالآنسة سميرة بوبريت رئيسة الورشة التي رافقتنا في أرجائها وأطلعتنا على أجواء العمل هناك، وشرحت لنا كيفية طبع المادة ثم طيها حسب رغبة الزبون وهنا يتم الطبع النهائي للمادة في شكلها الأخير الذي يُقدم للزبون، سألنا الآنسة سميرة عن تجربتها وعن ظروف العمل وإن كان حكرا على الرجال أم أنه متاح للمرأة، فقالت:”بداية عملي هنا كانت في سنة 2004 والعمل هنا كان شبه محتكر على العنصر الذكري، الذي ما زال يعمل على آلة الطبع إلى غاية يومنا هذا، أما الطيّ فاقتحمته المرأة بكل جدارة و هي تزاول عملها كأي عامل بالمصلحة، أما عن صعوبة العمل، فأنا أعتبر أن لكل عمل صعوبته التي تعتبر ميزته، وهي الصعوبة التي يزيلها حبنا للميدان، أما عن رئاستي للورشة، فلا يمكن أن أنكر أن هناك بعض الحساسية من أن تترأس المرأة عملا أغلب عماله رجال، ولهذا كنت حريصة على أن أراعي هذا الشعور وهذه الغريزة الذكورية فأحرص على التعامل مع العمال بطريقة لا أخدش فيها كبرياءهم وأحترم كل عامل رجل معنا في المصلحة، وتجدر الإشارة هنا إلى الدور الكبير الذي يلعبه مدير شركة الطباعة للجزائر السيد عبد القادر مشاط في تشجيع الكفاءات دون أي تمييز للجنس، فجديته وصرامته وتوفيره لأجواء عمل مناسبة جعلت كل عامل يقدم كل ما لديه لتقديم الأحسن”.

 

الآنسة حكيمة علوان: “أقوم بعملي كاملا دون الحاجة لمراعاتي كامرأة”

التقينا الآنسة حكيمة علوان بورشة الطبع وهي المرأة الوحيدة العاملة هناك رفقة مجموعة من زملائها الرجال، وهي تقوم بتسيير ماكنة كبيرة تقوم بجمع، لصق و تقطيع، وقالت حكيمة علوان عن تجربتها: “بدأت العمل في هذا المجال منذ سنة 2006، رفقة زملائي الرجال، ورغم أن هذا العمل عمل ذكوري إلا أني تمكنت من اقتحامه، فهو صعب في بدايته ولكنه غير مستحيل، وما دمت أنا متواجدة فيه، فمعناه أنه ممكن، كما أنني لا أحب ولا أنتظر أن يقوم أحد بمراعاتي باعتباري امرأة لأنني خضت هذا المجال لأعمل فيه وأنا أقدر على ذلك”.

لمياء بن دعاس