بعدما رفعت السلاح في وجه الاستعمار وحاربت إلى جانب أخيها الرجل، ما زالت المرأة الجزائرية تواصل مشوار عطائها متحدية كل العراقيل والعقبات خدمة للوطن وإثباتا للذات، فلم تترك مجالا ولا حرفة إلا واقتحمتها بل وتألقت فيها.
حتفل الجزائر عبر كافة التراب الوطني وخصوصا العاصمة، في الثامن من مارس باليوم العالمي للمرأة، وذلك بإحياء الحفلات وإقامة المعارض التي تخص المرأة و إنجازاتها، فالمرأة سواء العاملة أو الماكثة بالبيت ركيزة المجتمع ومربية أجيال الغد ورجال المستقبل، فحواء لا تزال صاحبة الفضل في وجود رجال.
انتشرت خلال العقدين الأخيرين في المجتمع الجزائري ظاهرة خروج المرأة للعمل، ففي سنة 1989 بلغ معدل النساء المتزوجات العاملات 33.1 % ليبلغ 54.2 % سنة 1996 وما يزال في ارتفاع مستمر، ومن بين أهم خصائص عمل المرأة الجزائرية هو امتطائها لصهوة العصرنة واعتلاء أعلى المراكز وأسماها في مختلف المجالات والميادين، إذ تعيش المرأة العاملة عدة أدوار في الحياة فهي الموظفة والزوجة والأم والابنة، لذلك فإن نجاحها مرتبط بقدرتها على استغلال وقتها، وقد اختلفت أسباب خروج المرأة للعمل، حيث تشير إحدى الدراسات إلى أن 88.33 % تعود للرغبة في إشباع كل الحاجات الأسرية و 96.33 % لغلاء المعيشة، وهي أكثر الأسباب التي أجبرت المرأة على الخروج للعمل لكسب رزق أكبر، بالإضافة لأسباب عدة كتأثير العمل على دورها ومركزها الاجتماعي بما يمنحها من استقلالية ذاتية ومشاركة في اتخاذ القرارات الأسرية.
الثامن مارس فرصة لا تعوض للخروج
يبقى عيد المرأة في نظر غالبية النساء، خاصة الماكثات بالبيوت فرصة لا تعوض للخروج والتمتع بغذاء على حساب الأزواج، ورؤية العالم في جو مختلف وبهيج يشعر بعض المقهورات بوجودهن، بل أن بعض الأولياء الذين لا يسمحون لبناتهن بالخروج دون مناسبة ولا مرافق يفعلون ذلك يوم عيد المرأة لمعرفتهم بأنه يوم خاص بها، وأن المطاعم والمتنزهات تكتظ بالنساء فقط، حيث تقول السيدة “هاجر” معلمة في المتوسط:”ننتظر فرصة الثامن مارس أنا وزميلاتي للخروج إلى المطاعم والتسوق في يوم مميز نحظى فيه بالتخفيضات والحفلات”، أما السيدة “حنان” فهي ماكثة في البيت فتقول:”الثامن مارس يحمل لي بعض البهجة، لأنني في مثل هذا اليوم من كل سنة أخرج للعشاء مع زوجي في أحد المطاعم لوحدنا وغالبا ما يشتري لي هدية أختارها بنفسي، وأترك الأولاد في عهدة أم زوجي، فهي تحترم ذلك ولا تعارض أن أحتفل بعيد المرأة مرة في العام”، وأبدت رأيها أيضا الشابة سيهام طالبة “في هذا اليوم لا يمانع أخي وأبي خروجي ويزيد أبي في مصروفي اليومي ولا يمانع ذهابي للحفلات لأنه يعلم أنها مليئة بالنساء فقط”.
الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية تمنح النساء رحلات مجانية وورودا
أعلنت الشركة الوطنية للنقل بالسكة الحديدية في بيان رسمي لها “أنه سيتم توزيع الورود على النساء المسافرات في المحطات وعلى متن القطارات، وهذا إحياء لليوم العالمي للمرأة من خلال عرض خاص موجه للنساء وهو مجانية الرحلات خلال هذا اليوم في جميع قطارات الضواحي على مستوى الشبكة الوطنية للسكك الحديدية”.
للإشارة، دعت الشركة التي تأمل في تمييز هذا الحدث من خلال لفتات تجارية، زبوناتها إلى التقرب من أكشاك محطات الضواحي المعنية لتسلم تذكرة نقل مجانية.
المجالس المنتخبة وأروقة السياسة.. تحدي آخر رفعته المرأة الجزائرية
شكّلت تجربة المرأة الجزائرية في المجالس المنتخبة أحد أهم المحطات والمكاسب التي استطاعت أن تفتكها في السنوات الأخيرة، وهي المهمة التي بقيت لسنوات حكرا على الرجل. ورغم صعوبة المهمة بسبب قلة الخبرة والتجربة وغياب التقاليد في الوسط الاجتماعي، وكذا بعض الانتقادات التي وجّهت لها من حيث قوة الأداء والحضور الفعلي في الميدان، إلاّ أنّها استطاعت أن تحقّق لنفسها مكانا تحت الشمس وتنافس الرجل في تسيير الشؤون المحلية، والمساهمة في معالجة مختلف الانشغالات اليومية للمواطن حتى تمكنت من فرض نفسها وغيرت نمط تفكير محيطها، فأصبحت هناك أسر تشجع بناتها على خوض غمار السياسة وتدفعهن لأن تكن عنصرا فاعلا في الحياة السياسية، فمن منتخبة بالمجالس إلى رئيسة حزب تترأس جمعا من الرجال، خاصة مع الحراك السياسي الذي عرفته الجزائر في السنوات الأخيرة، ولعبت فيه الجزائريات دورا كبيرا بعدما ناضلن من أجل حريتهن وحقهن في المساواة مع الرجل في الحقوق والواجبات، بالإضافة إلى نضالهن في الحق في التعليم والخروج إلى مجال العمل حتى يتمكن من اثبات وجودهن، وبعد أن تحقق مبتغاهن، أصبحت جل الأحزاب السياسية تسعى جليا لكسب أكبر عدد ممكن من الأصوات من خلال حملتها الانتخابية، وهو الأمر الذي دفع إلى بروز العنصر النسوي بقوة.
بعد السياسة.. الاستثمار مجال آخر يبرز نجاح المرأة الجزائرية وتحدياتها
تحظى المرأة الجزائرية حالياً بمكانة هامة في المجتمع، الذي لطالما سيطرت عليه فكرة أن مكان المرأة هو في البيت، والسهر على راحة الزوج والأبناء والقيام بشؤون العائلة، وأسهمت المرأة الجزائرية في العديد من الإصلاحات، التي عرفتها أخيراً مختلف القطاعات ببلادنا، وتمكنّت المرأة من اكتساح جميع الميادين التي ظلت إلى وقتٍ قريب تحت سيطرة الرجال.
ومن بين المجالات التي برزت فيها المرأة الجزائرية، مجال قطاع الأعمال، وأثبتت المرأة كفاءتها في هذا القطاع منذ دخول البلاد في نظام اقتصاد السوق، وفتح المجال للاستثمارات الخاصة في مطلع تسعينيات القرن الماضي.
المرأة الجزائرية تقتحم قطاع المقاولاتية
حسب إحصائيات أعلنت عنها وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة مونيا مسلم سي عامر، فإن المرأة الجزائرية تشارك في قطاع المقاولاتية بنسبة 19.3 بالمائة، مضيفة أن المرأة المقاولة لها من الكفاءة والمهارة ما يمكنها من المشاركة بقوة في إثراء الاقتصاد الوطني في شتى القطاعات، وكشفت الوزيرة أنه سيتم خلال سنة 2017 مرافقة المرأة المقاولة من خلال برامج تحسيس وتكوين لوزارتها سيشرف عليها خبراء جزائريون وأجانب لتكوين مكونين سيرافقون بدورهم طوال السنة النساء المقاولات لاسيما الناشطات في الجزائر العميقة.
وأكدت الوزيرة أن الجزائر تخطو خطوات كبيرة في سياق نظرة جديدة للاقتصاد الوطني المتنوع والقوي، وأن المرأة فاعل أساسي للمشاركة في هذه الديناميكية لتطوير وإثراء وتنويع الاقتصاد، خاصة وأن الجزائر متجهة بقوة نحو وضعية مالية خانقة والحكومة تعتمد على ثروات أخرى خارج المحروقات وتشجيع المرأة وتفعل دورها.
الاتحاد الإفريقي يمنح “جائزة الجوائز” عرفانا بدور المرأة الجزائرية
منح الاتحاد الإفريقي في إطار عشرية حقوق الإنسان وبالأخص حقوق المرأة بكيغالي رواندا جائزة الجوائز الاستثنائية عرفانا بالجهود المبذولة من طرف المرأة الجزائرية تحت رعاية الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من أجل ترقية دور المرأة في المجتمع.
وصرح الوزير الأول عبد المالك سلال أن منح الجزائر “جائزة الجوائز” للتنمية الاجتماعية من أجل ترقية دور المرأة في المجتمع.
وأنشئت هذه الجائزة خصيصا بهذه المناسبة تكريسا لريادة الجزائر في مجال ترقية حقوق الإنسان عامة وحقوق المرأة خاصة سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية منها.
صحفيات يتقلدن المراتب الأولى للصحفي المحترف
عرفت طبعة جائزة الصحفي المحترف لهذه السنة تتويج 9 صحفيين من مختلف فئات الصحافة الوطنية، وقد شهدت هذه الطبعة تتويج 6 صحفيات بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، التي تناولت هذه السنة موضوع “المرأة الجزائرية” طرفا فاعلا في هذه التنمية الاقتصادية والاجتماعية بحضور وزير الاتصال حميد قرين و أعضاء من الحكومة الجزائرية.
وفي فئة الصحافة المرئية، فقد كانت الجائزة الأولى من نصيب الصحفية سعاد ايليمي من التلفزيون الوطني التي قامت بروبورتاج تحت عنوان “سوق النساء”.
وفيما يخص الصحافة المكتوبة، فازت الصحفية حياة صرتاح من يومية “الرائد” بالجائزة الأولى.
وفي فئة الصحافة المسموعة، فازت بالجائزة الأولى الصحفية فلة مازاري من إذاعة تيبازة الجهوية كأحسن مذيعة.
المرأة الريفية من اللافعالية إلى المرأة المنتجة
تحصي الجزائر نحو ثمانية ملايين امرأة ريفية، هذا العدد الذي جعل وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة تباشر تعميم مشروع تحويل المرأة الريفية إلى منتجة عبر جميع ولايات الوطن ابتداء من سنة 2017.
وصرحت السيدة الوزيرة خلال إشرافها على فعاليات يوم دراسي حول “دور الأسرة المنتجة في بعث حركية تنموية”، بمناسبة اليوم العربي للأسرة، أن هذا المشروع الذي انطلق سنة 2014 حقق نجاحا على مستوى 12 ولاية وستعمل على تعميمه على باقي ولايات الوطن.
ويهدف هذا المشروع إلى إتاحة الفرصة للمرأة للانخراط في العمل التنموي، وتحويل الأسر ذات الدخل المحدود القاطنة بالمناطق الريفية المعزولة من أسر تتلقى المساعدات إلى أسر منتجة.
وأضافت الوزيرة أن عملية تمويل هذا المشروع تتم عن طريق الصندوق الخاص للتضامن الوطني، حيث تتحصل كل أسرة مستفيدة من مبلغ يتراوح ما بين 10 آلاف و50 ألف دينار غير قابلة للتسديد.
ورغم نجاح المشروع مبدئيا إلا أن الوزيرة كشفت عن جملة من الصعوبات التي تواجهه كصعوبة إقناع الأسر القاطنة بالمناطق الريفية بالمشاركة فيه، نظرا لخصوصية تلك المناطق التي لا تقبل ولوج المرأة سوق العمل إلى جانب غياب فضاءات التسويق.
آسيا معيوف