استعرض الخبير الأمني أحمد ميزاب لدى استضافته في منتدى “الموعد اليومي” ملفات الساعة من احتجاجات بجاية إلى التونسيين العائدين من بؤر التوتر، فضلا على حصيلة وزارة الدفاع وبقايا الجماعات الإرهابية بالإضافة إلى عدد من التفاصيل المتعلقة بها في رده على أسئلة الصحفيين.
قلّل الخبير الأمني أحمد ميزاب من خطورة الاحتجاجات والإضرابات التي عرفتها ولايات بجاية، البويرة وبومرداس في إطار ما يسمى بإضراب التجار، معتبرا أنها ساحبة عابرة لا تؤثر على استقرار الجزائر .
وقال أحمد ميزاب في منتدى ” الموعد اليومي ” إن ” ما حدث في بعض الولايات عبارة عن ظاهرة ظرفية ستزول خلال أيام، جاءت بناء على معطيات غير مبررة وأسباب واهية أرادت بعض الأطراف تسويقها ”، مضيفا أن ” هناك من يريد مناورات هامشية له أهداف معينة من خلالها، لا تخدم إطلاقا مصلحة المواطن الجزائري ” .
وأكد محدثنا أن هذه الأحداث عبارة عن سحابة عابرة لن تؤثر على الوضع المستقر الذي تعرفه الجبهة الاجتماعية بصفة خاصة والجزائر بصفة عامة، مضيفا أنها محاولة لجس النبض وستنتهي باعتبار أن المواطن الجزائري عودنا دائما على تماسكه ووعيه، وعلى التزامه باستقرار الجزائر بعدما دفع ضريبة غالية سنوات الجمر ويدرك جيدا معنى اللاإستقرار .
واستبعد ميزاب أن تكون هذه الاحتجاجات بسبب تطبيق قانون المالية، واستطرد قائلا : ” بعض الأطراف تعتقد أن قانون المالية هو السبب في هذه الاحتجاجات، لكن منطقيا يستحيل تقييم القانون في 48 ساعة، باعتبار أنه لم تبرز آثاره وانعكاساته بعد، وبالتالي هي محاولات يائسة مثل ما حدث في سنة 2011 ، ” مؤكدا أن هذا الحراك لا يدخل في إطاره الاجتماعي وغير قائم على أساس مطالب معينة .
وبالحديث عن الأطراف المتسببة في هذه الأحداث، اعتبر ميزاب أنه سابق الاوان أن نقول من وراء هذه الأحداث ، لكن التحقيقات الأمنية ستكشف كل شيء، سيما وأن بعض الأبحاث تجرى حول مصادر بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي التي دعت التجار للإضراب، بالإضافة إلى التهديدات التي تلقاها بعض التجار حول مسألة عدم فتح المحلات، وهذا ستثبته الأيام القادمة، يضيف ميزاب.
وبخصوص دعوة الانفصالي فرحات مهني لرفع علم دولته التي يتصورها، قال ميزاب إن مهني يريد ركوب موجة عابرة والاستثمار فيها ، مبرزا أن هناك وعيا اجتماعيا وحضاريا لدى الجزائريين وأفضل مثال عودة الصوت العاقل في ولاية بجاية والولايات الأخرى بخروج السكان للتنديد بأعمال التخريب بالإضافة إلى الحملة الواسعة في مواقع التواصل الاجتماعي التي تدعو لوقف الاحتجاجات والإضرابات.
قال إنها مجرد فلول عاجزة حتى عن الاتصال فيما بينها
بقايا الإرهاب في “شلل أكلينيكي”
قال الخبير الأمني أحمد ميزاب إن الجزائر لا تتعاطى في استراتيجيتها لمكافحة الإرهاب مع عناوين وإنما مع ظاهرة سواء كان اسمها القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أو “داعش” أو “المرابطون” أو أي مسمى كان.
وأشار إلى أن الاستراتيجية التي تعتمدها الجزائر تقوم على تفكيك الخطوط الامنية بشكل دوري بحسب المستجدات والتجديد الدوري للخارطة الامنية بدليل أن الجماعات الإرهابية التي تم القضاء عليها خلال شهر رمضان الفارط لم يكن موقعها في المراكز التي تمت فيها العملية. وأشار المتحدث في سياق متصل إلى تسجيل عمليات “استباقية” بناء على توظيف المعلومة والترابط بين تحرير المعلومة والقطاع العملياتي .
و لفت ميزاب إلى أن 60 بالمائة من حصيلة العمليات التي تنشرها بيانات وزارة الدفاع تخص المناطق الشمالية وهي المناطق التقليدية المعروفة بالنشاط الإرهابي على محور (عين الدفلى، المدية، البويرة، تيزي وزو، جيجل، سكيكدة قسنطينة وسطيف ) كما لفت إلى أن حصيلة الكشف عن المخابئ هي الأخرى كانت تخص المناطق الشمالية. فتقريبا كلها تركزت في ولايات البويرة تيزي وزوو بومرداس.
وأوضح الخبير إلى أن الاستراتيجية الأمنية في مكافحة الإرهاب تعتمد على محورين: الاول في إطار تأمين الحدود حتى تمنع التواصل بين المجموعات المتواجدة خارج الحدود والخلايا في الداخل. وأضاف أن بقايا الخلايا الموجودة في الداخل في حالة شلل “إكلينيكي” باعتبار أنها غير قادرة على أن تستجمع في إطار الدعم اللوجيستيكي وكذلك التواصل والاتصال وأصبحت معزولة في مناطق محددة
وفي رده على سؤال حول عدم وضوح خارطة التوزيع الجغرافي للمجموعات الارهابية في الشمال عكس ما كان عليه من قبل، أوضح ضيف منتدى الموعد اليومي أن التوزيع الجغرافي الذي كان تورده التقارير الاعلامية كان يستمد من الدعاية الإرهابية، وأن المجموعات الإرهابية التي كانت تروج لمواقعها أصبحت اليوم مجرد فلول مطاردة من قبل الجيش، وأصبح تواجدهم أكثر في المدن والقرى وتحركاتهم منعزلة.
وتابع ضيف “الموعد اليومي” أن هذه المجموعات اليوم غير قادرة على تقديم شيء معين والترويج له وأكثر من ذلك ليست قادرة حتى على التواصل بين مجموعاتها، مؤكدا أنها ليست قادرة على التكتل وهي تعتمد اليوم على منهج “الذئاب المنفردة” .
أكد أنها تدرس حالة الجزائر الداخلية لإحداث بعض الانفلاتات الأمنية …ميزاب :
هناك مخابر وورشات تعمل على إلحاقنا بسوريا وليبيا
أكد الخبير الأمني الجزائري أحمد ميزاب وجود مخابر حاليا تدرس الحالة الداخلية للجزائر وتسعى لإحداث بعض الثغرات الأمنية ومن ثم العمل على ضرب استقرار الجزائر خاصة في الظروف الراهنة وفي ظل بعض أحداث الشغب المعزولة وغير المقلقة – بحسبه- خاصة وأن أمن ووحدة الجزائر يقلق هذه الدول وثرواتها تسيل لعابها.
ولدى حلوله ضيف على منتدى الموعد اليومي قال أحمد ميزاب إن وحدة وتماسك الجزائر تزعج بعض الدول التي يرى محدثنا أن الوقت غير مناسب للكشف عنها، مؤكدا أنها تترأس ورشات عمل ودراسة حالة ووضعية الجزائر الداخلية والعمل على استغلال بعض الثغرات والانفلاتات المعزولة والاشتغال عليها لزعزعة استقرار الجزائر وجرها إلى مستنقع التوترات خاصة في ظل المحيط الاقليمي المتوتر وغير المستقر المحاذي للجزائر وتنامي الأزمات الدولية.
واعتبر ميزاب أن الجزائر تلعب دورا مركزيا في حفظ السلام على طول المناطق الحدودية، كما أشاد في الوقت نفسه بالمقاربة الجزائرية في التعامل مع الازمات والتي تغلب لغة الحوار والمصالحة والتي تبنتها فيما بعد بعض الدول التي نادت إلى التعصب وتغليب لغة السلاح.
أما في ما يخص ظاهرة الارهاب عموما قال المتحدث ذاته أن الظاهرة لا تستثني دولة أو أخرى بما أن معظم دول العالم خاصة الكبرى منها تعاني اليوم من شبح الارهاب، مؤكدا أن صمود الجزائر وتماسكها أذهل هذه الدول والتي أصبحت تستمد استراتيجيتها في مكافحة الظاهرة من المقاربة الجزائرية التي استطاعت أن تضع حدا لنشاطات العناصر الارهابية والتي أصبحت معزولة ومشتتة، معتبرا أن هذه الدول ضيعت الكثير من الوقت والامكانات المادية والبشرية لتماطلها في تطبيق وانتهاج السياسة الجزائرية في التعامل مع المنظمات الإرهابية.
واستدل محدثنا بالازمة السورية حيث اعتبر أن نداءات وقف إطلاق النار وتغليب لغة الحوار جاءت متأخرة نوعا ما خاصة وأن الجزائر نادت إلى الجلوس على طاولة الحوار منذ 5 سنوات على الأقل إلا أن كل النداءات لم تلقى صداها دوليا.
“الجزائر لم ولن تؤمّن حدودها على حساب أمنها الداخلي “
اعتبر أحمد ميزاب أن الجزائر نجحت بإنشاء مقاربة تشاركية بين القطاعات الأمنية الجزائر (وزارة الدفاع ومديرية الامن) مؤكدا أن تركيز الجزائر على حماية حدودها من بؤر التوتر والازمات لا يعني أنها أهملت أمنها الداخلي حتى بعد تسجيل بعض أعمال الشغب المعزولة، مستشهدا بالاجتماعات الامنية المصغرة التي عقدها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة مع كافة المؤسسات الامنية خلال السنة الماضية للوقوف على مدى تنفيذ الاستراتيجيات الأمنية المسطرة.
كما صرح أحمد ميزاب خلال المنتدى بوجود مخططات واستراتيجيات أمنية محكمة وناجعة مسطرة ضمن معالم كبرى يتم توظيفها وفق متغيرات الحالة الامنية للجزائر، مؤكدا أن تأمين الحدود يمر عبر ضمان استقرار وتماسك الجبهة الداخلية وهو ما عملت وتعمل عليه الجزائر في حين نفى المتحدث ذاته احتمال إهمال الجزائر للجانب الأمني الدخلي وتركيزها على تأمين حدودها مع الدول التي تشهد أزمات وصراعات داخلية .
رسالة ڤايد صالح قطعت الشك باليقين بخصوص قدرة الجيش على حماية أمن واستقرار الجزائر
أكد أحمد ميزاب الخبير الأمني والقضايا الاستراتيجية أن الرسالة التي بعث بها نائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد ڤايد صالح بمناسبة حلول السنة الميلادية الجديدة لكافة الضباط وضباط الصف والجنود والمستخدمين المدنيين وعائلاتهم والأسرة الاعلامية، هي رسالة واضحة ومباشرة ليس للجيش وعناصره والإعلام فقط بل لكافة الشعب الجزائري تؤكد له بما يدع مجالا للشك بأن قيادة الجيش ستبقى ساهرة على أمن واستقرار البلاد رغم جميع التحديات والمخاطر .
قال أحمد ميزاب لدى نزوله ضيفا على منتدى الموعد اليومي بأن رسالة أحمد ڤايد صالح من حيث التوقيت والمضمون موجهة للجميع باعتبار أن الجزائر من خلال قيادة الجيش الوطني الشعبي تدرك أيما إدراك حجم المخاطر في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الصعبة خاصة وأنها تتزامن مع استمرار الصعوبات في معالجة بعض الملفات على غرار الملف الليبي الذي تهدده مشكلة أخرى وهي عودة المقاتلين من بؤر التوتر في سوريا والعراق وغيرهما ..
وشدد ميزاب بأن رسالة أحمد ڤايد صالح الواضحة الدلائل والمعالم جاءت لتسكت بعض الأصوات وتقطع الشك باليقين على أن الجزائر قادرة على رفع التحديات ومواجهة كل المخاطر التي تهددها بكل عزيمة وثبات بدليل الزيارات المارطونية التي قادت الفريق أحمد ڤايد صالح للنواحي العسكرية والأكثر من ذلك عمله الدؤوب في الدفاع عن الجزائر في المنابر والمحافل الدولية ناهيك عن استقباله عديد الشخصيات في إطار تقريب وجهات النظر لفاعلية المقاربة الأمنية.
حذار .. وسائل إعلام كثيرة وقعت بحسن نية في فخ الترويج للأعمال الإرهابية
حذر أحمد ميزاب الخبير الأمني والقضايا الاستراتيجية في منتدى الموعد اليومي من أسلوب التعاطي الإعلامي في القضايا الأمنية الحساسة التي قد تخل بالأمن القومي للبلاد خاصة في غياب متخصصين في هذا النوع من الإعلام الذي يتطلب معالجة المواضيع الأمنية -بحسبه- بحذر شديد بالنظر لعدة عوامل مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتوقيت والسياق ومدى تأثير هذه الكتابات على سيران مثلا التحقيقات والمخططات الأمنية التي تحين دوريا .
ونبه ضيف منتدى الموعد اليومي من كون أن الكثير من وسائل الإعلام، ربما بحسن نية، تقع في فخ الترويج للأعمال الارهابية خاصة في ظل توافر المعلومات وتضاربها احيانا بداعي الهرولة للسبق الصحفي الذي يصبح مضاره أكثر من منافعه ولربما يكون هذا السبق في حد ذاته يشوش على خطط أمنية أو عمل كان يدار باحترافية للقضاء على الإرهاب ومحاربة الجريمة والجريمة المنظمة.
وأوضح ميزاب بأننا نحتاج اليوم إلى إعلاميين متخصصين ويتابعون القضايا الأمنية متابعة دورية وليس متابعة ظرفية ليس إلا بنوع من البرودة والتراجع في معالجة هذا النوع من القضايا المرتبطة بعدة ميادين سواء ما تعلق بالسياسة او الاقتصاد او الاجتماع، مستدلا بطيلة 15 يوما الأخيرة من سنة 2016 التي لم تتحدث فيها الكثير من وسائل الإعلام عن القضايا الامنية إلى غاية بداية الحديث عن عودة المقاتلين من بؤر التوتر إلى بلدانهم الاصلية في وسائل الاعلام الاجنبية حيث بدأ الجميع يكتب عن هذه القضية الحساسة.
وفي هذا السياق بالذات قال أحمد ميزاب إنه بصفته خبير في القضايا الامنية لا تزعجه اطلاقا عودة المقاتلين إلى بلدانهم الاصلية بقدر ما يزعجه ويقلقه جحافل الأطفال الذين تم تجنيدهم في التنظيمات الإرهابية المشبعين بإيديولوجيات خطيرة وخطيرة جدا سيصعب ترويضهم أو التعامل معهم إذا كبروا على ما هم عليه اليوم وهي إحدى أخطر القنابل الصامتة على حد تعبيره التي تقوض الأمن والسلم العالميين.
المغرب سيستمر بالمناورة و2017 ستكون سنة امتحانات
وقال أحمد ميزاب ضيف منتدي الموعد اليومي بشأن التطورات الأخيرة التي تشهدها الساحة الإفريقية برغبة الرباط في العودة إلى الاتحاد الإفريقي من باب صراعها المعلن ضد الجزائر، أن سنة 2017 ستكون سنة امتحانات وأن المغرب سيستمر في المناورة والمناوشة.
وأشار الخبير أن الجزائر لها إستراتيجية واضحة لأنها تتعاطى مع المغرب من باب حسن الجوار ومن مبدأ “اليد الممدودة” لكن في نفس الوقت مبادؤها الثابتة لا تتغير وحتى على مستوى الاتحاد الإفريقي حيث قال إن المغرب طرح شروطا تعجيزية تتنافى مع المبادئ السامية للقارة، مردفا بالقول “أعتقد أن الطرف الثاني تلقى أكثر من إجابة من الاتحاد الافريقي في أكثر من مرة ومناسبة”.
ميزاب يستبعد عودة الحرب بين البوليساريو والمغرب
استبعد الخبير الأمني أحمد ميزاب عودة فتيل الحرب بين جبهة البوليساريو والاحتلال المغربي، قائلا “الملف مطروح على هيئة الأمم المتحدة والطرفان وقعا على وثيقة وقف إطلاق النار سنة 1990 ما يدل على أن عودة الحرب غير واردة”، مشيرا أن القضية الصحراوية ستعرف هذه السنة أكثر من متغير ، سيما مع ترؤس الوافد الجديد قوتيريس لهيئة الأمم المتحدة ، وهو الذي يعرف القضية جيدا وتبنى مواقف لصالح القضية الصحراوية لما كان رئيس وزراء البرتغال.
وأضاف ميزاب أن القيادة الجديدة لجبهة البوليساريو وعلى رأسها الرئيس إبراهيم غالي تحاول تكثيف الأداء الديبلوماسي للقضية في إطار التحرك على أكثر من محور، مؤكدا أن ملف القضية الصحراوية عرف في السنوات الأخيرة حراكا جادا وصريحا لتكون سنة 2017 سنة التقدم نحو الأمام.
و يرى ميزاب أنه على التقارير الأممية أن تخرج من الخطابات الكلاسيكية وعدم الخضوع إلى المناورات وأن تتوجه نحو تحديد النقاط العملية الحقيقية، مؤكدا أن أهم شيء الآن هو التعجيل بإعادة فتح الحوار وبعث مسار المفاوضات من جديد في إطار حق تقرير المصير ، مضيفا أن التقارير الأممية يجب أن تشمل ملف حقوق الإنسان باعتباره ملفا رئيسيا وأساسيا، إذا ما فتح هذا الملف، سيكون فيه نوع من الانتعاش على الاقل في إطار رفع المعنويات بالنسبة للداخل الصحراوي، هناك متغيرات قد تساهم إيجابا في دفع هذا الملف إلى الأمام.