#من_ربوع_بلادي_ المدينة المبنية على صخرة الغرانيت

قسنطينة.. عاصمة الفنون، العلوم والتراث الأصيل

قسنطينة.. عاصمة الفنون، العلوم والتراث الأصيل

تتميز بمنظرها الفريد الذي يستحيل أن يوجد مثله عبر العالم في أي مدينة ولها من الأسماء والألقاب الكثير… لكن يبقى أشهرها والأكثر تداولا بين الناس، مدينة الجسور المعلقة، مدينة العلم والعلماء، مدينة الجمال والبهاء، عش النسر، مدينة الأحلام والخيال، فبمجرد أن تطأ قدماك هاته المدينة، تحس وكأنك في عالم آخر غير عالم هذا اليوم.

مدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري، ومن كبريات مدن الجزائر سواء من حيث المساحة أو تعداد السكان، تتميز المدينة القديمة بكونها مبنية على صخرة الغرانيت القاسي، مما أعطاها منظرا فريدا يستحيل أن يوجد مثله عبر العالم في أي مدينة أخرى، أما بخصوص العبور من ضفة إلى أخرى، فقد شُيَدت عبر العصور عدة جسور، فأصبحت قسنطينة تضم أكثر من 8 جسور بعضها تحطم لانعدام الترميم، وبعضها مازال يصارع الزمن،

ولهذا سميت قسنطينة بمدينة الجسور المعلقة، يمر وادي الرمال على مدينة قسنطينة القديمة وتعلوه الجسور على ارتفاعات تفوق 200 متر.

تقبع المدينة النائمة على صخور سيرتا العتيقة، أطلق عليها القدامى اسم المدينة السعيدة لأنهم يعرفون ثراء أهلها وجودهم، فالفقير من المدن المجاورة كان يقصدها لينعم بكرم سكانها قبل أن تؤول إلى ما آلت إليه في السنوات الأخيرة، هذه اللؤلؤة التي كانت مدينة الأفراح والأحزان معا، مدينة لطالما عرفت بعاداتها وتقاليدها مما جعلها زمرة الأصالة والتأصل وذلك بفضل طبيعتها المحافظة، وهي مدينة ليست كغيرها من المدن وما يميزها أكثر موقعها المدهش كونها مبنية على صخرة من الكلس القاسي… هي قسنطينة مدينة الأنوثة الصارخة، مدينة تنفرد أصالة وتاريخا و شعبا سميحا ودود الجيرة، أطلق على المدينة اسم مدينة الجسور المعلقة وهي مدينة عاشت منذ الأزل أساطير وقصصا لازالت تتداولها الأجيال ويترنم بها الأدباء، هي مسقط رأس ماسينيسا وابن باديس ومالك بن نبي، وهي المدينة التي مات في عشقها مالك حداد وهوتها أحلام مستغانمي.

سيرتا العتيدة… من ماسينيسا إلى زيغود يوسف

قسنطينة، أو كما كانت تسمى سيرتا مسقط رأس ماسينيسا وعاصمته التي جعلها درعا قويا عرفت منذ آلاف السنين قبل الميلاد استقرار البشر فيها واختيرت كعاصمة للمملكة النوميدية لأنها تتربع على كتلة صخرية يحيط بها أخدود الوادي العميق ما رفع حصانتها وشموخها، وزيادة على ذلك فهي تزخر بوفرة المياه والأراضي الصالحة للزراعة، وبحكم موقعها الإستراتيجي كانت المقر الهادئ للفينيقيين خاصة في حكم ماسينيسا، هذا الأخير اهتم بها وطوّرها في كل المجالات وجعلها أول عاصمة في شمال إفريقيا. وقد عاشت هذه المدينة اضطرابات وصراعات بدءا بموت ماسينيسا إلى يوغرطة الذي اختارها كمنطلق لحربه ضد الرومان لتأتي مرحلة العهد الروماني وتتمرد شوارع هذه المدينة الحزينة على الرومان، ما دفعهم إلى تدمير منشآتها وتخريب عمرانها ليعيد الإمبراطور الروماني قسطنطين ترميمها ويعيد لها مكانتها كعاصمة لإقليم الشرق. أطلق عليها قسطنطين اسمه ليضيف إليها المسلمون “تاء” التأنيث بعد الفتوحات الإسلامية، عاصمة ماسينيسا أصبحت تعرف بمدينة قسنطينة، العروس التي صارعت الزمن وتداولت عليها تغيرات حضارية من الجاهلية إلى المسيحية فالإسلام، كما أنها استقبلت الجالية اليهودية عند نزوحها إليها بسبب الاضطهاد النصراني الإسباني في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، ليأتي في الأخير العهد العثماني الذي كانت فيه ثاني مدينة بعد الجزائر العاصمة. اختيرت قسنطينة لتكون عاصمة بايلك الشرق ودخول الأتراك جعل منها حدثا تاريخيا ومعلما ثقافيا وحصنا متينا يسقط على يد الفرنسيين وتدخل مرحلة الاستعمار من جديد، حيث تفرغ لها هذا الأخير ليكسر ذلك الدرع القوي بعد معركتين داميتين قادهما أحمد باي، ولكن صلابة أهلها وحبهم لها بقي على حاله فناضل رجالها ونساؤها في سبيلها وفي سبيل إذابة حديد المستعمر. هذه المدينة الفاضلة التي خرج من رحمها رجال أبطال أمثال زيغود يوسف؛ الرجل الذي اشتهر بعنفوانه وحبه للوطن استمده من خطابات العلامة عبد الحميد بن باديس. وقد كان قائد هجمات العشرين من أوت الشهيرة والتي عرفت بهجمات الشمال القسنطيني التي أعادت زرع نارا وهاجة في الثورة التحريرية كي لا تنطفئ…إنه العقيد، ابن قسنطينة يسقط بعدها شهيدا في سبيل الحرية.

تيديس…. مدينة الأقداس

تقع، على بعد 30 كلم إلى الشمال الغربي من قسنطينة وتختفي في جبل مهجور، كانت لها قديما أسماء عديدة مثل: “قسنطينة العتيقة”، “رأس الدار” كما سميت أيضا “مدينة الأقداس” نظراً لكثرة الكهوف التي كان الأهالي يتعبدون بها، ويبدو أن اسمها الحالي “تيديس” هو إسم محلي نوميدي، أما الرومان فأعطوها اسم castelli respublica tidditanorum، ومعنى “كاستيلي” هو المكان المحصن، ومعنى “روسبيبليكا” أي التمتع بتنظيمات بلدية، وقد كان دور هذه المدينة هو القيام بوظيفة القلعة المتقدمة لحماية المدينة من الهجمات الأجنبية.

ولا تزال آثار الحضارات التي تعاقبت على “تيديس” شاهدة إلى اليوم بدءا بعصور التاريخ، فالحضارة البونيقية، الحضارة الرومانية ، الحضارة البيزنطية إلى الحضارة الإسلامية ، ويتجلى عصر ما قبل التاريخ في مجموعة من القبور تسمى “دولمن” ومعناها “المناضد الصخرية”، وكذا مقبرة قديمة تقع على منحدر الجانب الشمالي وتجمع عدداً من المباني الأثرية الدائرية المتأثرة بطريقة الدفن الجماعي والتي تسمى “بازناس” وتدل النصب والشواهد الموجودة على العصر البونيقي، فيما يتجلى الطابع الروماني في المناهج المتعلقة بنظام تخطيط المدن. وخلاصة القول إن الزائر لتيديس يسمع صدى الإنسان في تحولاته، إنها باختصار المكان المثالي لقراءة تاريخ هذه المنطقة وتأمل تفاصيلها الغنية.

باب سيرتا هو معلم أثري يوجد بمركز سوق بومزو ويرجح أنه كان معبدا، ويعود تاريخ اكتشافه إلى شهر جوان من عام 1935، وحسب بعض الدراسات فإن هذا المعبد قد بني حوالي سنة 363م.

الأقواس الرومانية

توجد بالطريق المؤدي لشعاب الرصاص، وكان الماء المتدفق بهذه الأقواس يمر من منبع بومرزوف ومن الفسقية (جبل غريون) إلى الخزانات والصهاريج الموجودة في كدية عاتي بالمدينة، وهذا المعلم هو من شواهد الحضارة الرومانية.

حمامات القيصر

ما زالت أثارها قائمة إلى اليوم، وتوجد في المنحدر بوادي الرمال، وتقع في الجهة المقابلة لمحطة القطار، غير أن الفيضانات قد أتلفتها عام 1957، وقد كانت هذه الحمامات الرومانية تستقطب العائلات والأسر، للاستحمام بمياهها الدافئة والاستمتاع بالمناظر المحيطة بها، خاصة في فصل الربيع.

إقامة صالح باي

هي منتجع للراحة، يقع على بعد 8 كلم شمال غرب قسنطينة، وقد كان من قبل منزلا ريفيا خاصا، قام صالح باي ببنائه لأسرته في القرن 18، لينتصب بناية أنيقة وسط الحدائق الغناء التي كانت تزين المنحدر حتى وادي الرمال، وتتوفر الإقامة على قبة قديمة هي محجّ تقصده النساء لممارسة بعض الطقوس التقريبية التي تعرف باسم “النشرة”.

قصر أحمد الباي

وسط هذا القصر، صدحت الموسيقى بأعذب الألحان، ورشت الأركان والزوايا بالعطور، وأفرشت المقصورات بالزرابي، هناك تعانقت الأرواح بهمس الرباب، والعيدان، كلهم مروا من هنا، أعيان، أمراء، فتيان، جواري، بايات، إلخ. يعد قصر الباي إحدى التحف المعمارية الهامة بقسنطينة وتعود فكرة إنشائه إلى “أحمد باي” الذي تأثر أثناء زيارته للبقاع المقدسة بفن العمارة الإسلامية وأراد أن يترجم افتتانه بهذا المعمار ببناء قصر، وبالفعل انطلقت الأشغال سنة 1827 لتنتهي سنة 1835، يمتد هذا القصر على مساحة 5600م مربع، يمتاز باتساعه ودقة تنظيمه وتوزيع أجنحته التي تشير إلى عبقرية في المعمار والذوق معا، تعرض طيلة تاريخه إلى عدة محاولات تغيير وتعديل، خاصة أثناء المرحلة الاستعمارية حيث حاولت الإدارة الفرنسية إضفاء الطابع الأوروبي على القصر بطمس معالم الزخرفة الإسلامية و القشاني (سيراميك)، أما الطراز المعماري للقصر فقد حور كثيراً عن أصله الإسلامي بعد الاحتلال الفرنسي للمدينة وأصبح عبارة عن خليط من المهندسات المعمارية، ومع ذلك فإن الهوية الأصلية للقصر ظلت هي السائدة والمهيمنة على كل أجزائه وفضاءاته الرائعة، وإن الزائر له سيستمتع بنقوشه وزخرفته وتلوينات مواده التي تحيل إلى مرجعية معمارية ضاربة في الأصالة والقدم.

المدينة القديمة

تضفي المدينة القديمة بدروبها الضيقة وخصوصية بناياتها طابعا مميزاً، وتجتهد ببيوتها المسقوفة وهندستها المعمارية الإسلامية في الصمود مدة أطول، ملمحة إلى حضارة وطابع معماري يرفض الزوال. وتعتبر المدينة القديمة إرثا معنوياً وجمالياً يشكل ذاكرة المدينة بكل مكوناتها الثقافية والاجتماعية والحضارية، وقد عرفت قسنطينة كغيرها من المدن والعواصم الإسلامية الأسواق المتخصصة، فكل سوق خص بتجارة أو حرفة معينة، وما زالت أسواق المدينة تحتفظ بهذه التسميات مثل: الجزارين، الحدادين، سوق الغزل، وغيرها. هذا إلى جانب المساحات التي تحوط بها المنازل والتي تسمى الرحبة، أما الأسواق الخاصة بكل حي من أحياء المدينة، فإنها كانت تسمى السويقة، وهي السوق الصغير، وما يزال حيا للمدينة القديمة إلى اليوم يسمى “السويقة”.

أبواب سيرتا وجسورها معالم على مر الأزمان

لعل الكثيرين يميزون قسنطينة بجسورها الثمانية العملاقة التي عرفها الجميع من خلال ما يحكى على جمالها وعلوها ومعانقتها السماء إلا أنهم نسوا أن قسنطينة كانت كالقلعة، محصنة بسور تتخلله أبواب عدة تغلق في المساء حفاظا على أمن أهلها وسلامتهم. من بين هذه الأبواب، باب الحنانشة، باب القنطرة، باب الجابية، باب الواد، باب الجديد وباب الرواح كلها كانت مشيدة قبل أن تختفي بالتدريج بسبب تدميرها من طرف الاستعمار الفرنسي، إلا أن جسورها لا تزال تأسر بجمالها كل زائر. من هذه الجسور جسر سيدي مسيد، جسر سيدي راشد، جسر الشيطان وقنطرة الشلالات وبصفة خاصة جسر ملاح سليمان أو كما يعرف بقنطرة السنسور وهي مخصصة للراجلين وحدهم إذا ما نزل بها الواحد منا سيثيره ذلك المنظر الرائع والهواء الذي يداعب الحواس قبل الأجساد. يتأثر الزائر ما أن يدخل قسنطينة بروعتها وبهائها وفي نفس الوقت خوفا من كهوفها العجيبة وارتفاعها المبهر ومعالمها المدهشة، إلا أن بعض الجسور تم إهمالها ومنها من تحطم لانعدام الترميم وانعدام الاهتمام، لكنها وبالرغم من كل شيء لا تزال قسنطينة الحسناء النائمة على الصخرة العتيقة لم تفقد سحرها المثير على مر الأزمان.

نصب الأموات

يعود بناؤه إلى سنة 1934 وقد شيد تخليدا لموتى فرنسا الذين سقطوا في الحرب العالمية الأولى، ومن سطحه يستطيع الزائر أن يمتع ناظريه ببانوراما عجيبة لمدينة قسنطينة، أقيم عليه تمثال النصر الذي يبدو كطائر خرافي يتأهب للتحليق. ومن خصوصيات هذا النصب أنه يقع تماماً في منتصف المسافة بين الجزائر العاصمة وتونس، ويوجد قبالته تمثال “مريم العذراء” والمسمى “سيدة السلام”.

 

قسنطينة… مدينة الهوى والهواء

يطلق الشعراء على قسنطينة اسم مدينة “الهوى والهواء” وهذا نظرا للطافة جوها، ورقة طباع أهلها، وانتشار البساتين والأشجار في كل أرجائها، وبذلك تتوفر المدينة على عدة حدائق عمومية تعمل على تلطيف الجو داخلها، ولعل أهم هذه الحدائق والتي ما زالت تحافظ على رونقها وجمالها، حديقة بن ناصر أو كما يطلق عليها “جنان الأغنياء” وتتوسط شارع باب الواد، وبحي سيدي مبروك توجد حديقتان إحداهما تقع بالمنطقة العليا والأخرى تقع بالمنطقة السفلى، كما توجد حديقة بحي المنظر الجميل تحمل اسم “فرفي عبد الحميد” وتجدر الإشارة إلى أن قصر “أحمد باي” يتوفر على حديقة رائعة الجمال، تذكر بعض الروايات أن الباي نفسه كان يشرف عليها، ومن بين حدائق قسنطينة التي كتب عنها بعض المؤرخين والرحالة “حديقة قسوم محمد” (التي تدعى سكورا قامبيطة) الكائنة خلف شارع بلوزداد، التي ما فتئت تستقطب الكثير من الناس لجمالها وكثافة أشجارها ويوجد بها تمثال للنحات “لوست”، وتحت جسر باب القنطرة توجد حديقة رائعة الجمال، ونظرا لموقعها في المنحدر، فهي تفتن الأنظار من بعيد.

الرحبات والأسواق

تعتبر الرحبة ذلك المكان الواسع الذي يستعمل لأغراض تجارية، حيث تباع فيها مختلف السلع والبضائع كالملابس، الأقمشة وغيرها. عرفت قسنطينة قديما عدة رحبات منها ما يزال قائما حتى اليوم ومنها ما تحول إلى مبانٍ وطرقات كـ “رحبة الزرع” التي كانت تتوسط المدينة وتقام فيها عدة نشاطات تجارية كبيع الحبوب، التمور والزيوت، ومن الرحبات المعروفة في قسنطينة قديما نذكر “رحبة الشبرليين”، “سوق الخرازين”، “سوق العطارين”، “سوق الصاغة”، و”سوق الصباغين” وغيرها… وحاليا لا تزال بعض الرحبات موجودة مثل “رحبة الصوف” التي تحولت اليوم إلى سوق لبيع الخضر والفواكه والأواني وبعض الأغراض المنزلية، أما “رحبة الجمال” التي يذكر المؤرخون أنها كانت مبركا للقوافل التي تأتي من مختلف الأنحاء محملة بالبضائع، فقد أصبحت اليوم سوقاً لبيع الملابس ومكاناً مفضلاً للمطاعم الشعبية الشهية بوجباتها، وهناك “سوق العصر” الذي كان قبلا يسمى “سوق الجمعة” ويشتهر بتنوع خضره وفواكهه وباللحوم والأقمشة وعادة ما تكون أسعار هذا السوق معتدلة مقارنة مع بقية الأسواق.

ومن أهم أسواق المدينة أيضا في الوقت الحالي سوق بومزو، حيث يعد من أهم الأسواق ويعود تاريخ بنائه إلى عهد الوجود الفرنسي، يقع بمحاذاة ساحة أول نوفمبر ويعرف يوميا حركة نشيطة وسوق بن بطو الذي يعتبر من أقدم الأسواق، ونظرا لموقعه المتميز بشارع بلوزداد وجودة السلع والبضائع التي يعرضها، فهو يستقطب الكثير من ربات البيوت.

 

المدينة الخجولة تروي حكاية أهلها وعبق فنها

ما أن تزورها حتى تحس أنك بين أهلك وذويك، يطربك فنها الراقي وتدهشك عادات سكانها وأصالتهم ويبهرك حسن نسائها ولباسهن الرائع قبل أن تدخل عليه العصرنة. فقد كانت المرأة القسنطينية ترتدي الملاءة حزنا على أحمد باي وكانت تعيش القسنطينية كالأميرة وسط عائلتها وأحبابها، فلطالما عرفت بجمالها وسحرها الفريد من نوعه. من أبرز ما كانت ترتديه الفتاة آنذاك الشاشية المرصعة بالذهب لتغطية شعرها، و“الشبرلة” وهو نوع من الأحذية مصنوع من قماش الفيلالي وهو باهض الثمن والرديف وهو حلي تضعه المرأة في رجليها، والأهم من كل هذا قندورة القطيفة؛ وبدورها لا تزال موروثا عتيقا تتوارثه بنات قسنطينة منذ القديم… هي قسنطينة تروي لنا حكايتها ويتغنى بها الشعراء والفنانون والأدباء…قسنطينة الجمال والحب.

قد تندهش لكل هذا الحديث عن قسنطينة ومع ذلك فما هو إلا القليل في وصف هذه المعشوقة التي مات في حبها مالك حداد في صمت. مالك ابن هذه المدينة التي يرى أن لا شبيه لسمائها ولا شبيه لقسنطينة تحت الشمس، هي تلك الخجولة التي تغلق أبوابها ليلا كما لو أنك في بلاد العجائب. مدينة العطور العذبة أحبها كاتب ياسين وهوتها أحلام مستغانمي وقال فيها عميد المالوف محمد الطاهر الفرقاني ما لم يقله فنان في وطن بجوقه الرنان. في قعدات قسنطينة ستذهل من ثراء فنها: المالوف، العيساوة، البنوتات، الفقيرات والوصفان، كل هذا ولن تجد كلمات لوصف سخاء سيرتا.

لمياء بن دعاس