تتميز “قهوة الجزوة” بمذاق ونكهة مميزين، يستحيل أن توجد في غيرها، فخصوصية “قهوة الجزوة” لا تقتصر فقط على مذاقها، بل تتعداه إلى الأجواء التي تخلقها بإضفائها عبق خاص في جلساتها.
يحرص سكان مدينة شلغوم العيد على تناول “قهوة الجزوة” خلال السهرات الرمضانية، ويعتبرونها تقليدا يستحيل أن ينقطعوا عنه طيلة أيام الشهر الفضيل.
مقهى تقليدي يستقطب عشاق قهوة الجزوة
يتوسط مدينة شلغوم العيد مقهى خاص بتحضير قهوة الجزوة بالطريقة التقليدية، ويعرف هذا المقهى توافدا معتبرا للزبائن من عشاق هذه القهوة التقليدية الذين ما إن يتناولوا إفطارهم حتى يتوجهوا نحوه لتناول فنجان قهوة يُعدل مزاجهم، خاصة وأن صاحب المقهى السيد الطيب بن منصور، يحرص على تحضيرها بالطريقة التقليدية التي تضفي النكهة المطلوبة لدى الكثير من الأشخاص الذين لا يتلذذون إلا بشرب فنجان قهوة من هذا النوع.
البساطة.. سر سحرها
قال صاحب مقهى “قهوة الجزوة” الذي قضى عقودا من الزمن في إعدادها وتقديمها، إن المذاق الخاص للقهوة الذي يجده الزبائن لديهم هو نتيجة للطريقة البسيطة التي يعتمدونها في تحضير القهوة على عكس باقي المقاهي العصرية، حيث تنطلق عملية تحضير قهوة الجزوة بداية من اختيار نوعية البن الذي لا يسحق تماما فيكون في شكل حبيبات كبيرة نوعا ما ثم يتم غلي الماء لوحده على الفحم بعدها يوضع الماء المغلي مع البن في إناء نحاسي الذي يُعرف بـ “الجزوة” مع قليل من السكر ليعاد غلي جميع هذه المكونات مع بعضها قبل تقديمها للزبون الذي يُفضل المذاق الذي يوجد في قهوة الجزوة لتميزه عن القهوة التي تحضر عن طريق الآلة.
ورغم انتشار مقاهي عصرية بديكورات فاخرة تقدم إلى جانب القهوة مختلف المشروبات الأخرى، تبقى مكانة مقهى الجزوة محفوظة لدى العديد من هواة هذا النوع من القهوة التي تُعد إرثا عائليا بدأ منذ افتتاح المقهى سنة 1945، وحول هذا يقول جلال ابن صاحب المقهى “هذه المهنة إرث عائلي سأعمل كما عمل أبي على صونه وحفظه وتوريثه ليبقى تحضير قهوة الجزوة مستمرا بالطريقة التقليدية، والتي تضفي عليها إلى جانب المذاق، خصوصية مستوحاة من بساطة المكان، الذي ظل محافظا على صورة المقاهي الشعبية البسيطة التي يلتقي بها الجميع من مختلف أطياف المجتمع لتقاسم نكهة القهوة التي يبحثون عنها”.
لتعديل المزاج والحفاظ على المعدة
ومن جانب رواد المقهى، يقول السيد عبد العالي وهو منتخب محلي سابق ببلدية شلغوم العيد، “القهوة المقدمة هنا لها مذاق خاص يعدل المزاج ولا يمكن الاستغناء عنها خصوصا بعد يوم شاق من الصيام”، مشيرا إلى أنها “لا تتسبب له في مشاكل بالمعدة كما هو الحال بالنسبة للقهوة المحضرة بطريقة عصرية”.
ميزة المدينة وجزء من تراثها
اعتياد شرب “قهوة الجزوة” لا يقتصر على الزبائن فقط، بل تعداه إلى صاحب المقهى أيضا الذي يحرص يوميا على ارتشاف قهوة الجزوة دون غيرها لأن ما يجده بهذا المكان لا يجده في غيره من الأماكن، خاصة وأن مقهى الجزوة يعد ميزة مدينة شلغوم العيد وجزءا من تراثها الذي لا يزال مستمرا إلى غاية اليوم.
مكان للالتقاء والتعارف
يقول رواد المقهى وزواره إن مقهى “قهوة الجزوة” مكان “التقاء وتعارف”، حيث نشأت بين هواة قهوة الجزوة علاقات صداقة استمرت طويلا، فأثمر التقاء الزبائن عن صداقات ومعاملات عديدة كانت وليدة هذا المكان الذي يحتوي الكثير من عبق تراثنا القديم، وأصالة موروثنا.
ق. م