قوارب المغفرة

قوارب المغفرة

جاء في الحديث الصحيح عند الترمذي في سننه عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله: “يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عَنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا، لأتيتك بقرابها مغفرة”. هذا حديث عظيم يُلقي على النفوس ظلالَ الطمأنينة والسكينة، ويكسو القلوب ألبسة الإجلال والبهجة، ويغرس فيها دوحات الإعظام والمحبة لربنا الكريم سبحانه وتعالى. كما أنه يفتح للمسلم أبواب الأمل والتفاؤل، ويغلق عنه منافذ اليأس والقنوط، ويرشده إلى الطريق القويم. لقد تجلّت في هذا الحديث صفاتٌ من صفات الله تعالى البالغةِ في الحسن الغاية، وفي الكمال النهاية.

– ففيه بيان صفة علم الله تعالى؛ فهو جل وعلا العالم العليم العلاّم الذي أحاط بكل شيء علمًا، فلا يغيب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، يعلم ما كان وما يكون لو كان كيف يكون، ويعلم الأشياء دقيقها وجليلها، وظاهرها وخفيها، قال تعالى: ” عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ” سبأ: 3.

– وفي الحديث بيان صفة رحمة الله تعالى التي لولاها لهلكَ عبادُه أجمعون، فهو الرحيم الرحمن الذي وسعت رحمته كلَّ شيء، فبها خلَقهم، وبها رزقهم، وبها أرسل إليهم الرسل، وأنزل عليهم الكتب، وبها أسبلَ عليهم النعم، ودفع عنهم النقم.

– وفي الحديث الكريم بيان صفة حلم الله تعالى، الذي يحلم على عباده المذنبين عن قدرة وكرم، لا عن ضعف وعجز، فلم يعاجلهم بالعقوبة، بل أمهلهم؛ لعلهم أن يتوبوا ويرجعوا عن غيهم، قال تعالى ” وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا ” فاطر: 45.

– وفي الحديث: بيان صفة مغفرة الله ذنوبَ عباده، فهو عز وتعالى الغافر الغفور الغفار، يغفر ذنوب المذبين، ويستر على عباده العاصين؛ ولذلك يخبرهم بهذه الصفة العظيمة فيقول ” نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ” الحجر: 49.

موقع إسلام أون لاين