كانت تلبس مئزرا ورديا وتحمل محفظتها وهي متجهة إلى المدرسة لطلب العلم، كانت مبتسمة وهي تفكر في معلمتها ماذا ستقول لها عندما ترى واجباتها كلها محضرة، فجأة وفي لمح البصر وجدت نفسها داخل سيارة
وفمها مغموم بيد شخص مجهول، حاولت الصراخ فلم تستطع، فسمعت صوتا يخاطبها أن اصمتي وكفاك صراخا وإلا قتلتك، فخافت البنت وخبأت صرختها داخل جوفها الصغير، لكنها ما لبثت أن أمطرت عليهما أسئلة غزيرة، وبدأت من أنتما؟ وإلى أين نحن ذاهبون؟!، وما كادت أن تفرغ من أسئلتها حتى توقفت السيارة فجأة، وإذا بيد خشنة تمسك بالصغيرة بعنف، لتخرجها من جوف السيارة عنوة وتسوقها إلى داخل كوخ مهجور، رماها أحدهما أرضا وقال الآخر وهو يسترسل في ضحكاته المزعجة بصوته الخشن: ها قد وصل اليوم الذي كنت أحلم به بعد طول انتظار.
“أمعنت المنظر في وجه غريمها …وصرخت: رأيتك من قبل”، فما لبث أن هجم عليها كالوحش المفترس بلا شفقة ولا ضمير ولا حتى قتيل من الرحمة، وهي تصرخ تحت أغلال قبضته لا حول لها ولا قوة: اتركني لا تفعل هذا دعني… لا تمزق ملابسي اتركني وشأني دعني اذهب إلى حالي، فأتى صوت الآخر بنبرة ساخرة: سنذهب وستذهبين ولكنك ستغادرين هذه المغارة قطعا قطعا يا صغيرتي، فأمسك السكين وعيناه تقطر شررا وهو يتقدم إليها، وإذا بصوت يتهادى إلى أسماعهم كالقدر المُستَجِل: ارميا ما بيدكما واستسلما المرات ارتجف الاثنان وبدا صوتهما متقطعا: لقد كشف أمرنا…. هيا لنهرب بسرعة، ولكن عبثا يحاولان الهرب فالمكان كان مطوقا من كل الجهات برجال الشرطة والأمن، فما كان في مقدورهما إلا أن يرفعا أيديهما عاليا كإشارة للاستسلام، لتلتقطهما رجال الشرطة وتكبلهما بالأغلال، إعلانا على نهاية يوم بائس ومخيف كالكابوس المرعب، لتعود البنت إلى حضن أمها الملاذ الدافئ، لكن بعد أن تنامى الخوف في نفوس سكان المدينة من هذه الأحداث المؤلمة التي تتكرر في السنة الواحدة مئات المرات.