كنتم خير أمة أخرجت للناس

كنتم خير أمة أخرجت للناس

 

قال الله تعالى في كتابه العظيم: ” كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ” آل عمران: 110. يقول ابن تيميَّة رحمه الله: “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أنزل الله به كتبه، وأرسل به رسله من الدين؛ فإن رسالة الله إما إخبار، وإما إنشاء، فالإخبار عن نفسه وعن خلقه، مثل: التوحيد والقصص الذي يندرج فيه الوعد والوعيد، والإنشاء: الأمر والنهي والإباحة، وقوله تعالى في صفة نبينا صلَّى الله عليه وسلَّم: ” يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ” الأعراف : 157، وفي حديث حذيفة رضي الله عنه الموقوف عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: “الإسلام ثمانية أسهم، وفيه الأمر بالمعروف سهم، والنهي عن المنكر سهم، وقد خاب من لا سهم له” ” ابن رجب.

إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو سفينة المجتمع التي تحميه من الغرق، وتأخذ بيده إلى شاطئ النجاة، ولا صلاح ولا فلاح لأمة الإسلام، إلا إذا تمسكت بهذه الشعيرة العظيمة؛ يقول الله تعالى: ” وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ” آل عمران: 104، وروى البخاري في صحيحه عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: “مثل القائم في حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فصار بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء، مرُّوا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا، ولم نؤذِ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا، هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم، نجوا ونجوا جميعًا”.

فضرب النبي صلَّى الله عليه وسلَّم هذا المثل؛ ليبيِّن عِظَم مسؤولية القائمين بهذا الركن العظيم، وأنهم إن قاموا بمسؤوليتهم، حافظوا على سفينة المجتمع من الغرق، وعلى أنفسهم وإخوانهم من الهلاك الذي لا يكاد ينجو منه أحد. ويقول صلَّى الله عليه وسلَّم: “والذي نفسي بيده، لتأمُرُنَّ بالمعـروف، ولتنهونَّ عن المنكر، أو ليوشكنَّ الله أن يبعث عليكم عقابًا منه، ثم تدعون فلا يُستجاب لكم” رواه الترمذي.