-
البيروقراطية هي أكبر مشكلة تعرقل المشاريع الاقتصادية وتضع العراقيل أمام المستثمرين المحليين والدوليين
-
أدعو إلى تبني استراتيجيات اقتصادية جديدة لتنويع مصادر الدخل بعيدا عن الاعتماد على النفط
-
رفض المعارضة لمخططات الحكومة هو حق دستوري ويعكس غياب المشاركة الفعالة في صنع القرارات
-
دعم الجزائر ثابت لفلسطين ونحضر لمشروع تجريم التطبيع بكل أشكاله
-
من سوريا إلى الصحراء الغربية.. الجزائر تؤكد على موقفها الثابت في دعم حقوق العرب والأفارقة في مختلف المحافل الدولية
لدى نزوله ضيفا على منتدى جريدة الموعد اليومي، قدم النائب البرلماني عز الدين زحوف، رؤية شاملة ومعمقة حول القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها الجزائر وتناول مجموعة من النقاط الجوهرية التي تخص الوضع الراهن في الجزائر، متطرقا إلى مجموعة من المشاكل الهيكلية التي تعيق تقدم البلاد في مجالات حيوية مثل الاستيراد، التصنيع المحلي، وتنمية الاقتصاد، وقد لخص مداخلته في جملة من الانتقادات التي وجهها، مؤكدا على ضرورة اتخاذ قرارات شجاعة وعملية لتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي في الجزائر.
موقف حركة مجتمع السلم.. من المعارضة إلى رفض المخطط والميزانية الحكومية
افتتح زحوف حديثه بالحديث عن دور حركة مجتمع السلم ككتلة نيابية معارضة في البرلمان، مؤكدا أن هذا الدور هو حق دستوري مكفول وفقا لدستور الفاتح من نوفمبر 2020، الذي يضمن حرية المعارضة وتعدد الآراء داخل المؤسسة التشريعية. وشدد على أنه من الطبيعي في النظام الديمقراطي أن تصوت المعارضة ضد مشاريع القوانين والمخططات الحكومية التي لا تتماشى مع رؤيتها أو لا تتضمن مساهمتها في إقرار الحلول المناسبة للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية. “إذا كانت الحكومة لا تشركنا في إعداد مخطط عملها أو في مشاورات حقيقية حوله، فلا يمكننا منطقيا أن نصوت لصالحه أو نوافق على الميزانية التي تصرف لتنفيذه”، يقول زحوف، مؤكدا على أهمية الشفافية والمشاركة الفعالة في صياغة السياسات الاقتصادية. وأضاف أن تصويتهم ضد الميزانية في السنوات السابقة كان ناتجا عن دراسة دقيقة ومراجعة شاملة للمقترحات الاقتصادية، متسائلا عن مدى واقعية هذه المشاريع ومدى تأثيرها على المواطن البسيط.
أزمة استيراد وتصنيع السيارات.. غياب الرؤية الاستراتيجية في ظل السياسات العشوائية
تناول زحوف ملف السيارات في الجزائر، باعتباره أحد أكثر الملفات الحساسة التي تعكس تعثر السياسات الحكومية. وركز في حديثه على معضلة استيراد السيارات، مشيرا إلى أن الجزائر منذ عام 2016 لم تتمكن من تحقيق استيراد فعلي للسيارات بالرغم من المحاولات المتكررة والحلول المعلنة في الخطط الاقتصادية. وفي الوقت الذي تتخذ فيه قرارات مثل السماح باستيراد سيارات أقل من ثلاث سنوات، تبقى هذه القرارات دون تنفيذ فعلي.
الاستيراد بين التأخيرات والمشاكل التنفيذية
وقال زحوف “منذ صدور قانون المالية لعام 2020، حتى اليوم، لم يتحقق شيء ملموس في قطاع السيارات. الأسعار في السوق المحلية، أصبحت غير منطقية، حيث تُباع السيارات المستعملة بأسعار تفوق قيمتها الأصلية”، مشيرا إلى أن هذه الوضعية لا تؤثر فقط على القدرة الشرائية للمواطنين بل أيضا على ثقة الشعب في قدرة المسؤولين على الوفاء بتعهداتهم.
التصنيع المحلي.. الإخفاقات والخطط غير المكتملة
كما تطرق زحوف إلى قضية التصنيع المحلي للسيارات، منتقدا العجز في تنفيذ المشاريع الصناعية المتعلقة بهذا القطاع. وقال ذات المتحدث، إن الحديث عن تصنيع السيارات محليا دون تأمين الأرضية المناسبة من حيث البنية التحتية والتقنيات المتقدمة واليد العاملة المدربة هو أمر غير منطقي. وأضاف أن التصنيع المحلي لا يمكن أن ينجح دون استيراد بعض المكونات الأساسية في البداية، ثم الانتقال إلى التركيب المحلي وصولا إلى تصنيع بعض الأجزاء محليا مع تزايد نسبة الإدماج المحلي. “التصنيع المحلي يتطلب مراحل متكاملة، تبدأ من استيراد مكونات أساسية ثم التركيب، ثم تصنيع أجزاء محليًا. لكن مع غياب رؤية حكومية واضحة، تبقى هذه الخطوات حبرا على ورق”، يقول زحوف.
مشكلة البيروقراطية والإجراءات الإدارية.. تعقيد الوضع للمستثمرين
وشدد زحوف، على أن أحد أكبر العوائق التي تواجه المستثمرين في الجزائر هو البيروقراطية المفرطة. وأكد أن البيروقراطية تعيق المشاريع الاقتصادية الكبيرة والصغيرة على حد سواء، حيث يصعب على الشركات المحلية أو الأجنبية الحصول على التراخيص اللازمة أو التصاريح لبدء مشاريعهم بسبب تأخر الإجراءات وغياب التنسيق بين الوزارات المعنية. وذكر أيضا معاناة الوكلاء الذين حصلوا على اعتمادات لاستيراد السيارات منذ بداية عام 2024، إلا أن العديد من العقبات ما تزال تحول دون تنفيذ هذه المشاريع، مثل التأخير في الحصص أو عدم وجود دفاتر شروط واضحة. وقال المتحدث، من غير المقبول أن تجد المستثمرين في الجزائر يواجهون هذا الكم من التعقيدات البيروقراطية التي لا تساهم إلا في إعاقة النمو الاقتصادي وتدمير فرص العمل، مطالبا بتغييرات جذرية في المنظومة الإدارية.
الاقتصاد الجزائري.. التحديات المرتبطة بالاعتماد على النفط والاحتياطات المالية
أشار زحوف إلى أن الاقتصاد الجزائري، يعاني بشكل كبير من اعتماده شبه الكامل على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات المالية. وهذا يجعل الجزائر عرضة لتقلبات أسعار النفط في الأسواق العالمية. وحذر زحوف من أن هذا الاعتماد يضع الاقتصاد في وضع هش، خصوصا في ظل عدم استقرار أسواق النفط العالمي أو في حال حدوث أي تغييرات سياسية دولية تؤثر على تجارة النفط. ودعا ضيف الموعد، إلى ضرورة تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط، من خلال استثمار الموارد في قطاعات أخرى مثل الصناعة التكنولوجيا والزراعة. كما شدد قائلا “الاقتصاد الجزائري يحتاج إلى استراتيجية شاملة للتنويع، ويجب أن نتوقف عن الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للإيرادات”.
من أجل إصلاحات اقتصادية شاملة يجب اتخاذ قرارات جريئة..
ووضع زحوف، عدة مطالب واضحة للإصلاحات الاقتصادية، حيث اعتبر أن الجزائر بحاجة إلى سياسة اقتصادية شاملة، تهدف إلى دعم المواطن مباشرة من خلال تحسين ظروفه المعيشية، مثل دعم الخدمات الأساسية، توفير فرص العمل، وتحسين القدرة الشرائية. وأشار إلى أن هذه الإصلاحات تتطلب قرارات جريئة، تشمل تقليل البيروقراطية، تخفيض الضرائب على الشركات الصغيرة والمتوسطة، ودعم قطاع ريادة الأعمال، مضيفا أن “القطاع الخاص في الجزائر يحتاج إلى بيئة مناسبة ليزدهر، لا يمكننا انتظار تحسن الاقتصاد إذا استمرت الإجراءات المعقدة والمستمرة التي تعيق أي فرصة للنمو”.
دعوة للإصلاح الشامل.. ضرورة الاستماع للمجتمع ومشاركة جميع الأطراف
هذا ودعا زحوف، الحكومة، إلى تبني نهج إصلاحي شامل يتضمن الاستماع إلى جميع الأطراف المعنية، من أحزاب سياسية، منظمات مدنية، ومواطنين، لضمان تحقيق هذه التحولات الاقتصادية والاجتماعية. وأكد أنه لتحقيق التنمية المستدامة يجب أن تكون هناك رؤية استراتيجية بعيدة المدى مع التركيز على محاربة الفساد و تعزيز الشفافية وتشجيع المستثمرين الحقيقيين في القطاعات الاقتصادية المختلفة، قائلا أنه “من أجل تحقيق هذه التحولات، يجب أن يكون لدينا رؤية واضحة وشجاعة سياسية، حيث لا يمكن للجزائر أن تحقق تقدما حقيقيا دون تغييرات جذرية في النظام الإداري والاقتصادي”.
موقف الجزائر من القضية الفلسطينية والأحداث الدولية.. دعم فلسطين هو التزام مستمر ومتجذر
أشار زحوف إلى أن القضية الفلسطينية تعد من القضايا المحورية بالنسبة للجزائر إذ ترتبط بعمق مع هويتها السياسية والدينية والثقافية. الجزائر لا تعتبر دعمها لفلسطين مجرد موقف عابر بل هو التزام مستمر ومتجذر يعود إلى بداية عهد الرئيس هواري بومدين وتصريحه الشهير “مع فلسطين ظالمة أو مظلومة” الذي يلخص هذه العلاقة العميقة والمستمرة، إذ يرى الجزائريون أن القضية الفلسطينية هي قضية إنسانية وأخلاقية في المقام الأول. أما بالنسبة للسياسة الخارجية، فالجزائر تتبنى موقفا ثابتا تجاه الكيان الصهيوني، حيث ترفض جميع محاولات التطبيع معه. في هذا السياق، أعلن الرئيس تبون موقفا حازما وواضحا عندما قال “لن نطبع ولن نهرول نحو التطبيع”. وهذا يشير إلى موقف الجزائر الرافض للكيان الصهيوني على المستوى الرسمي والشعبي وتعتبر أن أي تطبيع مع إسرائيل يتعارض مع مبادئها الأساسية في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية.
جهود المجتمع المدني..
بالإضافة إلى الدعم السياسي والدبلوماسي، يسهم المجتمع المدني الجزائري في دعم القضية الفلسطينية من خلال المبادرات الإنسانية. الجمعيات مثل الهلال الأحمر الجزائري، جمعية البركة، وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين تعمل على إرسال مساعدات إنسانية إلى غزة وتقديم الدعم في شكل قوافل غذائية وطبية، مما يعكس التزام الشعب الجزائري بالقضية الفلسطينية.
الدعم السياسي والدبلوماسي على الساحة الدولية..
وأشار المتحدث، أن الجوائر تواصل تقديم الدعم للقضية الفلسطينية في الأمم المتحدة والمحافل الدولية الأخرى كمجلس الأمن الدولي من خلال مشاريع القرارات والمقترحات التي تهدف إلى تعزيز حقوق الفلسطينيين وإظهار الجرائم الإسرائيلية ضدهم، حيث تعتبر الجزائر هذا الدعم، جزءا من مسؤوليتها السياسية والأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني. وقال زحوف، إن الشعبين الفلسطيني والجزائري تربطهما روابط عميقة وتاريخية، حيث يعكس العديد من الجزائريين والفلسطينيين هذه الروابط من خلال الزيجات والتعاون المشترك على مر العصور. كما أن العلاقة بين البلدين تتعدى البعد السياسي إلى روابط إنسانية وثقافية تساهم في تعزيز التضامن بين الشعبين.
الحضور التاريخي..
وقال زحوف في هذا الشأن، إن الجزائر قدمت العديد من التضحيات في سبيل فلسطين على مر العصور، وعلى سبيل المثال، التضحيات التي قدمها الجزائريون في فترة الحروب الصليبية، وخاصة في زمن صلاح الدين الأيوبي، والتي تذكر دائما في التاريخ العربي والإسلامي، كمثال على الأخوة والتضامن بين الشعوب العربية.
موقف الجزائر بعد 7 أكتوبر 2023.. التصعيد في غزة يشبه “هجومات الشمال القسنطيني”
وقال ضيف المنتدى إن الجزائر اعتبرت ما حدث بعد 7 أكتوبر 2023، بمثابة زخم جديد للقضية الفلسطينية، حيث أن الحادثة أعادت إلى الأذهان روح المقاومة الجزائرية خلال الثورة التحريرية، إذ تم التشبيه بين ما أحداث 7 أكتوبر بـ”هجومات الشمال القسنطيني” الذي كان نقطة فارقة في تاريخ الجزائر. وقال ذات المتحدث أن الجزائر ترى بأن هذا التصعيد هو بداية مرحلة جديدة، وأكدت أن دعمها لفلسطين لا يهدف إلى مكاسب سياسية أو مادية، بل هو نابع من التزام إنساني وأخلاقي.
التزام الجزائر بالقضية الفلسطينية..
كما قال زحوف أن الجزائر تجدد التزامها الثابت بالقضية الفلسطينية، وتدعو إلى استمرار الضغط الدولي على إسرائيل لوقف جرائمها ضد الشعب الفلسطيني. حيث تعتبر الجزائر أن القضية الفلسطينية يجب أن تبقى على رأس الأولويات الدولية وأن الضغط الدولي المستمر هو السبيل لتحقيق العدالة.
مواقف الجزائر من القضايا العربية والدولية..
وأشار زحوف إلى أن الجزائر ترى أن قضية الصحراء الغربية، يجب أن تعامل بنفس أهمية قضية فلسطين، حيث أن الجزائر تربط بين القضيتين في إطار كفاحهما ضد الاستعمار والاحتلال. الجزائر تدعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، وتعتبر أن قضية الصحراء الغربية، مثل قضية فلسطين، هي قضية مناهضة للاستعمار والاحتلال الاستيطاني.
نسعى إلى إصدار قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني..
من جانبه أشار النائب إلى أن مشروعا يتم التحضير له على مستوى البرلمان يخص تجريم التعامل مع “الكيان الصهيوني” في جميع المجالات من السياسة إلى الرياضة إلى الثقافة وصولا إلى الاقتصاد. ويتماشى هذا الموقف، يضيف المتحدث، مع السياسة الجزائرية الثابتة في دعم حقوق الفلسطينيين ورفض أي شكل من أشكال التطبيع مع إسرائيل.
الموقف من الأحداث المتسارعة في سوريا..
يرى زحوف، أن الجزائر تتبنى موقفا متوازنا وثابتا بشأن الأحداث في سوريا، حيث تواصل دعم الحلول السلمية والتوافق الوطني كحل أساسي. كما أن الجزائر ترفض التدخلات الأجنبية في الشؤون السورية، وتؤكد على أهمية احترام وحدة سوريا الترابية واستقلالها، وترى أن الحوار الوطني هو السبيل الوحيد لحل الأزمة السورية وأن التدخلات الأجنبية لا تؤدي إلا لمزيد من تعميق الأزمة.
التعاون العربي والإفريقي.. الجزائر تركز على تعزيز التعاون مع دول القارة الإفريقية والعالم العربي
وعلى الرغم من العقبات التي تواجه الاتحاد المغاربي، أشار زحوف إلى أن الجزائر تواصل التمسك بفكرة الوحدة المغاربية وتعزز علاقاتها مع الدول العربية والإفريقية، حيث تؤمن أن هذه العلاقات هي عمقها الاستراتيجي وأن الجزائر لا تقتصر جهودها على القضايا السياسية والإقليمية فحسب، بل تسعى أيضا إلى تحسين وضعها الاقتصادي والاجتماعي وتأمل في أن تكون نموذجا للتعايش السلمي والازدهار في العالم العربي والإسلامي مما يساهم في استقرار المنطقة.
محمد بوسلامة / إيمان عبروس / زهير حطاب