فيما قررت انقرة وتل ابيب اعادة بعث العلاقات بينهما عبر بوابة “اتفاق للمصالحة” ، رأى خبراء فلسطينيون أن تنازل تركيا عن شرطها رفع الحصار عن قطاع غزة، لإنجاز اتفاق تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، أمر متوقع، وأن خيبة الأمل هي من نصيب من كان يراهن رهانا في غير محله على أنقرة في هذا المجال.
ووفق لعدة مصادر، فإن أنقرة وتل أبيب توصلا لاتفاق من ثماني نقاط لتطبيع العلاقات بين الجانبين، من بينها تنازل تركيا عن شرط رفع حصار غزة، مقابل السماح لها بإدخال معدات ومساعدات إنسانية عن طريق ميناء أشدود بعد الخضوع للفحص الأمني الإسرائيلي، إلى جانب السماح بإقامة محطة كهرباء ومحطة تحلية للمياه بغزة.وكانت أنقرة تعلن أن رفع الحصار، والاعتذار والتعويض هي شروطها الثلاثة لتطبيع العلاقة مع إسرائيل، بعد تأزمها الرسمي منذ هجوم البحرية الإسرائيلية على سفينة مرمرة في مايو 2010، التي كانت في طريقها إلى غزة لمحاولة كسر الحصار؛ ما أدى في حينه إلى مقتل 10 أتراك وإصابة 50 آخرين.وينص الاتفاق إلى جانب عدم رفع الحصار، على عودة العلاقات الطبيعية بين البلدين بما فيها إعادة السفراء، زيارات ودية، وعدم عمل أي طرف ضد الآخر في المؤسسات الدولية، فيما من المقرر أن تدفع إسرائيل 21 مليون دولار لجمعية إنسانية تركية لتسليم التعويضات لعائلات الضحايا من سفينة مرمرة وللجرحى أيضا.كما ينص الاتفاق على أن تلغي تركيا الدعوى المرفوعة في المحكمة في إسطنبول ضد جنود جيش الاحتلال وضباطه، كما تلتزم تركيا بأن لا تعمل حماس ضد إسرائيل من أراضيها، مقابل التنازل عن الطلب من تركيا إبعاد قيادة حماس عن الأراضي التركية، مع عدم السماح للقيادي صالح العاروري المسؤول عن خطف المستوطنين الثلاثة بالتواجد على الأراضي التركية.ويتفق الخبراء في عدم وجود رهان حقيقي على تركيا لرفع حصار غزة في أوساط الفلسطينيين، الى جانب خيبة الأمل كبيرة في أوساط حركة “حماس” التي كانت تعول على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حتى أنها وضعت لافتات كبيرة بمغزى أكبر عنه وأن القدس تنتظر الرجال.ورأى الخبراء أن عودة العلاقات يأتي وفق جملة مصالح أملاها سوء العلاقات التركية الروسية، والأحداث في سوريا، إلى جانب اكتشاف الغاز في البحر المتوسط وتطلع تركيا أن تكون شريكة في الاستفادة منه.وينص الاتفاق على أن تبدأ أنقرة وتل أبيب مفاوضات لمد خط عاز من آبار الغاز في فلسطين المحتلة، وتركيا مهتمة لشراء غاز إسرائيلي وبيعه في أوروبا.وكان قد عقد امس الأحد، في العاصمة الإيطالية روما، لقاء بين نائب وزير الخارجية التركي، فريدون سينيرلولو أوغلو، وبين رئيس طاقم المفاوضات الإسرائيلي، يوسيف تشاخنوبر ونائب مستشار الأمن القومي لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، يعقوف نيجل.وأوضحت مصادر إسرائيلية مختلفة، أن اللقاء كان حاسماً، وتم التوصل فيه بشكل نهائي إلى مسودة الاتفاق، وإعدادها لمصادقة حكومتي البلدين عليها. ووفقا لما نشرته صحيفة “هآرتس”، فإن التقدم في المفاوضات بين الطرفين جاء في الأسابيع الأخيرة، بعد أن قام رئيس الموساد الإسرائيلي، يوسي كوهين، بزيارة سرية لتركيا، قبل نحو أسبوعين، لبحث شروط إسرائيل في كل ما يتعلق بنشاط حركة “حماس” في تركيا.وأضافت الصحيفة، أن الاتفاق المتبلور بين تركيا وإسرائيل، ينص على دفع إسرائيل تعويضات بمبلغ 20 مليون دولار لعائلات ضحايا السفينة مرمرة، الذين سقطوا بنيران البحرية الإسرائيلية عند اعتراض السفينة في ماي 2010، واستشهاد 11 متطوعا تركيا كانوا على متنها.إلى ذلك، فقد تم الاتفاق بين الطرفين، على إبقاء مقارّ لحركة “حماس”، ولكن بشرط أن تحصر الحركة نشاطها في المجال السياسي بدون أي نشاط عسكري. وكانت إسرائيل طالبت بداية بإغلاق مقار الحركة وترحيل عناصرها، خاصة القيادي صالح العاروري، بادعاء أنه أسس قاعدة عسكرية للحركة، نظمت عدة عمليات ضد إسرائيل في الضفة الغربية.في المقابل، تعهدت إسرائيل بالسماح لتركيا بتنفيذ مشاريع تنمية في قطاع غزة، بما في ذلك إنشاء منشآت لتحلية مياه البحر، ومحطة لتوليد الكهرباء، ومستشفى، ونقل المساعدات والبضائع إلى قطاع غزة عبر ميناء أسدود.وكان قد زار وفد من قيادة حركة “حماس” برئاسة خالد مشعل وعدد من أعضاء المكتب السياسي للحركة خلال اليومين الماضيين، تركيا.وأكدت حركة حماس فى بيان صحفى، أن وفد الحركة أكد للمسئولين الأتراك على مطالب الشعب الفلسطينى وخاصة رفع الحصار وتمنى أن تنجح تركيا بهذا الشأن.وفى وقت سابق هذا الشهر قال وزير الخارجية التركى مولود تشاووش أوغلو إن تركيا على بعد اجتماع أو اجتماعين من تطبيع العلاقات مع إسرائيل.وقال تشاووش أوغلو إن بلاده ستواصل الاجتماع مع حماس فى إطار جهودها من أجل تحقيق سلام دائم فى المنطقة مضيفا أن الاجتماعات ليست عقبة أمام تطبيع العلاقات مع إسرائيل.