نافذة على التاريخ وشهداء في الذاكرة

مؤتمر باندونغ، تمهيد لتدويل القضية الجزائرية

مؤتمر باندونغ، تمهيد لتدويل القضية الجزائرية

عرف مؤتمر باندونغ الذي انعقد في 18-24 أفريل 1955 في أندونيسيا مشاركة 29 بلدا آسيويا وإفريقيا وقرابة 600 منتدب، حيث ساهم هذا المؤتمر في تسريع مسار تصفية الاستعمار وبروز مجموعة جديدة من البلدان تشكل “العالم الثالث” وبالتنديد بالنظام الاستعماري اللاإنساني الذي كان لا يزال سائدا في بعض مناطق العالم.

ويعد هذا الموعد الذي يكتسي أهمية تاريخية بالغة بالنسبة للجزائر، بداية لمشاركة ممثلي جبهة التحرير الوطني في المحافل الدولية لإسماع صوت الشعب الجزائري وتمكينه من استرجاع سيادته.

فبالفعل وبعد مرور سنة من اندلاع ثورة التحرير الوطني المجيدة في الفاتح نوفمبر 1954 قرر مسؤولو الثورة القيام، إضافة إلى الكفاح المسلح، بنشاط دبلوماسي بدافع المطالبة مرة أخرى بالاستقلال و”جعل القضية الجزائرية واقعا للعالم الثالث بدعم من جميع حلفائنا الطبيعيين”، حسب ما كتبه آنذاك الأعضاء المؤسسون لجبهة التحرير الوطني.

وباشرت الدبلوماسية الجزائرية مرحلة حاسمة من تاريخها من خلال مؤتمر باندونغ الذي يعتبر أول تجمع إفريقي-آسيوي أثبت خلاله مناضلو القضية الوطنية قدرتهم على الدفاع عنها وحنكتهم الدبلوماسية والسياسية في حشد وسائل اعلام مختلفة.

وقد شاركت الجزائر التي كانت آنذاك في حرب تحريرية، بصفتها ملاحظة بوفد قاده حسين آيت أحمد وامحمد يزيد وسعد دحلب والطيب بولحروف وغيرهم تمكنوا من إدراج القضية الجزائرية في النقاش، ساند خلاله رجال دولة على غرار الرئيس الأندونيسي السابق سوكارنو أو رئيس الوزراء الهندي سابقا جواهر لال نهرو الأطروحة الوطنية.

وقد رافع القادة الأفارقة والآسيويون الذين شاركوا في لقاء باندونغ خلال سبعة أيام من النقاش من أجل عدد من المبادئ، من بينها احترام حقوق الانسان والسيادة والسلامة الترابية لجميع الأمم والمساواة بين جميع الأعراق وبين جميع الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان والامتناع عن أعمال أو تهديدات بالاعتداء أو استخدام القوة ضد السلامة الترابية أو الاستقلال السياسي لبلد ما، ومن أجل تسوية النزاعات الدولية بوسائل سلمية.

من جهة أخرى، شكل مؤتمر باندونغ تمهيدا لإدراج القضية الجزائرية في جدول أعمال الدورة العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة في 30 سبتمبر 1955.