“المحروسة”.. الشمعة التي تذوب …لكنها أبدا لن تنطفئ
“القصبة”..محروسة الجزائر وشمعتها ..حاوية أسرار الثورة والشاهدة على تاريخها.. تغنى بها الشعراء وافتتن بها عشاق الأصالة من كافة البقاع، جعلت من الشاعر العربي يعترف برغبته في البكاء والاعتذار من حي
القصبة بأزقته الضيقة وسلالمه الحجرية ومنازله الخشبية، التي تختبئ البطولات فيها كما يختبئ الكحل في العين السوداء.
خطاب “الترميمات “..الاسم المرادف للمناسبة
تحتفل الجزائر، هذا الخميس، باليوم الوطني للقصبة، الذي يصادف الـ23 فيفري من كل عام. القصبة التي صارت اسما مرادفا لخطابات الترميم التي صرنا نسمعها بدل المرة ألف، وبالكاد نتحدّث عنها من الناحية الثقافية والتراثية وتاريخية، كونها حاضرة جمعت ولا تزال تجمع مواقف جزائرية من تاشفين إلى أبناء القصبة الذين منحوا الحرية.. فبين أزقة القصبة وممراتها الضيقة كتب تاريخ الجزائر بطولات رجالها ونسائها.
من القبائل البربرية إلى العثمانيين
تمتد مدينة القصبة أو “المحروسة “كما يحلو للعاصميين تسميتها، على مساحة قدرها 105 هكتار، ويؤكد المؤرخون أن تاريخ نشأة المدينة يعود إلى القبائل البربرية التي استوطنت الجزائر منذ أزيد من 30 قرنا مضت، حيث شهدت المدينة إنشاء مركز تجاري قرطاجيّ منذ القرن الرابع قبل الميلاد، كما للمدينة دور بدأ في البروز بعد ظهور الفينيقيين الذين أقاموا تبادلات تجارية مع سكان المدينة وشيّدوا عليها منشآت بحريّة عدّة في القرن السادس قبل الميلاد وأعادوا بناءها، أما في الوقت الحالي فهي تعد جزءا من مدينة الجزائر التي بناها العثمانيون في القرن 16 على يد الأخوين خير الدين وبابا عروج بربروس، ولأنّ السلطان كان له مقرّ فيها بنيت على أنّها قاعدة عسكرية مهمّتها الدّفاع عن الجزائر.
قصور القصبة العتيقة تصارع الزمن للبقاء
مصطلح “القصبة” في معناه العاصمي يعني “وسط المدينة” فالمتمعن في خارطة القصبة يدرك فعلا أنها قد بنيت في موقع، وسط المدينة العاصمة، كما أن لشوارعها تسمية يطلقها العاصميون عليها وهو اسم يندرج ضمن اللهجة العامية تعرف بـ “الزنقة “.
موقع استيراتيجي، أشكال هندسية تجمع فيها كل الفنون المعمارية ومعالم رغم مرضها لاتزال تصارع في صمت، هذه العناصر وأخرى بقيت شاهدة على ذاكرة الأمة وتاريخ الشعب الجزائري.
تتزين القصبة بعديد القصور والمساجد العتيقة التي ما تزال لغاية يومنا هذا تستقبل المصلين بها والزوار في حين تحولت بعض القصور إلى متاحف تروي عشرات القصص، حيث أن بناء تلك التحف المعمارية اقترن مع فترة التواجد العثماني بالجزائر حيث شهدت “مزغنة” في تلك الحقبة نموا اقتصاديا واجتماعيا هاما، ولعل الزائر للمدينة العتيقة القصبة، يلاحظ أنها تصارع البقاء وتتشبث اليوم قبل الغد بجذورها، لعلها تقاوم الزمن والطبيعة للحفاظ على تواجدها، حيث أن من يعرف الأحياء العتيقة للقصبة يدرك حقيقة أنها موطن للذكريات وللتاريخ كونها تضمّ بقايا قلعة ومساجد قديمة وقصور عثمانية، بالإضافة إلى بنية حضرية تقليدية تتميّز بروح العيش مع الجماعة ومنها “قصر مصطفى باشا” و”قصر دار الصوف” و”قصر دار القادس” وقصر “سيدي عبد الرحمن” و”دار عزيزة بنت السلطان” و”قصر ريّاس البحر” و”قصر خداوج لعميا”، كما بُني فيها مساجد كثيرة، منها “الجامع الكبير” و”الجامع الجديد” و”جامع كتشاوة” و”جامع بتشين” و”جامع السفير” و”جامع السلطان”. كما أن للقصور الشامخة المترابطة وسط أزقتها الجميلة حكاية وحكاية مع القصبة التي تقول أغلب الروايات إن عددها تقلص بسبب غدر أيدي المستعمر، الذي حاول طمس معالم الأمة عبر هدم قصورها، في وقت تعتبر الكوارث التي حلت بالجزائر في الفترة الأخيرة من فيضانات وزلازل أهم داء ينخر جسدها المقاوم، في ظل تقاعس السلطات لإيجاد مخرج سريع لها قبل فوات الأوان، وبالتالي انهيار أهم معلم اندلعت منه شرارة الثورة بقيادة الشهيد علي لابوانت الذي دوخ المستعمر لا سيما بالأزقة التي تسمى “زنقة الشيطان” لصعوبة إيجاد مخرج لها.
حمام “بوشلاغم” ..مقصد جميع عرائس القصبة
يتواجد حمام “بوشلاغم ” في القصبة السفلى والذي يُعد من أقدم الحمامات التاريخية، وعلى بعد أمتار من ضريح الولي الصالح سيدي عبد الرحمن الثعالبي، وتحديدا جنب ملحقة بلدية القصبة، لايزال شامخا وصامدا أمام التحولات التي مست الناحية.
ويقول مالكه ومسيره عبد الرحمن ميراوي إنه في البداية كان يعتلي الحمام بيت العائلة القديم مثل بيوت القصبة المعروفة، قبل أن يتم تدمير البيت من قبل المستعمر لتشييد عمارة، كما أن الحمام كان يحتوي الرخام القديم، لكن بعد أن تولى تسييره قام باستبدال الرخام الأصلي برخام حديث بسبب جهله بالجانب التاريخي، مثل الرخام الذي يحتوي رمز “القرنفلة” المعروفة لدى سكان بني مزغنة، ويعتزم مالكه إعادة ترميم الحمام بمواد بناء أصلية استعملت في زمن تأسيسه، استنادا إلى نصائح المؤرخين والباحثين في التراث، كما أصبح مهتما بالحرفيين الجزائريين الذين يصنعون الزليج الأصلي، لأنه أصبح يصنع محليا، ورغم أنه باهظ الثمن لكن سيعتمد عليه إلى جانب البلاط الذي يجب أن يعيد أصالته، فعملية الترميم ستحترم الهندسة الأصلية للحمام بعد أن مسه تغيير، مثل إزالة مكان وضع “القباقب”، في حين أن “بيت السخون” لايزال بنفس الشكل الأصلي.
وكانت العائلات “القصباجية”، تحرص على عدة طقوس لدى زيارتها للحمام الذي كان يقصده المسلمون واليهود، ومع ذلك كانا يجسدان التقاليد نفسها في هذا الجانب، مشيرا إلى أن الحمام يحتوي “بيت ليهود”، وكان يحتوي حوضا خاصا بالعروس، لأن اليهود كانوا يضعون عروسهم داخل الحوض ويرمون فيه الورود وماء الزهر، ويوزعون حلويات “الكعيكعات”، أما العروس المسلمة فلها بيت خاص بها في الحمام. وبحسب ما ترويه كبيرات السن فإنه عندما تخرج العروس اليهودية من الحمام تدخل الفتيات العازبات في الحوض الذي يحتوي المياه التي اغتسلت فيها، وذلك كفأل خير لقدوم عريس لهن.
ويُلاحظ أنه طرأ تغيير على المدخل الرئيسي الأصلي للحمام لأن هذا الأخير ليس نفسه المدخل الحالي، ورغم ذلك فهو يبعد الطريق الرئيسي، وهو سبب لجوء النسوة إليه.
الحمامات التاريخية بمدينة الجزائر.. شعلة سياحية
رغم ما طرأ من تغيير على المدينة العتيقة بسبب الاستعمار الفرنسي، لأن البنايات التي أسسها على مرمى حجر من القصبة، إلا أنها الفضاء الذي لا يغفل عنه السياح الأجانب لما تحتويه من خصوصية ثقافية واجتماعية. ويقول مسير الحمام أنه وبعد ترميمه سيظل شعلة سياحية خاصة وأن السياح الأجانب يأتون للحمام بغية التعرف عليه من ناحية هندسته المعمارية وتاريخه، خاصة أن الحمام كان يقصده شخصيات مميزة، وهو ما يؤكده الحمام الذي ورثه عن والده الذي دوّن فيه أهم من اعتمد خدمات الحمام مثل أيقونة الطرب الشعبي الحاج العنقا، والممثل السينمائي الفرنسي “روجي آلان” الذي جاء عدة مرات، وكذلك “روبرت كاستال”، وغيرهم من مغني وعازفي الغناء الشعبي العاصمي.
أغلب الحمامات العتيقة زالت بسبب توسيع الأزقة من طرف الاستعمار الفرنسي
عرف سكان مدينة الجزائر حمامات قبل مجيء الأندلسيين، لكنها لم تكن بنفس الهندسة التي عرفت في الفترة العثمانية، وكان هناك عدد كبير من الحمامات بالمدينة العتيقة، حيث كانت هناك حمامات خاصة بالنساء وأخرى خاصة بالرجال وغيرها خاص بالعروس كذلك، وكان الحجز يتم 15 يوما قبل أن تزف العروس إلى بيتها، وتحتوي الحمامات 9 غرف، مثل حمام “سيدنا” نسبة لمصطفى باشا، والموجود بشارع مشري حاليا، فذلك الحمام – يضيف بن مدور – خاص بالعرائس، وتحديدا خاص بالداي، وعند ملاحظة بنايات الجزائر الأولى لم تكن تحتوي حمامات، وفي القرن 17 م بدأت بوادر ظهورها داخل القصور، كما أن بعضا من الرياس وضباط الجيش الانكشاري ومسؤولي المدينة كانوا يذهبون للحمامات الخاصة بهم.
يحتوي حمام العروس على 7 غرف، حيث نجد قاعة الانتظار، قاعة اللباس التي يتم فيها تغيير الملابس، ثم “بيت السخون” الذي يكون جنبه صندوق الدفع، ويضيف المتحدث أن العملية كانت منظمة، لأن الأمتعة أو”الرزمة” كانت مرقمّة وتوضع في مرتفع دائري متحرك ضمانا لها من السرقة. كما أن الحمام يحتوي غرفة صغيرة توضع فيها مجوهرات العروس والأشياء الثمينة فقط. وأشار الباحث إلى أنه بعد الخروج من “البيت السخون” يتم التوجه إلى “البيت البارد”، وهو عبارة عن مساحة تتواجد بها أفرشة لأخذ قسط من الراحة مع لبس “الفوطة”، ثم يتم التوجه بعدها إلى “بيت الغسيل” للغسل مرة ثانية.
وللتذكير فإن العروس لها غرفة خاصة بها حتى لا تختلط بآخرين وتكون في كامل راحتها رفقة عائلتها. كما تتواجد غرفة خاصة بأهل العروس فقط وأهلها، والميزة التي يختلف فيها ذهاب العريس إلى الحمام عن العروس هو اصطحابه بـ”الزرنة”، وزمن ذهابه إلى الحلاق.. ليتوقف هذا الإعلان التقليدي إلى غاية دخوله المنزل. لكن “الزرنة” لم تكن مصاحبة للعروس حتى تكون في جو محتشم.
وأكد محمد بن مدور أن التجار “الدزيريين” هم الذين كانوا يملكون ويسيرون الحمامات في فترة بني مزغنة، علما أن اليهود هم من أسسها، وهم من كان يشرف على الحمامات في الفترة العثمانية، والذين كانوا مستقرين بكثرة ناحية “باب عزون”، وبعدها انتقلت هذه الحمامات لملكية “لقبايل” أي المنحدرين من منطقة القبائل بعد شرائهم لها.
ويعتبر حمام “بوشلاغم” الذي تأسس في القرن 17م من أقدم حمامات المدينة العتيقة، والذي يشرف عليه شخص همه الحفاظ على هذه القطعة التاريخية، خاصة أن أغلب الحمامات زالت بسبب عمليات توسيع الأزقة التي قام بها الاحتلال الفرنسي لتشييد بنايات بطابع أوربي والتي قام فيها بهدم 6000 سكن. أما الحمامات المتبقية فشيدت فوقها عمارات مثل حمام “بوشلاغم”، وحمام “الحوتة” الموجود بشارع عرباجي عبد الرحمن.
أبناء القصبة يرثون ويبكون جوهرتهم
اقتربنا من عمي “ناصر” واحد من أبناء القصبة القدامى، رجل في عقده الخامس والذي حدثنا بحرقة كبيرة عن الحي المحزون والذي قال عنه “يظهر لكم حي القصبة من خلال شارع حميدوش جميل ونظيف…إلا أن القصبة المدينة ليست شارع حميدوش، تغير وجه القصبة الذي كان منيرا بالأمس، فقصبة الأمس غير قصبة اليوم، رحل أولادها الحقيقيون وأخذوا معهم كل جميل وأصيل كان بالحي العتيق”
لم يتوقف عمي “ناصر”بالحديث إلينا عند هذا الحد، بل راح يسرد على مسامعنا ما رأته عينه وهو صغير وما سمعه من أبيه، فالقصبة كما جاء على لسان عمي”ناصر” تحتضن تاريخا طويلا ساهم في إثرائه عديد الحضارات التي مرت على المدينة بما في ذلك فترة المستعمر الغاشم، فهي معقل ومخبأ المجاهدين وملهم الفن والفنانين ولا يدري عمي ناصر نفسه ، لمَ تترك السلطات جوهرة العاصمة تعاني في صمت وتصارع الوهن.
عمي “الحاج” شيخ ناهز عقده السابع، من نبرة صوته العاصمية، تعرف أنه ابن القصبة أبا عن جد، لم يستطع الحاج أن لا يدخل كلامه في كلام عمي “ناصر” ليضيف على قوله أن فرنسا حين استعمرت الجزائر حاولت أن تخفي وجه القصبة المشرق عن الزائرين للعاصمة أيامها وذلك من خلال تشييدها لبنايات عالية لاتزال إلى اليوم، ومن واجهة جامع “كتشاوة” المعروف بـ “جامع النصارى” الذي يعتبر باب القصبة، ليضيف “الحاج” فرنسا خرجت بفضل الشجعان غير أن عقلية فرنسا لاتزال عالقة عند بعض الأشخاص الذين لا يحبون أن تبقى القصبة قائمة، مؤكدا على أن القصبة ستبقى شوكة في عين كل من يريد قتلها.
تركنا عمي “الحاج” وغير بعيد عن المكان الذي التقينا به فيه، أخذنا عمي”ناصر” إلى السيد خالد محيوت، واحد من الحرفيين، المختصين في نجارة الحطب، والذي استقبلنا بحفاوة كبيرة.
أسطح منازل القصبة تؤكد حقيقتها
لم يكن الحديث إلى خالد محيوت، متركزا على الصنعة وحسب بل أيضا على الحال التي آلت إليها القصبة اليوم، وبهذا الشأن لم يكثر “محيوت ” الحديث معنا، بل صعد بنا إلى سطح منزله
و أرانا “يا لمشبح من برة واش حالك من الداخل؟”
تفاجأنا بمظهر القصبة التي قضت على وجهها المنازل القصديرية المتداخلة فيما بينها وكذلك حال تلك المنازل التي يسيل منها الماء والحفر الموجودة في أرضيتها والتي توقفت الأشغال بها لأسباب لاتزال مجهولة إلى الآن…
لما حاولنا أن نستفسر عن الأمر قال عمي خالد، هم سكان أتوا من كل فج وحدب رغم اختلاف أسبابهم غير أنهم اشتركوا في كونهم شوهوا صورة القصبة المحروسة التي مازالت واقفة ببركة “سيدي عبد الرحمان الثعالبي ” الرجل الصالح.
تركنا القصبة وكلنا أسف وحسرة على الحال التي وصلت اإليها، وكما ألقى الشاب سفيان على مسامعنا أبياتا شعرية افتتحنا بها ختم على مسامعنا بمقولة أحسسنا أنها لخصت وتلخص الوضعية المزرية التي تئن فيها القصبة ” القصبة…شمعتها طفات والدمعة عليها قوات” .
600 عمارة آيلة للسقوط وأشغال الترميم متواصلة
ساهمت السنوات والقرون التي ولت على القصبة منذ إنشائها، بالإضافة إلى عبث العامل البشري الذي أهمل بشكل كبير جانب الترميم والعناية بها، وكذا العوامل الطبيعية على غرار الهزات الأرضية والأمطار في تحويل القصبة في الفترة الأخيرة إلى منطقة مهددة بالزوال والاندثار، حيث تشير الأرقام إلى أن ما يقارب 600 عمارة ذات الطراز العربي الأندلسي مهددة بالانهيار في حين أن بعض تلك البنايات تحاول أن تصمد أمام أهوال الطبيعة والزمن بانتظار أشغال إعادة الترميم التي أُعلن عنها، لكن مرت سنوات دون أن تنجز أو تكتمل، ويرجع المختصون السبب في ذلك إلى غياب رؤية واضحة وعدم توفر التنسيق بين مختلف القطاعات التي تؤول إليها مهمة تهيئتها، وهو ما بات يهدّد صلابة النسيج العمراني ويمكن أن ترى معالم التقهقر ليس في أزقّتها المملوءة بواجهات المنازل المتهاوية فحسب، بل أيضاً في البنية الأساسية الفيزيائية والاجتماعية التي بدورها تتداعى داخل المدينة.
ترميمات السكان العشوائية تزيد الوضع سوءا
وما أثر سلبا على أوضاع البيوت المزرية وجعلها تتهاوى تلك الترميمات العشوائية التي يقوم بها يوميا سكان القصبة لحماية مساكنهم من انهيارات محتملة، غير أن الكوارث الطبيعية والعوامل البشرية جعلت منها مدينة للموت المحتّم على قاطنيها، بعد تصدّعها وتآكلها وتساقط أجزاء منها، بسبب الإهمال الذي طالها والذي لم يتم التحكم فيه بعدما خرج الوضع عن سيطرة مسؤولي ولاية الجزائر، ما جعل قاطنيها الأصليين في تساؤل دائم حول وضعهم، غير أن ما يعاب عليهم هو عدم قدرتهم على مراعاة أساسيات الترميم، خاصة فيما يتعلق بالطابع الجمالي وهو ما شوه الجانب العمراني المعماري لعديد البيوت وطمس اللمسة التراثية لها.
باباسي: “لابد من أن توكل مهمة الترميم ليد مؤهلة”
أكد بلقاسم باباسي رئيس مؤسسة القصبة، في حديث سابق أن عملية ترميم القصبة تتم ببطء، وما يؤكده هو بقاء الأمور على حالها خاصة في ظل عدم الالتزام بالمقاييس الفنية في ترميم الدويرات، حيث أوكلت مهمة الترميم إلى حرفيين غير مؤهلين لهذه العملية، الذين يغادرون الورشات فور الحصول على مستحقاتهم، حتى وإن لم تنته المهمة بشكل كامل، فعلى الرغم من العدد الهائل من المؤسسات ومكاتب الدراسات التي تعمل في هذا المشروع، حيث وصل إلى 142 مؤسسة و22 مكتب دراسات متواجدة في الميدان، مع ذلك، لم يتم تجسيد مخططات الترميم على أرض الواقع، كما أشار المتحدث إلى أنه العمليات الموجهة للترميم، تبقى كلها غير كافية كونها لم تضع حدا للمشاكل العديدة التي يعرفها السكان والمتمثلة أساسا في مشاكل الملكية ومشكل تراكم النفايات، وانقطاعات التيار الكهربائي ، بالإضافة إلى انعدام التهيئة العمرانية وقلة فرص النشاط الحرفي، إذ بقيت اللامبالاة سيدة الموقف، ما عدا بعض محاولات المسؤولين المحليين من رئيس البلدية والوالي المنتدب ووالي العاصمة وكذا مسؤولين من وزارة الثقافة، في حين أن القصبة ما تزال تئن تحت وطأة الإهمال الذي طالها لسنوات عديدة، ويضيف باباسي أن هذا الأمر قد فتح الباب على مصراعيه أمام بعض اللصوص والمنحرفين الذين قاموا بنهب التراث وبيعه بالقطعة في كل مكان، إثر الترميمات التي يقوم بها الخواص لدويرات المواطنين.