هذا ما اخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبى طالب عندما أعطاه الراية يوم خيبر ،
فقال علي : علام أقاتل الناس ، نقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ؟
فقال : ” على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام ، واخبرهم بما يجب عليهم ، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حُمُر النعم “
الشرح
1/ إن في ذلك استنقاذاً لهذا المهتدى من النار ، وصيانة له من سعيرها ولظاها ، وما صُرف عنه من النار إنما كان بعد فضل الله بجهد الداعية وعنايته ،
2/ إن كل حركة وسكنة تحركها المهتدي ، وكل تسبيحة أو تكبيرة ينطقها ، وكل ركعة وسجدة يفعلها ، وكل إحسان يجريه الله على يديه ، فإنما كان الداعية سبب في ذلك وطريقه الدال عليه ، وإن له مثل أجر فاعله لقول النبي صلى الله عليه وسلم ” الدال على الخير كفاعله ” وهذا باب من الأجر لا يُغلق ، وهو يتنامى يوما بعد يوم ، وإن جُهْد أبي بكر الصديق ، وبلال ، وعمار ، وخديجة ، وأسماء ، وغيرهم وغيرهن ، إنما هو أساس في إقبال كل إنسان على الله تعالى إلى قيام الساعة ، وإن جهد المصطفى صلى الله عليه وسلم هو مبدأ كل جهد طيب بذله مسلم أو يبذله ، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم – بعد الله تعالى – منَّة وأي مِنّة في عنق كل مسلم .
3/ إن من يهتدي على يد الداعية يكون عونا للداعية على أداء رسالته ، ويضم جهده إلى جهد الداعية ، وهكذا فإن الدعوة لا تتكاثر إلا عن طريق الدعوة ، ولا تتقوى إلا بالعناصر الجديدة الرافدة ، وما تغير حال المسلمين من السر إلى العلن إلا يوم أن دخل عمر وحمزة في دين الله ، وما تغير حالهم من الجماعة إلى المجتمع إلا يوم أن دخل الأنصار في دين الله تعالى .
4/ وإن الهداية أسلوب من أساليب النصر المادي ، ولكنه لا يتحقق في معركة ذات جرح وقرح ولا عن طريق السيف والسهم وإنما عن طريق” ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن “