قام بها انتقاما لخسائره

مجزرة أولاد يعيش.. شاهدة على همجية الاستعمار الفرنسي

مجزرة أولاد يعيش.. شاهدة على همجية الاستعمار الفرنسي

كانت مجزرة أولاد يعيش في البليدة التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي ليلة 17 سبتمبر 1956 انتقاما للخسائر التي ألحقها مجاهدو المنطقة بصفوف الجنود الفرنسيين في معركة وقعت نفس اليوم، شاهدة على وحشية الاستعمار الفرنسي الذي أباد القرية بأكملها.

وروى الباحث في التاريخ خالد طالب أن الحياة قد اختفت بأكملها في قرية أولاد يعيش بعد أن قتلت قوات المستعمر كافة سكانها

وأحرقت المنازل والمتاجر الموجودة بها، كرد فعل “وحشي” على الكمين الذي شنه مجاهدو المنطقة ضد العدو والذي سقط فيه 35 عسكريا فرنسيا بين قتيل وجريح.

وأضاف الباحث، أنه حتى الحيوانات لم تسلم من الانتقام، إذ أحرقت مع علفها، وقامت طائرات العدو بقنبلة وتدمير القرية

ودام الحصار والتقتيل والتخريب مدة أسبوع كامل، لتضاف أولاد يعيش إلى القائمة الطويلة للقرى الشهيدة التي دمرتها فرنسا انتقاما من سكان عزل لخسائر تكبدها العدو في ميدان المعركة.

وحسب السيد طالب، فإن سكان القرية كانوا قد استنجدوا بمجاهدي المنطقة بعد أن تمادت فرنسا في الاعتداء عليهم وسلب أراضيهم لإسكان المعمرين.

وتفاقمت الأوضاع أسبوعا قبل المجزرة، عندما قتل الاستعمار أحد مناضلي المنطقة، محمد بوجمعة المدعو “محا محفوظ” ونكل بجثته ورماها بمزبلة القرية لترهيب السكان، وشكلت هذه الجريمة “النقطة التي أفاضت الكأس بالنسبة للسكان الذين استغاثوا بمجاهدي المنطقة لتخليصهم من ظلم الجنود الفرنسيين

وغطرستهم”، كما قال الباحث.

وبتاريخ 14 أكتوبر 1954، عقدت قيادة مجموعة الـ 22 وقيادة المركزيين والإطارات الثورية لمتيجة، بالقرية، اجتماعا وطنيا ضم 35 مجاهدا تحت إشراف محمد بوضياف، شارك فيه لحول حسين وديدوش مراد ودخلي وبوشبوبة وكريتلي مختار وبوعلام قانون، محمد العيشي والطيب البرزالي وغيرهم، واتخذت خلال الاجتماع قرارات ومواقف حاسمة تخص مستقبل الثورة.

وفي النصف الثاني من سنة 1955 والنصف الأول من سنة 1956، كانت المنطقة مركز عبور لعدة شاحنات محملة بالأسلحة المهربة من عدة جهات.

وبعد اكتشاف العدو الفرنسي لبعض أسرار القرية، سلط جنوده على السكان وضاعف اعتداءاته وبدأ في التقتيل، فقرر قادة الثورة يوم 17 سبتمبر 1956، خلال اجتماع نظم بجبال قنيع بالصومعة ضواحي المنطقة، الانتقام من المستعمر، ونصب على إثر ذلك كمينا لدورية من الجيش الفرنسي، كما جاء في حديث السيد طالب.

وبعد غروب الشمس، وصل المجاهدون الـ 39 منقسمين إلى ثلاثة أفواج، وتمركزوا بين دوار أولاد يعيش وقرية المعمرين “دالماسي” يترقبون مرور قوات المستعمر، وكلف سبعة منهم بحراسة المكان. وفي حدود الساعة الثامنة والنصف ليلا وقع حوالي 35 عسكريا فرنسيا في الكمين، قتل منهم البعض وجرح آخرون.

وعندما همّ المجاهدون بجمع أسلحة العدو، ظهرت فجأة دورية أخرى لقوات الاستعمار وشرعت في إطلاق الرصاص في عدة اتجاهات، فانسحب المجاهدون بعد أن سقط أحدهم شهيدا.

وأمام الهزيمة النكراء التي ألحقها المجاهدون بالعدو في الكمين،

وفي نفس الليلة، اقتحمت القوات الفرنسية بأعداد كبيرة القرية، قادمة من مناطق مجاورة مختلفة، منها صومعة وبوفاريك ووادي العلايق والبليدة، وقتلت من السكان كل من ألقت عليه القبض ودمرت القرية بأكملها، بيوتها ومحلاتها وزرائبها وشردت من سكانها من لم تتمكن من الظفر به.

ويروي الباحث في التاريخ أن سكان المنطقة قاموا بعد المجزرة بحفر مقابر جماعية لدفن الشهداء والمدنيين الذين سقطوا يوم 17 سبتمبر وقد سقط أحد أبناء المنطقة، وهو يعيش عاشور شريف، شهيدا تحت رصاص الاستعمار عندما كان يهم بدفن ثلاثة من أبنائه سقطوا شهداء، فوُري الثرى مع أبنائه في نفس المكان.