إبادة جماعية لـ 118 مدنيا أعزلا بغازات محظورة

مجزرة غار أوشطوح بتاكسلانت… وصمة عار في جبين المستعمر الفرنسي

مجزرة غار أوشطوح بتاكسلانت… وصمة عار في جبين المستعمر الفرنسي

ستبقى مجزرة غار أوشطوح بتاكسلانت الواقعة غرب باتنة وصمة عار في جبين المستعمر الفرنسي، فهي جريمة شنعاء أباد فيها المستعمر الفرنسي ببرودة دم 118 مدنيا أعزلا أغلبهم نساء وشيوخ بغازات سامة محظورة، لتظل وصمة عار في تاريخه الأسود تذكّر ببشاعة وهمجية عساكره.

ويحفظ الناجون من هذه المجزرة في هذه القرية الجبلية النائية عن ظهر قلب أن جنود فرنسا لم يكتفوا بلف أحزمة ناسفة من المتفجرات حول شابين من سكان الجهة ودفعهما إلى داخل الغار وتفجيرهما بعدها وسط المدنيين العزل الذين كانوا متواجدين فيه، بل قاموا بقصف مدخل الغار بالغازات السامة ثم قنبلته بقناطير من المتفجرات، مما أدى إلى انهيار أجزاء منه وسقوط صخور ضخمة بجواره بالرغم من وجوده في واد سحيق وتحت جبال صخرية عالية .

وحسب شهادات حية لبعض الناجين من المجزرة ومنهم حارس الغار، محمد فريك، وكذا عمر مزغيش، “خلّف قصف العدو للغار مناظر مروعة، حيث تكدست فيه الجثث بين محترقة ومختنقة، فيما لم يصمد الكثير من الجرحى وتوفوا متأثرين بإصاباتهم البليغة”، موضحين بأن “القليل فقط من الذين كانوا محتمين بداخله استطاعوا مغادرته مع بداية الهجوم عليه بالغازات السامة ومنهم شخصين أعدما بعين المكان رميا بالرصاص”.

وتشير ذات الشهادات إلى أن سكان تاكسلانت والمناطق المجاورة لها كانوا يتخذون من الغار المتواجد في مكان آمن بتارشيوين المقابلة لجبل الرفاعة، ملجأ عند كل عملية تمشيط يقوم بها العدو نظرا لاتساعه وعمقه، مما جعل قيادة الثورة بالجهة تجعل منه في البداية مستشفى للتكفل بالمرضى والمصابين ثم ورشة لخياطة ملابس للمجاهدين.

وبشأن اكتشاف أمر الغار، أكد المجاهدان بلقاسم خرشوش وعبد الرحمن عبيدري في حديث سابق “جاء بعد معركة وقعت بجبل الرفاعة كانت متبوعة بتطويق العدو للمنطقة وتمشيطه لها مدعما بقوات الحلف الأطلسي، سبقه قبل ذلك لجوء سكان الجهة من المدنيين العزل إلى الغار بعد أن شاهدوا مروحية تعرف لديهم وقتها بالكشافة تحلق في سماء المنطقة، فتأكدوا بأن قوات العدو قادمة”.

وعلى خلاف العادة، سلك العدو في طريق عودته، وفق المتحدثين، مسلكا بوادي تارشيوين الذي يتواجد فيه الغار “مما اضطر أحد المحتمين بداخله إلى إطلاق النار على جندي فرنسي لدى اقترابه من المكان، مما لفت انتباه باقي زملائه وذلك مساء الـ 21 من مارس، لتتم محاصرة الغار بعد اكتشاف مدخله وإلقاء القنابل اليدوية بداخله طيلة الليل إلى غاية وصول الإمداد بالعدد والعدّة وبداية الهجوم الشرس على الغار ومن فيه بعد أن رفض المدنيون الاستسلام لتستمر العملية يومي 22 و23 مارس مخلفة مجزرة ذهب ضحيتها 118 شهيدا”.

وتؤكد شهادات حية للسكان أن رفات العديد من المدنيين الذين أبيدوا في هذه المحرقة الجهنمية مازالت داخل الغار، بعدما أغلقت الحجارة المنافذ إليها وبعضها الآخر تحت الصخور العملاقة التي انهارت بمحيطه جراء القصف المتواصل آنذاك، فيما تم بصعوبة كبيرة إخراج عدد من الرفات ليتم دفنها في مقبرة الشهداء بتينيباوين بتاكسلانت .

وغار أوشطوح الشهير هو عبارة عن مغارة عميقة تحت جبال صخرية أسفل أخدود في وادي سحيق يسمى بوادي تارشيوين نسبة لقرية تارشيوين ويقع في منطقة جبلية وصخرية جد وعرة، ويتطلب النزول إليه قطع حوالي 2 كلم مشيا على الأقدام عبر طريق ملتوٍ وجد خطير.